الرئيسية / مقالات
و سلام على معلمي فلسطين بقلم سامر عنبتاوي
تاريخ النشر: الخميس 03/03/2016 09:28
و سلام على معلمي فلسطين بقلم  سامر عنبتاوي
و سلام على معلمي فلسطين بقلم سامر عنبتاوي

 لم اشهد في حياتي كفلسطيني حركة اكثر نبلا و اكثر صدقا و اكثر تنظيما و اكثر اخلاقية من حراككم ايها القدوة ..معلموا فلسطين ..صبرتم و تفانيتم و قدمتم للابناء عبر عشرات السنين دون كلل او ملل ..و بخطى ثابتة واثقة كتمتم آلامكم و عضضتم على غيظكم و ربطتم بطونكم و بطون ابنائكم بتقشف و قناعة ..وظللتم وطنيون مرتبطون بارضكم و قضيتكم ..فانشأتم الاجيال و خرجتم من تفوقوا عليكم بالمركز و مستوى الحياة و المعيشة ..رأيتم تلاميذكم يلهون بهواتفهم الخلوية التي يفوق ثمن احدها معاشكم الشهري ..اسهمتم ببناء المجتمع الذي لم يساعدكم بكفاية عوائلكم و ابنائكم ..و طلب منكم الصبر و الصبر دائما ..و قيل لكم ابقوا كما انتم هذا هو قدركم فاقبلوا به و حذار ان ترتفع اصواتكم فهذا حدكم .

 

و عندما صرختم و طالبتم بتحقيق القليل الذي وعدتم به قيل انكم مسيسون و موجهون و هناك من يحرككم و يستغلكم خدمة لاهدافه ..فخرجتم بحراك قل نظيره ..لم تتجاوزوا اي حدود و لم تخرجوا على النظام و القوانين ..حقيقة ابهرتم الجميع بمستوى التنظيم و الاناقة في الاداء ..و لم يشفع لكم ذلك كله فحدد لكم من يمثلكم و ان رفضتموه ..و عقدت معهم الاتفاقات دون قبولكم او حتى اعلامكم و طلب منكم الالتزام بها و الا فانتم خارجون عن القانون و انتم تعطلون مسيرة التعليم و التحرر و الخلاص من الاحتلال .
عندما ضاقت بكم الحياة بسبلها و غلاء معيشتها تحركتم تطالبون بتطبيق اتفاق عام 2013 و عندما لم تكن الاستجابة كافية طالبتم باسماع صوتكم مباشرة فلم تجدوا الآذان الصاغية فامتزجت الكرامة بالمطالب و اصبحتم تدافعون عن كرامتكم و كيانكم و اصبحت الكرامة اهم بالنسبة لكم من المطالب المالية رغم اهميتها ..و انتم لاتطلبون اكثر من طاولة الحوار اسوة بغيركم من الشرائح ..و لم يستجب لكم ..تعاظم دعم المجتمع لكم بفعالياته و مجتمعه المدني و تعالت المطالبات بالحوار المباشر معكم و كان الجواب : ممثلهم هو من لا يمثلهم و لا حوار الا معه ! مهم جدا ان يكون لكم ممثلين يأتون من انتخابات حرة و نزيهة و لكن هل من المعقول وقف المسيرة التعليمية حتى انجاز الانتخابات ..لقد قمتم بخطوات ذكية فانشأتم حراك موحد يمثل الغالبية و يقود النضال النقابي و المطلبي لحين الانتخابات و لكن الرد بقي على حاله ..لا حوار مباشر و انتم من تتحملون وقف التعليم و تبعاته .
 
و استمرت حالات تجزئة موقفكم الموحد و الدخول بين صفوفكم لاجهاض وحدتكم و ترافق ذلك بتأليب موقف اولياء الامور و المجتمع في مواجهة تحرككم ...و بقيتم ثابتين و مستمرين .
فيا معلم العربية علمنا ان قواعد الافعال تتمثل في الماضي و الحاضر و ليست محصورة بالامر ..و يا معلم الرياضيات علمنا ان القسمة لا تكون الا بالعدل و التساوي ..و يا معلم الفيزياء علمنا ان قوانين الطبيعة تتحول نحو الافضل و التقدم لا العودة الى الخلف ..و يا معلم الكيمياء علمنا ان التفاعل يكون بين كل الاجزاء و النتيجة مركب متجانس ..و يا معلم الرياضة علمنا ان العقل السليم في الجسم المجتمعي السليم.. و يا معلم الادب علمنا كيف كان ادبكم و حكمتكم في حراككم ..و يا معلم التاريخ علمنا كيف صان المعلم تاريخنا و حفظه و علمه و بقي وفيا له ...و يا معلم الجغرافيا علمنا كيف ان فلسطين بسهلها و مائها بجبالها و وديانها ملكا لكل الفلسطينيين يعيشون عليها بعزة و كرامة ..و يا معلم الاحياء علمنا ان الامة تحيا باحترامها لكل مكوناتها في بيئة حيوية يكمل فيها كل الآخر ..و يا معلم اللغات علمنا ان نتحدث كل لغات العالم و نعيش بلغتنا العربية بعزتها و كرامتها ..و يا معلم الاديان علمنا ان ديننا الحنيف يرشدنا الى التكاتف و المحبة و سبل العيش الكريم و الكرامة و اعطاء كل ذي حق حقه و يعلمنا كيف نحترم معلمينا..و يا ايها المعلمون جميعا علمونا كيف نكون منضبطين محترمين متماسكين في المطالب العادلة و العيش الكريم.
ان ما يحرك معلمينا ليست الاجندات و لا الجهات المحركة ..ما يحركهم الكرامة و الجيوب الخاوية و هم ايضا اولياء امور و هم متعلمون واعون لاهمية التعليم في خدمة الوطن و واعون ايضا لظروفنا الحياتية الصعبة وهم غير معزولين عن حالتنا الوطنية و تربص الاحتلال بنا ..هم واعون لكل ذلك و جل ما يطلبونه احترام ارادتهم و تحقيق كرامتهم و هذا يتطلب الجلوس في حوار مباشر معهم و الخروج بحل يحفظ الكرامة و الحقوق ..و بين ايدينا الآن مبادرة الاسرى و مبادرة الكتل النيابية و المجتمع المدني و قد وافق عليها الحراك الموحد ..فلتلتقط الحكومة هذه الفرصة السانحة و لتحاورهم باحترام و لتعود المسيرة التعليمية قبل فوات الاوان و هذا المطلب واقعي و ليس مستحيل ..
سادتنا المعلمون لكم منا كل المحبة و التقدير و الاحترام .
سامر عنبتاوي 
3-2-2016
 
تابعونا على فيسبوك
تصميم وتطوير: ماسترويب 2017