الرئيسية / مقالات
ما بينَّ غسان كنفاني وعمر النايف ..... قصة وطن
تاريخ النشر: السبت 09/07/2016 10:20
ما بينَّ غسان كنفاني وعمر النايف ..... قصة وطن
ما بينَّ غسان كنفاني وعمر النايف ..... قصة وطن

كتب حسن ابو دخان -جنين

 عُمر النايف لأكثر من 71 يوماً كان يطرق جُدران الخزان لكن أحداً لم يستجب له أحد ،

كان يطرق كأنه ينفخ في علبة فارغة الكل تجاهله ،

كأن حالنا لم يتغير منذ اكثر من 60 عاماً ، حينما كان اللاجئون الفِلسطينيون يذهبون إلى الكويت عن طريق الصحراء ، حيث كتب غسان كنفاني رواية كاملة بعنوان "رجال في الشمس " وصف رحلتهم تلك "بالصراخ الشرعي المفقود ، إنها الصوت الفلسطيني الذي ضاع طويلا في خيام التشرد ، انها ضرورة الخروج بإتجاه اكتشاف الفعل التاريخي او البحث عن هذا الفعل انطلاقا من طرح السؤال البديهي ، لماذا لم يطرقوا جدران الخزان ؟"

فالمسافرون الذي كانوا يريدون الدخول تهريباً إلى الكويت بحثاً عن لقمة العيش وحياة أكثر كرامة من حياة المُخيم ، لقوا مصرعهم في هذا العالم المليء بالقذارة ، طال انتظارهم داخل الخزان

كان عامل الدولة يطيل انتظارهم ، متعمدا ربما ليس متعمداً لكنه اطال انتظارهم ،

صحيح انهُ لم يكن بينهم الا شخص واحد مُتعلم لكنهم كانوا على علم أنهُم لو طرقوا سوف يخسرون الكثير من طاقاتهم التي يحتاجونها بهذا الجو شديد الحرارة ، كانوا يحتاجون لكل سعرة حرارية ، فلو طرقوا الخزان لخسروا الطاقة فقط ، ولربما ايضا اثاروا الشكوك حول انفسهم وكشفوا امرهم ، لذلك أثروا على نفسهم الموت بكرامتهم على أن يطرقوا الحزان ويعودوا لذلك المخيم ، تحت وطأة الاحتلال ، كان هنالك أمل للتغير للأفضل لكنه تلاشى داخل اسوار الخزان ،

هنالك ترابط كامل ما بين الشهيد "عُمر النايف " وما كتبه غسان كنفاني ، كيف لا ، وهما شهيدان من أجل الفكرة ، من اجل القضية والوطن ولربما تشابهت رواية غسان مع ما حدث مع الشهيد عمر النايف ،

ذهب عمر إلى مبنى السفارة الفلسطينية ، احتمى بين جدران ، بقي يطرقهم طيلة فترة اقامته ، لأكثر من 70 يوماً وهو يحاول ان يطرق جدران السفارة ، عسى أن يسمعه الشرفاء أو ان يصل صوته إلى فلسطين ، ان ينتقل بقدرة إلهية من بلغاريا إلى فلسطين ويوصل صوته إلى مخيمات اللجوء التي مازالت باقية ،

بقي عُمر يُصارع الجدران وينقل القَضية التي انحسرت به فقط ، من داخل جدران السفارة الى الخارج ، حتى ليلة السادس والعشرين من شباط ، تلك الليلة المشؤومة التي دخل بِها أوغاد الموساد الإسرائيلي ، فاعتلى صوت عُمر بالصراخ ! وليس فقط بالطرق على جدران السفارة ، لكن للأسف صوته ، الذي يمثل صوت الوطن لم يصل لأحد ، فقد عُمر روحه وروى بِدمائه الطاهرة حديقة السفارة اللعينة في صوفيا ، لم يروها بِفلسطين كما يشاء ، كما حصل مع غسان ، فقد استشهد في ارض الشتات ، بعيداً عن الوطن أيضا

انتهت قضية عُمر وانحسر صوت الوطن الذي لم يسمعه احد ، خرج من بعده الكثر ينادون بالوطن ، لكن أين كانوا عندما كان الوطن يصرخ أليس عُمر أحق بِكم من كل شيء ،

ستبقى تتكرر في بلدي قصة الخزان ، الآن بعد عُمر يتكرر الأمر مع الأسير فؤاد الشوبكي ، هذا المناضل البطل ، الذي ناضل في المنفى وعاد للوطن وأكمل نضاله وهو الآن أكبر اسير في سجون ذلك الاحتلال اللعين ، يعاني من مرض العضال ، ويطرق ابواب السجن ، لكم هو الأخر لا يسمعه أحد ، لأن صوت الوطن لا يسمعه أحد ، لأن صوت الوطن لا يسمعه الا الشرفاء، والشرفاء في وطني قله لا يقدرون على فعل اي شيء ، اصبح كل شيء في هذا الوطن بذيء .

قصة الخزان الذي لم يطرق لم تنتهِ للآن ، وعمر لم ينتهي ، والأسير فؤاد الشوبكي لم ينتهي سيبقى هنالك من يدافع عن هذه القضية ويحرسها ،

تلك أحداث كالزهور في وطني ، ستبقى في ساحة النضال الوطني ، لِتدلنا لِطريق الخروج بِقضية شريفة لِوطن يستحق الحياة ، ولِشعب قاوم من اجل نفسه ، فَنرجُس الوطن في الأسرى ، وياسمينه في بالشُهداء ، والأمل القادم بالشعب المقاوم الذي يصون حقوقه ويثبت على مواقفه يرفض كل شيء لا يأتيه بوطن يخلو من جدران كي لا يدقها لأحد ليبقى هو سنداً لنفسه.

 

تابعونا على فيسبوك
تصميم وتطوير: ماسترويب 2017