mildin og amning mildin 30 mildin virker ikke"> بيت من لا بيت له ..نزلاء قليلون في بيوت يرفضها المجتمع - أصداء mildin og amning mildin 30 mildin virker ikke">
الرئيسية / الأخبار / فلسطين
بيت من لا بيت له ..نزلاء قليلون في بيوت يرفضها المجتمع
تاريخ النشر: الثلاثاء 29/03/2016 18:40
بيت من لا بيت له ..نزلاء قليلون في بيوت يرفضها المجتمع
بيت من لا بيت له ..نزلاء قليلون في بيوت يرفضها المجتمع

 

كتبت:رانيا الشيخ 
إنها الحادية عشراً ظهراً، من مساء يوم الثلاثاء الموافق 16/3 توجهت من الجامعة في الحرم القديم الى بيت رعاية المسنين في نابلس، مشياً على الأقدام, حيث لا يبعد عنها كثيراً, وأنا أمشي أفكر هل يوجد قصص غريبة وحزينة سأسمعها حين وصولي؟ هل هناك أبناء ألقوا بآبائهم وأمهاتهم في هذا البيت لسبب ما ؟! أم الزمن والتقدم في السن أحضرهم الى هنا !! وهل من البر ارسال الوالدين المسنين أو أحدهما الى هذا البيت ، وما الدافع وراء ذلك ؟!أسئلة عدة راودتني لحين وصولي ,جميعها تحتاج أجوبة كثيرة ,دخلت وإذ  بحارس البوابة يتفح لي الباب ويقول تفضلي .
في الخارج ملابس معلقة على الحبل ، تبدو من بعيد أنها لأحد كبير,حديقة مزروعة بأشجار وأزهار هنا وهناك, كان الجو غائماً ثم أمطرت قليلاً ,عند دخولي سمعت أصواتاً تتعالى بالضحك والحديث كل واحدِ مع الآخر, رائحة الطعام تشمها من بعيد ,وإذ بعجوزِتلتقيني عند الباب وتسألني"انتِ رايحة ولا جاية ,أهلا وسهلاً" الكثير منهم جالس يفكر  وسارح بعيداً, والآخر يشاهد التلفاز ,احدى الممرضات الموجودات أدخلتني الى مكتب المديرة, رحبت بي كثيراً ,وأخذت تعرفني على العجائز وعلى المركز,استئذنت قائلة "خذي راحتك" , وعادوت الى مكتبها.
من جدران بيت العائلة الى جدران دار العجزة
غرفة كبيرة تتوسطها طاولة واسعة ,وتلفازِ بشاشة كبيرة ,يجلسون معاً, ويتناولون الطعام فيها ,أحضرت كرسيّ وجلست بجانب عجوز وبدأت الحديث معه , يُدعى أبو صلاح (60عاماً) بعيون حزينة,وقلب ملهوف لرؤية أبنائه ,ودقيقة صمت سرح بها بعيداً ,ليستذكر عائلته ,بدأ قائلاً :" منفصل عن زوجتي وأبنائي الذين يسكنون في الأردن , كنت أسكن في منشار حجر, غرفة تفتقر للنظافة ولكافة الإحتياجات الأولوية, التي يستطيع أن يعيشها الإنسان ,وأعاني من جلطة أثرت على نطقي وحركتي ,طلبت من الهلال الأحمر أن يزورني لألتحق ببيت المسنين ,بالرغم من وجود أبنائي الذين لا يسألون عني أبداً , فلبوا طلبي وجئت الى هنا ,قاموا بتقديم الرعاية لي وعمل تمارين حركية حتى تتحسن الحركة والنطق لدي,بدأت أمشي على (الووكر) ثم حالياً على العصا ,وتم اجراء عملية لعيني وتتماثل بالشفاء الآن ,وأحمد الله كثيراً على حالتي هذه ".

في زاوية أخرى عجوز تجلس على الكرسيّ ,ذهبت اليها وجلست بجانبها وسألتها ما الذي أتى بكِ الى هنا ,بوجه شاحب تعلوه ملامح الحزن,وعينين دامعتين ,يشتكيان الى الله ظلم البشر تحدثت أم خالد( 77عاماً) "والله يا بنتي هالدنيا مليانة ظلم وأصعب اشي تنظلمي من ولادك الي قضيت طول عمري وأنا أربي فيهم "  أربعة أولاد ذكور لا أنثى بينهم ,بعد تعب ومشقة في نهوضهم للحياة وصنعت منهم الرجال ,فمنهم الدكتور والمهندس والمحامي وواحد غير متعلم , تزوج أبنائي الأربعة وذهب كلِ منهم  الى حياته وأولاده ,وتركوني لوحدي , طرقت باب هذا وهذا , ولا أحد يسأل عني , الى أن أصبح الناس يعايرو أبنائي بأمهم ,وهم غير مباليين , اتفقوا حينها الى أن يضعوني في بيت العجزة ليرتاحوا مني ,وهذا ما حصل لي الى هذا اليوم ,ويزوروني كل سنة مرتين , متشوقة أن أصحوا لأتناول الفطور معهم وأن أسهر معهم وأبادلهم أطراف الحديث ". 
 

استرحت قليلاً بعد أن أصابتني غصة كبيرة في قلبي بعد سماعي هذه القصص المؤلمة ,كيف وصل بنا الحال الى وضع آبائنا وأمهاتنا هنا ؟!! 
رجل عجوز ينظر لي من بعيد ويناديني لأسمع قصته الحزينة ,عيناه تذرف دمعاً ,لم تتوقف عن البكاء لحظة , ما أصعبها أن ترى عجوز يبكي ,أخذ نفساً ثم تحدث أبو عمر (75 عاماً)  عملت منذ كان عمري (15 سنة) في الدهان ,كنت أكسب كثيراً من المال ,تزوجت في العشرين أول زوجة والثانية في 28 ,أنجبت من الذكور 6 ومن الإناث 5 ,وعملت في مجال عملي الى أن تزوج أبنائي وبناتي ,ابني الكبير دكتور والأصغر منه مدير لإحدى الجميعات التعاونية , والكل منهم مرتاح , تأرجحت حياتي مابين الزوجة الأولى والثانية ,وأصبحت المشاكل لا تنتهي الى أن كبرت وتوقفت عن العمل ,فاتفق أبنائي على ذهابي الى بيت المسنين, وها أنا هنا لا أحد يزورني ولم أراهم منذ 5 سنوات ".
لمعرفة أحوال هذا المركز وكيف يعتنون بالمسنين الموجودين تضيف مديرة المركز بداية كنعان " يوجد لدينا 18 مسن ومسنة ,نقدم لهم ثلاثة خدمات ايوائية (أكل /شرب/نوم) وخدمات تمريضية بوجود قسم تمريض يتابع حالاتهم من الساعة 8_10 ليلاً وخدمات اجتماعية نفسية هدفها خلطهم بالمجتمع , حيث يتم عمل برنامج كل أسبوع بالخروج خارج المركز كرحلات ترفيهية للمقتدرين فقط بهدف كسر الروتين اليومي لديهم, هناك شروط لقبول المسن لهذا البيت من ضمنها أن يكون عمره فوق 60 سنة , ولديه القدرة على قضاء حاجته, حيث يتحول المسن لدينا عن طريق الشؤون الإجتماعية الذين يتلقون المساعدات مع تطابق الشروط التي تم ذكرها ,أو عن طريق الأهل يحضروهم للبيت , أو عن طريق المحافظة والبلدية ,تأتينا حالات مرضية منها (السكري, القلب ,ضغط الدم ,المرض النفسي )ونكمل علاجها , وهذا البيت قائم على أهل الخير ".
تشير كنعان " نتمنى أن يكون بيت أكبر يتكون من غرف منفصلة عن الأخرى فيها سريران وحمام يشعر فيه المسن بالإستقلالية أكثر ,لأنه حالياً الغرفة الواحدة فيها 6 أشخاص , ومشاكل دائمة حول خصوصية كل واحد منهما ماذا يريد , يبدأ يومهم بشكل عادي ,يتناولون الطعام بشكل جماعي ليشعرو بالألفة والمحبة , هناك فعاليات تتم يومياً ".
تعبر عن أسفها بأن الكثير من الأبناء لا يزوروا والديهم إلا مرة كل سنة أو شهر, بالرغم بأن بعضهم يطلب ابنه أو ابنته أكثر من مرة ليراهم .

الإرشاد النفسي لهم 
لتوضيح كيف يتم التعامل معهم وارشادهم نفسياً واجتماعياً , تحدثت المرشدة الإجتماعية والأخصائية النفسية في بيت المسنين (ماجدة الشرشلي) أعمل هنا مدة 16 سنة , أتولى رعاية المسنين  وأقوم بالإشراف على البرامج التي نقدمها ,وهدفي دمج المسن مع المجتمع الخارجي من خلال الأنشطة التي نقدمها داخل المركز وخارجه مثل الإحتفال بيوم الأم 21/3 , يوم المسن العالمي 1/10, وأقوم يومياً بالجلوس مع المسنين بشكل جماعي وفردي وأسمع لمشاكلهم وهمومهم , نقدم لهم المسابقات والألعاب ,وندرب طلاب جامعة النجاح كيف يتعاملون معهم ,نأخذهم رحلات مرتين في الأسبوع , وأغلب المشاكل التي نعاني منها أن المسن لديه حساسية ويغار من مسن آخر غيره من ناحية التعامل نفسه مع الكل دون تمييز حيث يحتاجون للصبر كثيراً  .
التحذير من العقوق 
للحديث عن عقوبة عقوق الوالدين توجهنا الى الشيخ والمحاضر في جامعة النجاح الوطنية أحمد شرف " العقوق تُجنى ثمرته المرة في الدنيا قبل الآخرة , قال عليه السلام (اثنان يعجل الله لهما في الدنيا قبل الآخرة البغي والعقوق) , هي ثاني  الكبائر بعد الشرك بالله (وقضى ربك ألا تعبدو إلا اياه وبالوالدين احسانا) ,والعقوق للأسف انتشر كثيراً بين الناس بسبب الحياة المادية وانشغال كل واحد عن والديه ,بعض الناس يظن أن البر يكون بزيارة فقط ,هذا غير صحيح بل بالدعاء لهم بظهر الغيب ,والإحسان اليهم بالمال ,لأن حق الوالدين يأتي بعد حق الله ,فما بالك وأنت ترمي بوالديك ولا تسأل عنهم ,فقد أنزل الله تعالى غضبه ولعنته عمن يعق والديه ولا يبرهم , وفي عصرنا الحالي أصبحت هذه الظاهرة من أكثر الظواهر السلبية المنتشرة في مجتمعنا على الرغم من تحذير الإسلام من عواقبها, ومن يبر بوالديه تغفر ذنوبه ويفرج همه وكربه . 

وفي مقابلة أجريناها مع مديرمركز الشؤون الإجتماعية في نابلس  
د. صباح سليم الشرشير  قال " يوجد في كل مركز مرشد متخصص للتعامل مع كبار السن ,ونقدم لهم الخدمات عن طريق برنامج وطني للحماية الإجتماعية من ( مساعدات نقدية, تأمين طبي ) ومن هذا المركز يتم تحويل حالات لبيت رعاية المسنين والإطلاع على حالاتهم الشخصية والمرضية ومتابعتها مع جمعية  الهلال الأحمر والقائمين على هذا البيت , وهذا المركز هو المؤسسة الحكومية الوحيدة والتابعة لوزارة الشؤون الاجتماعية المتخصصة في رعاية وتأهيل المسنين من عمر ( 60  ) عام فما فوق من الذكور والإناث غير القادرين على رعاية أنفسهم, ولا تتوفر لهم رعاية أسرية أو غيرها , ويعيشون أوضاع اقتصادية صعبة".

حقوق الإنسان 
وفي تقرير من وزارة حقوق الانسان والتنمية الإجتماعية حول خدمات المسنين , تولي وزارة حقوق الانسان والتنمية الإجتماعية اهتماماً بالغاً بتوفير مختلف أوجه الرعاية والحماية اللازمة لكبار السن، وتعزيز الروابط الأسرية بينهم والالتزام بتوفير برامج الرعاية الإجتماعية والصحية التي تكفل العيش الكريم للمواطنين من كبار السن .
 
ويتجسد هذا الحرص بشكل خاص في الخدمات التي تقدمها الوزارة منذ تأسيسها عام 2005 حيث بادرت بتأسيس عدد من دور الرعاية المتخصصة التي تهدف الى توفير الرعاية الإجتماعية والنفسية والصحية والمعيشية والترفيهية لكبار السن بالاضافة الى السعي لتطوير برامج التأهيل المناسبة وادماجهم في البيئة الخارجية وتوثيق الصلة بينهم وبين أسرهم كما تقدم الرعاية والتأهيل والعلاج لكبار السن لمختلف أنواع الإيواء سواء الدائم أو المتقطع أو المؤقت.



احصاءات وأرقام  
يشير الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني 2009, الى انخفاض نسبة الأسر التي يرأسها مسن من 18.3% في عام 1997 الى 15% في العام 2007 , وبلغت النسبة من كبار السن الذين يعانون من الأمراض المزمنة من بينهم ضغط الدم , السكري , أمراض المفاصل ,والقلب الى 65.5% , وبلغ عدد المؤسسات  غير الحكومية في العام 2009 التي تعنى بالمسنين 24 مؤسسة , أنشئ معظمها من قبل جمعيات ومؤسسات خيرية ودينية ,وهناك مؤسسة حكومية واحدة لرعاية المسنين , وتعاني هذه البيوت من مشكلات عدة أهمها أن معظم أبنيتها مبني لأغراض أخرى قبل أن تستخدم لإيواء المسنين .

تفني الأم عمرها في تربية أولادها ,وينتهي عمر الأب في العمل والتعب ليوفر لهم الراحة والأمان ,وبالنهاية ما جزائهم أن يحرموا من العيش بكرامة ؟! أم جزائهم أنهم سهروا الليالي لكي نصل الى أعلى درجات النجاح والى ما نريد , وكيف هم وصية الرحمن ونفعل بهم هكذا ,ومن شكر الله ولم يشكر والديه لم يعد شاكراً .








 
المزيد من الصور
بيت من لا بيت له ..نزلاء قليلون في بيوت يرفضها المجتمع
بيت من لا بيت له ..نزلاء قليلون في بيوت يرفضها المجتمع
تابعونا على فيسبوك
تصميم وتطوير: ماسترويب 2017