الرئيسية / الأخبار / فلسطين
برنامج شؤون الأسرى...معبر التواصل الوحيد بين الأسير وعائلته
تاريخ النشر: الأثنين 22/02/2016 20:06
برنامج شؤون الأسرى...معبر التواصل الوحيد بين الأسير  وعائلته
برنامج شؤون الأسرى...معبر التواصل الوحيد بين الأسير وعائلته

 نابلس: عروب أبو عيشة الوزني

"بابا حبيبي  اشتقتلك كتير" كلمات ليست كأي كلمات بصوت طفلة ترسل برسالة إلى والدها داخل قضبان الاحتلال الإسرائيلي طفلة تكاد أن تبكي حرقة عل أبيها، الطفلة سما لم تتجاوز العاشرة من عمرها، كلماتها البريئة تحمل في طياتها مشاعر مليئة بالحب والشوق والحزن والأسى لعدم رؤية والدها الذي منعها السجان الإسرائيلي من رؤيته، وحرمها من حنانه وضمه وتقبيله لها، كلماتها تطبع قبله وردية على خده، وترسم البسمة وربما الدمعة على وجه والدها الذي يسمع صوتها كل يوم اثنين من خلال برنامج شؤون الأسرى عبر إذاعة صوت النجاح.

يقول الصحفي الأستاذ أمين أبو وردة عن تجربته في السجن:" أنه من خلال تواجدي داخل سجون الاحتلال كان برنامج شؤون الأسرى الذي تبثه اذاعة النجاح كل يوم اثنين كإتصالات تلفونية وكل خميس وجمعة كرسائل نصية هو حلقة الوصل الوحيدة بيني كأسير وبين عائلتي، كون أسرتي كانت ممنوعة من زيارتي لستة شهور، فكنت كل يوم اثنين انتظر بأحر من الجمر اي رسالة تصلني من عائلتي، فهذه  الوسيلة الوحيدة للتواصل مع الأهل، فكوني معتقل اداري كان لا يوجد زيارة للمحامين لي، فالوسيله هي الاستماع عبر برنامج اذاعي وهو برنامج شؤون الأسرى".

اعتماد كامل على البرنامج

ويضيف ابو وردة ان هذا كان ينطبق على عشرات المعتقلين خاصة معتقلين الخليل وجنوب الضفة الغربية الذين تم نقلهم لسجن مجدو، فكانوا يعتمدون على هذا البرنامج للتواصل مع أسرهم حتى ينقلوا لهم الأخبار، أو لإيصال معلومة كموعد المحكمة والمخصصات لهم، أو إرسال الملابس لهم مع أهل أسير أخر، فالبرنامج كان بمثابة حبل النجاة للأسير للتواصل مع العالم الخارجي.

ويبين أبو وردة أن الأسير كان إذا وصلته رسالة تقدم له التهاني من قبل رفاقه الأسرى في السجن لفرحهم له، وكذلك في حالات الوفاة كخبر وفاة الأب أو الأم أو الجد أو غيره من عائلة الأسير يذهب الأسرى الى غرفة الأسير بالتناوب ويقدمون له التعازي ويواسونه بوفاة الميت، فالأسرى يقفون مع بعضهم سواء بمناسبات الفرح أو العزاء، ويتابع أثناء بث البرنامج يكون جميع الأسرى متابعون بإصغاء ويضعون السماعة والراديو ويجلسون لسماعه بعد الانتظار، وعند سماع رسالة لأحد من رفاقهم يصرخون ويهنئون الأسير بوصول رسالة له، إضافة إلى أن الأسرى يعاودون سماع البرنامج مرة أخرى ليلا بحلقة الإعادة، لأن الليل له رونق آخر خاصة لدى الخطاب والمتزوجون، ويتذكر أبو وردة أن البث انقطع مرة فكان الجميع يشعرون بالخوف والحزن خوفا من وصول رسائل لهم دون تمكنهم من سماعها.

رسالة وطنية واجتماعية

 يقول  مدير البرامج والتحرير في اذاعة النجاح الأستاذ عنان الناصر فكرة البرنامج نشأت مع بداية نشأة الإذاعة كرسالة وطنية واجتماعية للتواصل ما بين الأسرى وذويهم خاصة مع اندلاع انتفاضة الأقصى واستمر البرنامج طيلة السنوات الماضية أي منذ أكثر من 12 عشر عاما مع بعض التغييرات بموعده ووقت بثه ومدته حسب الأوضاع والحاجة.

ويوضح الناصر أن هناك إقبال كبير جدا على البرنامج وهذا يتضح كل يوم اثنين الساعة الثانية ظهرا، من خلال اتصالات المواطنين المتواصلة قبل أن يبدأ البرنامج بحوالي ساعة وتستمر حتى بعد انتهاء البرنامج بساعة وربما أكثر، واستشعارا مع تطلعات الأهالي والمواطنين الذين لا يحالفهم الحظ بالاتصال تم استحداث برنامج خاص برسائل الأهالي من خلال تسليمها باليد أو عبر الفاكس أو عبر صفحة الفيس بوك الخاصة بالإذاعة، ونتلقى ما يزيد عن 200 رسالة أسبوعيا، حيث تم تخصيص حلقتين للرسائل المكتوبة وهي تعطي المجال لمن لم يحالفهم الحظ بالاتصال من خلال التواصل بالرسائل ويتم قراءة جميع الرسائل التي تصل للإذاعة حيث أصبح لدينا ثلاث ساعات بث للأسرى ساعة اتصالات مباشرة وساعتين للرسائل المسجلة.

ويبين ابو وردة ان البرنامج تم تجديده  نتيجة بحث أجراه في السجن عام 2012 حول متابعة أبرز وسائل الاعلام وأهم الاذاعات وترتيب متابعة الاذاعات حيث كانت اذاعة النجاح في المرتبة الثالثة بين 48 اذاعة مسموعة وعندما أبلغ ادارة الاذاعة عن هذه النتيجة وكيف من الممكن أن تصبح في المرتبة الاولى اذا قدمت برامج للأسرى حيث كان هناك برنامج للأسرى سابقا بشكل اخر لكنه توقف، ويشير أنه بعد اعتقاله للمرة الثانية العام 2015 قام بإجراء بحث اخر فأصبح ترتيب اذاعة النجاح في المرتبة الأولى وهذا يؤكد أهمية برنامج الاسرى في تطوير الاذاعة وحصولها على افضل المراتب .

دموع وتعاطف

"يما حبيبي كيفك احنا كلنا بخير وبس ناقصتنا شوفتك" تقول الحاجة ام محمد والدمعة تكاد تسقط من عينها والحزب باد في عينيها كل يوم اثنين تجتمع العائلة لنتصل هاتفيا  مع بني عبر برنامج شؤون الاسرى ونرسل له رسالة ننقل فيها اخبار العائلة حتى يطمئن قلبه ويسمع صوتنا فهذا هو طريقنا الوحيد لنتواصل معه ويعلم اخبار العالم الخارجي.

ويشير ابو وردة أنه  بعد خروجه من السجن عاد لتقديم البرنامج من باب استلام الرسائل كمهني وكأسير عاش مع الأسرى ويعلم ما أهمية البرنامج لهم فيقدم البرنامج كل يوم اثنين مع الزميلة امل عبد السلام القاسم، وعندما يتصل الاهل لإيصال رسالة لأسير كان يعيش معه في نفس الغرفة  كان  يتصور كيف يكون الاسير ينتظر داخل غرفة السجن هذه الرسالة ويسمعها، ويبين  انه كان في بعض الاحيان يدخل على الخط ويبلغ سلاماته لهذا الاسير.

يقول ابو وردة:" وجودي في هذا البرنامج هو رسالة للأسرى فانا كنت اسير انتظر هذه الرسائل بشغف كما ينتظرها الاسرى أما الان أصبحت حرا وهذه رسالة أمل الى كل الاسرى انهم سيخرجون ويحتضنون عائلاتهم ويعودون الى حياتهم الطبيعية كما عدت الى أسرتي فلا يأس مع الحياة".

 

ويعبر الناصر عن حزنه وفرحه  فمشاعره من الممكن أن تكون ما بين الحزن بما تعاني منه هذه الأسر والمعاناة التي تتكبدها، وما بين الفرح المصحوب بالحزن، الذي ربما يصعب وصفه، ويقول:" نحن دائما نتمنى أن يتوقف البرنامج وتنتهي معاناة الأهالي والأسرى و الأسيرات، أي نتمنى أن يتم تبييض السجون ويخرج كافة الأسيرات والأسرى، حتى نوقف بث هذا البرنامج الذي له أهمية كبرى في ايصال الأهالي بأبنائهم من خلال الأثير".

ويتابع الناصر نحن نستشعر أنه من ضمن الواجب الوطني والاجتماعي والأخلاقي علينا أن نستمر بتقديم هذا البرنامج، ومن هنا نحن لا ننتظر الشكر فهذا واجبنا ونأمل أن نكون ساهمنا بالتخفيف من معاناة الأهالي وأبنائهم آملين تحرر كافة الأسيرات والأسرى وأن نكون قدمنا جزء يسير ولم تكتمل الفرحة إلا بخروج كافة الأسيرات والأسرى.

 

 

 

تابعونا على فيسبوك
تصميم وتطوير: ماسترويب 2017