الرئيسية / مقالات
ليبرمان... سبايدرمان بقلم رامي مهداوي
تاريخ النشر: السبت 28/05/2016 07:04
ليبرمان... سبايدرمان  بقلم رامي مهداوي
ليبرمان... سبايدرمان بقلم رامي مهداوي

 لا توجد وسيلة إعلام إلاّ وتناولت موضوع تعيين زعيم حزب "إسرائيل بيتنا" اليميني المتطرف أفيغدور ليبرمان وزيراً للحرب _الدفاع. وبدأ التحليل السياسي على أشكال مختلفة مقالات وورش عمل ومقابلات بأشكالها المختلفة، ووصل الحد ببعض المحللين السياسيين أن يصف قدوم ليبرمان بأنه التطرف بأقصى درجاته، وكأن الاحتلال الإسرائيلي قبل ليبرمان كان يوزع الماء البارد علينا على الحواجز، ويقدم لنا الورود في ساحة المسجد الأقصى، ويمطر أطفال غزة بالحلوى!!

إسرائيل على الرغم من أنها دولة احتلال، إلا أنها تحكم من خلال المؤسسات وليس الأفراد، لكن في موضوع الفرد والمؤسسة بحالة ليبرمان علينا النظر إلى ليبرمان كونه الرجل العنكبوت "سبايدرمان" الشخصية الخيالية الذي تسببت بتكوينه قضمة عنكبوت معالج جينياً، ما يجعله يمتلك قدرات عنكبوتية، فيدرب نفسه على تسلق الحوائط والقفزات العالية من أسطح المباني والتأرجح مستخدماً خيوط الشباك المفرزة من رسغيه. 
ليبرمان قضمته الصهيونية أثناء عمله حارساً للأمن وهو دون العشرين بأحد الملاهي الليلية في كيشيناو عاصمة مولدوفيا وهي إحدى جمهوريات الاتحاد السوفيتي السابق، فهاجر هذا العنكبوت عام 1978 إلى دولة الاحتلال.
منذ ذلك الوقت، تنقل _ بعد أن خدم في جيش الاحتلال_ بين العديد من المواقع كانت بدايته مديرا عاما لحزب الليكود ما بين عامي 1993 و1996، ثم عمل مديرا لمكتب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لمدة عام، خلال الفترة الأولى التي قضاها نتنياهو في رئاسة الوزراء. ثم غادر ليبرمان حزب الليكود وأسس حزب إسرائيل بيتنا عام 1999، الذي أصبح يتمتع بشعبية بين نحو مليون مهاجر روسي، وأصبح ليبرمان لاعبا رئيسا في السياسة الإسرائيلية منذ آذار 2006، عندما حصد حزبه 11 مقعدا في الكنيست، ليقفز بسبب ذلك إلى موقع نائب رئيس الوزراء ووزير للشؤون الاستراتيجية في حكومة إيهود أولمرت، التي قادها حزب كاديما. 
وفي عام 2009 قاد ليبرمان حزب إسرائيل بيتنا ليفوز بثالث أكبر كتلة برلمانية، ليحل في ذلك محل حزب العمل. وبسبب تحكمه في 15 مقعدا في الكنيست عرقل ليبرمان جهود حزب كاديما صاحب النصيب الأكبر في الكنيست لتشكيل ائتلاف حكومي، وأعلن بدلا من ذلك تأييده لحزب الليكود وزعيمه نتنياهو، وفي مقابل ذلك منح ليبرمان منصبي وزير الخارجية ونائب رئيس الوزراء.
تنقل العنكبوت من موقع إلى آخر ليصل إلى ما وصل إليه الآن هو جزء من مخطط يطمح له_ البعد الشخصي_ كرئيس للوزراء في السنوات القادمة؛ إلا أن هذا الطموح سيصطدم في البعد السياسي الذي سبق لليبرمان أن روج له وهو فكرة التسوية الإقليمية، ومن موقعه الجديد" كوزير للدفاع" سيخضع لاختباره الأول في دفع هذه التسوية إلى الأمام من خلال مرونة ومناورات سياسية قد تصل إلى تنازلات للفلسطينيين على حساب المستوطنين.
أعتقد أنه سيقفز إلى الدول العربية دولة.. دولة.. من أجل تحقيق أوهام "السلام الإقليمي" على حساب القضية الفلسطينية، فقد صرح ليبرمان قبل فترة في هرتسيليا قائلا: "تسوية شاملة مع العالم العربي المعتدل هي التي ستؤدي إلى حل المسألة الفلسطينية". 
وقال: "في العصر الحالي توجد أمام إسرائيل فرصة كبرى للوصول إلى تسوية إقليمية، علاقات دبلوماسية وعلاقات تجارية.. تصوروا أن تتمكنوا من أخذ طائرة مباشرة من تل أبيب إلى الدوحة أو إلى الرياض". 
برأي ليبرمان، فإن التسوية مع الفلسطينيين هي نتيجة جانبية للعملية السلمية الأشمل بالمفهوم الإقليمي.
وأخطر ما في هذا العنكبوت خلال السنوات الماضية هو أنه واجه تحقيقات وصفت بأنها أعقد ملفات الفساد_خارج وداخل إسرائيل_ وخلال التحقيقات وقعت أحداث أثارت أسئلة كثيرة، مثل وفاة شاهد، وامتناع آخر عن تقديم الإفادة، مع الأخذ بعين الاعتبار توصية الشرطة بمحاكمته بأخطر التهم، إلا أن النيابة ماطلت لسنوات بصياغة الملف الذي انتهى بتهمة بسيطة، لتعلن المحكمة البدائية براءته، رغم إدانة شريكه في التهمة ذاتها.
وها هو يعود إلى الشاشة بعد انقطاع. بالتالي قام بتخزين العديد من السموم والخطط التي سيقوم بتنفيذها لمصلحته أولاً وأخيراً، غير مكترث للمؤسسة الإسرائيلية بقدر ما يريد أن يبرهن للمجتمع الإسرائيلي بأن "سبايدرمان" هو الأمن والأمان.
للتواصل:
بريد الكتروني mehdawi78@yahoo.com
فيسبوك RamiMehdawiPage

 
تابعونا على فيسبوك
تصميم وتطوير: ماسترويب 2017