نابلس - المركز الفلسطيني للإعلام
حوَل اعتقاله المتكرر إلى مهمة صحفية متجددة ترصد أوضاع الأسرى وتكشف معاناتهم.. كيف لا وهو من نشر كتاب "بصمات في الصحافة الاعتقالية" يحكي خلاله ألم الأسر وأمل التحرر.. إنه الأسير الإعلامي الدكتور أمين عبد العزيز أبو وردة.
لا يعتبر أبو وردة اعتقاله بمثابة توقف عن ممارسة عمله الصحفي، بل يؤكد في كتابه أنه مع كل عملية اعتقال يبدأ مغامرة جديدة فيقول دائما: "الأسر والاعتقال لا يحد ولا يمنع الصحفي من مواصلة تأدية رسالته الإعلامية ونقل معاناة الأسرى للخارج كما هي؛ ومن خلال التجربة الحية المباشرة".
تجربة إعلامية خلف قضبان الأسر يجيد أبو وردة حياكة قصصها، والتي تأتي من حصيلة تجربة عاشها شخصيا خلال اعتقاله الإداري السابق؛ وها هو اليوم يعود لمهمة جديدة بعد أن أعاد الاحتلال اعتقاله ليحكم عليه بثلاثة أشهر إداري، قضى منها حتى الآن أكثر من شهر.
ناقل معاناة الأسرى
ويؤكد صحفيون والكثير من أهالي الأسرى من نابلس ومن مختلف مناطق الضفة الغربية؛ أن الإعلامي الدكتور أبو وردة يعد من أفضل وأنشط الصحفيين الفلسطينيين؛ حيث كان شمال الضفة الغربية وخاصة جامعة النجاح تنتظر برنامجه الإذاعي حول الأسرى في سجون الاحتلال بكل شوق لطمأنة أهالي الأسرى على أولادهم وأحبائهم.
وتقول والدة الأسير محمود حسن من نابلس أن الدكتور الأسير أبو ورده كان ينقل معاناة الأسرى وأحوالهم بكل نشاط ومصداقية ليخفف عن الأسرى وذويهم؛ ولذلك أحبه أهالي الأسرى وحزنوا لاعتقاله؛ فالاحتلال لا يريد أن يسمع أي صوت حول معاناة الأسرى.
وفي الضفة الغربية؛ تفتقد المؤتمرات والندوات الإعلامية حول الأسرى ومختلف القضايا الأخرى الأسير الدكتور أبو وردة؛ فقد كان أبو وردة يتحف الحضور بحديثه وما أعده من ورقات عمل حول تطوير الأداء الصحفي الفلسطيني.
وقبل اعتقاله الأخير، قال المؤلف الدكتور أمين أبو وردة، إنه بعيدا عن شخصنة حكاية الأسير، لكن اعتبار وجود الصحفي رهن الاعتقال، بداية لمهمة صحفية، تبدأ من اللحظات الأولى للأسر، ويتخللها كل المحطات التالية، ولا تنتهي بالإفراج، بل تتواصل بأشكال أخرى، لا تقل أهمية عن معايشة الحالة.
وأضاف أنه عاش العشر الأشهر التي أمضاها بالأسر، من أول طرقات الجنود على أبواب المنزل، وحتى تقبيل يدي والدته يوم الإفراج على مدخل معسكر سالم، لم يتوقف قلمه عن أداء الرسالة الإعلامية، حتى في أحلك الظروف، فكان الشعور بأنه في مهمة، وإن كانت غير اعتيادية، وكان الكتاب ثمار تلك التجربة.
مادة غنية للدارسين
ونوه أبو وردة أنه انطلاقا من كون ظاهرة الأسر تعد سمة تلاحق كافة الأمم والشعوب، سواء التي تناضل لنيل الحرية أو الشعوب التي تعاني الحرمان من الحريات، فإن رصد تلك الحالة من الناحية الأكاديمية وتوصيفها، توفر للدارسين مادة غنية تسهل عليهم التعامل مع مخرجات الحياة الاعتقالية، ويوفر مادة أكاديمية تحمل الشق النظري والتطبيقي مهمة وفي غاية الفائدة المرجوة.
وكل من يقرأ كتاب أبو وردة "بصمات في الصحافة الاعتقالية" الذي جاء في 232 صفحة من الحجم المتوسط، يعتبره مدخلا نظريا حول الصحافة الاعتقالية وأبوابا تطبيقية في ألوان العمل الصحفي، كلها منبثقة من البيئة الاعتقالية التي عايشها المؤلف بحذافيرها؛ وما زال يعيشها حتى الآن؛ متنقلا من سجن إلى آخر، وكل جريمته العمل الصحفي في نقل معاناة الأسرى وفضح ممارسات الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني.
وعن الكتاب، تقول "أم عمر" زوجة أبو وردة: "احتوى الكتاب على ثلاثة أبواب: الأول إطار نظري يتضمن مفهوم الصحافة الاعتقالية، وأهمية تحويل الصحافة الاعتقالية إلى مساق تعليمي، ووظيفة الصحافة الاعتقالية والبيئة الاعتقالية والتجربة الذاتية وانعكاسها للحالة العامة، ومميزات التجربة الصحفية الاعتقالية ومعيقات التجربة الصحفية الاعتقالية.
ويشير صحفيون فلسطينيون كثر ومن بينهم الإعلامي والكاتب بسام الكعبي في تقديمه للكتاب، إلى أن الإعلامي أبو وردة لامس أعدادا كبيرة من حكايات الأسرى، وتناول قصصهم ومعاناتهم ومسيرتهم النضالية وأحكامهم العسكرية التي صدرت بحقهم، وكذلك جهودهم الثقافية والرياضية والاجتماعية والسياسية وغيرها؛ وهو مجهود رائع في نقل معاناة الأسرى الفلسطينيين للعالم الخارجي.
وهكذا ما إن خرج الإعلامي أمين عبد العزيز أبو وردة من سجنه الإداري قبل أشهر قليلة؛ ليطبع كتابه بعنوان "بصمات في الصحافة الاعتقالية" كتجربة إعلامية خلف قضبان الأسر كما وصفها هو بنفسه؛ حتى عاد مجبرا ومكرها ليكرر بصمته في الأسر؛ حيث اعتقل فجر يوم الأربعاء (15-4) قبل يومين من ذكرى يوم الأسير الفلسطيني