الرئيسية / مقالات
صانعوا الارهاب بقلم سامر عنبتاوي
تاريخ النشر: السبت 26/03/2016 05:07
صانعوا الارهاب بقلم سامر عنبتاوي
صانعوا الارهاب بقلم سامر عنبتاوي

 اختلف العالم كثيرا في تعريف الارهاب و حتى اللحظة لا يوجد تعريف عالمي متفق عليه ..لذلك يعرف الارهاب وفقا للمصالح و يأخذ اشكال التجريم للاعداء المفترضين بدل الذهاب الى تعريف علمي جامع و محايد يفرق ما بين الارهاب و المقاومة و الارهاب و الدفاع عن النفس ..و التعريف المطلوب يجب ان يأتي بعد دراسة تاريخية مستفيضة و محايدة ايضا تأخذ كافة العوامل و المؤثرات و لا تتبنى وجهة نظر القوي و تصف الارهاب بوصفه الحقيقي ..فهو ليس مقصورا على الجماعات و لا صفة لطبقة او حزب و انما هناك الارهاب المنظم الذي يشمل الدول و المجموعات الدولية ..و ايضا الارهاب يأخذ اشكالا متعددة فهناك الارهاب الفكري و الثقافي ..و الارهاب الاقتصادي و الاجتماعي و هناك الاشكال الدينية للارهاب و هناك الارهاب العنفي الذي يستعمل السلاح بهدف القتل و ازاحة السكان و السيطرة على الاراضي و الممتلكات و هذا هو اعنف او ابرز اشكال الارهاب الذي تقوم به الجماعات و الدول و المجموعات الدولية و هو يشكل الوجه المباشر للارهاب كونه يؤثر مباشرة على حياة الافراد و المجتمعات و كثيرا ما يأخذ الصفة الدينية او المذهبية او العرقية عبر التاريخ .

الارهاب يشكل وسيلة قوية لخدمة المصالح و الاجندات و بذلك فهو العامل المحرك للعنف و نستطيع ادراج الحروب المحلية و الاقليمية و العالمية في نفس السياق ..اليس استعمال العنف المفرط في الحروب ارهابا ؟ اليست محاربة الطبقات المقهورة و قادة الحركات النقابية ارهابا ؟ اليس استعمال الدين و العرف الاجتماعي لخنق الحريات ارهابا ؟ الم يكن استعمار الدول النامية و سرقة خيراتها و قتل و سجن و ابعاد مناضليها منذ بدايات و اواسط القرن الماضي ارهابا ؟ ثم هل الارهاب هو سمة حقبة زمنية محددة او شعوب محددة او ديانات او طوائف محددة ام ان الارهاب موجود في كل زمان و مكان و باشكال و تعبيرات مختلفة ..الم تبدأ الخليقة بان قتل قابيل اخاه هابيل ..الم يكن هذا ارهابا ؟ يقودنا ذلك كله الى الضرورة الملحة لتعريف ما هو الارهاب حتى يتمكن العالم من مواجهته ..و اردت من هذه المقدمة ان ادخل الى جوهر الموضوع و الحالة التي نعيشها في هذا الزمن الذي يتنامى فيه الارهاب و باشكال متعددة .
يحاول كثير من الحاقدين و المستفيدين من الامر خاصة في الغرب الصاق تهمة الارهاب بالعرب و المسلمين و يبرهنوا على ادعائاتهم بتنامي الفكر الراديكالي الذي يحكم الجماعات المتسترة بالدين الاسلامي و اساليبها الدموية المنقولة عبر وسائل الاعلام و التي غالبا ما تضخم خدمة لمروجي هذه التهم - و هذا لا يعني انني اقلل من فداحة و حجم الجرائم التي تحصل - و يقال فيما يقال انظروا ..لماذا العنف محصورا في منطقة الشرق الاوسط ؟ و لماذا من يقومون بالعمليات الانتحارية في انحاء العالم هم مسلمون ؟ اليس هذا دليلا على صحة ما نقول ؟ ((نعم ان العرب دمويون و الدين الاسلامي هو الداعي الى العنف و هذه هي النتائج التي نراها يوميا)) ...و مروجوا هذا الكلام هم مجموعات دولية و نقاط تحكم عالمية اقتصادية و فكرية لا تخفي عدائها للعرب و المسلمين .
ساحاول في هذه العجالة الاجابة على سؤالين ..الاول : هل فعلا الارهاب صفة عربية اسلامية ؟ و الثاني : لماذا يتنامى الارهاب في مجتمعاتنا العربية و الاسلامية .
للاجابة على السؤال الاول فلا بد من مراجعة تاريخية للصدامات و الحروب في العالم و التي اودت بمئات الملايين من البشر عبر التاريخ من خلال الحروب التي كانت غالبا اسبابها اقتصادية و مرورا باحلال الاجناس البشرية الاقوى مكان الاضعف كامريكا و دولة جنوب افريقيا و مرورا بالحروب العالمية الاولى و الثانية التي استعملت فيها اسلحة الدمار الشامل و آخرها النووي في هيروشيما و ناغازاكي ..طبعا هذا بعد مراجعة العصور القديمة و الملاحم التاريخية التي ازهقت حياة شعوب باكملها و دمرت مدن و ثروات طبيعية ..فهل كان العرب و المسلمون وراء كل هذا ؟! الثورات ضد الاستعمار في خمسنيات و ستينيات القرن الماضي ذهب ضحيتها الملايين - و الجزائر من اكبر الامثلة على ذلك - و الضحايا كانوا من العرب المسلمين و الاسباب اقتصادية بحتة بهدف الاستيلاء على البلاد و الثروات من قبل الغرب ..و حتى الحروب الصليبية التي تسترت بالدين و كانت الاهداف الاقتصادية فيها واضحة و التي ازهقت ارواح ودمرت مدن و ادخلت المنطقة في حالة من التراجع على كافة المستويات ..فهل كان سبب هذا الارهاب العرب و المسلمون ؟!
الم يكن دوراجدادنا الدفاع عن النفس و الارض و الكرامة ؟ و لم يخرجوا من البلاد العربية الا بعد تقسيمها الى دويلات جسب خطة سايكس بيكو و بعد زرع الغول السرطاني الاستيطاني المسمى ( اسرائيل ) و الذي يقسم العالم العربي الى قسمين ..و سمي الرفض العربي و المقاومة العربية لهذا الاستيطان الدموي ارهابا ..اما عناصر الحركات الصهيونية الدموين من شتيرن و ارغون و الهاجاناة و غيرهم فهم حركات تحرر و بناء للمجتمع الديمقراطي ..و بقي الحال حتى يومنا هذا عبر الدفاع المنافق للغرب عن الاحتلال الدموي و وصم المقاومة الفلسطينية بصفات الارهاب .
و الحقيقة هنا ساطعة و لا مجال لضحدها و انكارها ..فالارهاب موجود منذ بدء الخليقة و ينتشر بالمجتمعات و العرب و المسلمين احد اهم ضحايا الارهاب المنظم و ليس العكس .
و للاجابة على السؤال الثاني حول تنامي الارهاب في مجتمعاتنا العربية و الاسلامية ساحاول الكلام بكل صراحة و موضوعية ..و هنا اعتقد ان هناك اسباب ثلاث رئيسية لتنامي الارهاب في مجتمعاتنا اتناولهم بشكل مختصر قدر الامكان :
- المدارس الدينية و الموروث المشوه و الفهم الخاطيء للدين الاسلامي الذي نشأ منذ عقود طويلة و زرع مفاهيم متعلقة بالعنف و عدم قبول الآخر و للاسف فان هذه الافكار و جدت المناخ الملائم مستغلة حالات من الجهل و الظلم الذي سنتناوله في الاسباب التالية لتزرع في عقول شبابنا مفاهيم العنف و القتل ومما ادى الى ظهور جماعات دينية متطرفة تحمل اسما صفة الاسلام و واقعا هي ابعد ما تكون عن المفاهيم السمحة لدين الرحمة و المحبة ..و قد غذى هذه المفاهيم رجال دين و مجموعات فكرية اصابت جوهر الدين و مبادئه ..و ما نشاهده من مجموعات تتصف بالقتل و الارهاب و انتهاك كافة الحرمات و التي بدأت في سبعينيات القرن الماضي من خلال التكفير و الهجرة و الجهاديين في مصر و حتى ظهور القاعدة و كانت الحرب في افغانستان للتخلص من السوفييت في حينه من اهم و اكبر حالات تجميع الشباب ضمن هذه المجموعات و تعاليمها العنيفة .و ما نراه اليوم من اشكال في العراق و سوريا و ليبيا و اليمن و مصر ما هي الا تعبير عن هذه الاشكال و التراكمات .
- السبب الثاني هو ظهور دولة الاحتلال الاسرائيلي على ارض فلسطين و احتلالها لبعض الاجزاء من الدول العربية ..و عجز و عدم قدرة الجهات القومية و اليسارية على مواجهة هذا الاحتلال و تماديه في قمع الشعب الفلسطيني و تغوله على الاراضي و الموارد ليس فقط الفلسطينية بل العربية و الاسلامية ايضا ..كل ذلك كان احد اهم اسباب انجراف الشباب العربي و المسلم الى التطرف و الانتماء للجماعات الدينية اعتقادا منهم انها السبيل الوحيد لمواجهة ما يواجه العرب و المسلمين و كان الاحتلال عامل داعم و مساعد لنشوء و تضخم هذه الحركات و باهداف متعدده اهمها وصم رفض الاحتلال بصفة الارهاب و اظهار دولة الاحتلال كواحة للديمقراطية وسط بحر من الدماء ..و ايضا لعبت على لعبة التوازنات و اجهاض الحركات القومية من خلال تغزيز دور هذه الجماعات ...كما و يسهل امكانية التحول للدولة اليهودية ضمن الصراعات الدينية و الاثنية القائمة .
- السبب الثالث يكمن في دعم الحركات العالمية ممثلة بالماسونية و الصهيونية العالمية و مرتبطة بجهات المصالح و النفوذ في الولايات المتحدة و اوروبا التي احتضن منها و غذى و دعم نشوء الحركات المتطرفة بهدف انهاك الكيانات القومية و سياسة الاحتواء المزدوج و تسهيل الدخول و العبث في الاوضاع الداخلية لدول المنطقة و ايضا وصم المجتمعات و التحركات بالارهاب مما يسهل الانقضاض و تحقيق المكاسب الاقتصادية و السيطرة على منابع النفط و الغاز و الموارد الطبيعية ..فاحتضنت بعض الحكومات الاوروبية بل سهلت وجود و تنقل الحركات المتطرفة و وجهتها الى الدول المستهدفة بدءا في العراق فليبيا فاليمن فسوريا و مرورا بمصر ..و استعملتها كعامل ردع و تخوييف لكل دول المنطقة مما يسهل التدخل و اعادة تقسيم المنطقة اثنيا و طائفيا سيما بعد تبني الحركات المتطرفة للتوجه الطائفي و اللعب على الخلافات السنية - الشيعية .
فيايهالاوروبيون ..وايهالعالم ...دعونا نقسم العالم قسمين ...قسم يقتل و يدمر و يرهب و يدعم قوى الارهاب ..و قسم يدعو للسلام و امن الشعوب و الدفاع عن المظلومين ... فلا تلبسوا العرب و المسلمين ثوب الارهاب و القتل ..فمنكم من منهم و يدعمهم لمصالحه ..و منا الكثير من ليس منهم بل يحاربهم و يلفظهم و يرفض ما يدبرون ...اذا هذه هي المعادلة فالمعركة ليست بيننا و بينكم بل بين قوى الخير و قوى الشر ..و اقولها بصراحة منكم كثير من دعم قوى الشر لتمرير مصالحه على حساب شعوب المنطقة و اولها الاحتلال المسبب الاول لما يحصل عندنا و عندكم ..و بالتأكيد منكم قوى الخير و الانسانية ممن يرفضون القهر و ظلم بني الانسان ...ما يحصل في سوريا و العراق و اليمن و ليبيا و باريس و بروكسل و ..و .. وما يحصل في فلسطين ..علاجه دعم قوى السلام و الحرية و محاربة اصحاب المصالح على جماجم البشر ..و دعونا نخلص من قصة منابع الارهاب فمنكم من احتضنهم و مولهم ..و منكم من شرع حكم الاستبداد في بلادنا و انشأ منابع و اوكار الارهاب ..القضيه يا اعزائي قضية اما الحرية و العدل لكل الناس و اما الدمار العالمي حيث لا نجاة لاحد
ان تصنع و تدعم و تغذي الارهاب ضد الآخرين معتقدا انه لن يرتد اليك ..فهذا هو الغباء بعينه ...فعند محاولة حرق نصف الغابة لن تستطيع وقف نارها على حدود النصف الذي تملكه ...هذا باب العقل و المنطق و ليس باب الشماتة ..و النتيجة متوقعة منذ زمن.
فيا صانعوا الارهاب اوقفوا آلاتكم المصنعة و تعالوا جميعا لمحاربة الارهاب الذي يمس الجميع و لن يقف في حدود منطقتنا فسيعم العالم باجمعه ان لم نتفق على تعريفه و سبل مواجهته .
سامر عنبتاوي
26-3-2016
 
تابعونا على فيسبوك
تصميم وتطوير: ماسترويب 2017