الرئيسية / الأخبار / فلسطين
الحاج المرحوم أحمد الصوالحي قصة كفاح تنتهي في بناء بيت من بيوت الله
تاريخ النشر: الأحد 21/08/2016 13:08
الحاج المرحوم أحمد الصوالحي قصة كفاح تنتهي في بناء بيت من بيوت الله
الحاج المرحوم أحمد الصوالحي قصة كفاح تنتهي في بناء بيت من بيوت الله

 نموذج لطموح لا ينضب

 

الحاج المرحوم أحمد الصوالحي قصة كفاح تنتهي في بناء بيت من بيوت الله

نابلس: ولاء أبو بكر- أصداء للصحافة

منذ زمن بعيد قبل ثمانين عاما، بين اشجار الصنوبر واللوز كان منزل صغير متواضع يلعب اطفاله مع فراشات تداعب الزهور تارة ويلحقها الأطفال تارة أخرى، في قرية بيت دجن في مدينة يافا، من هنا كانت أصل البداية والحكاية ولد احمد محمد محمد الصوالحي في عام 1939م، وكأن في وجهه نور يشع بالإيمان ليبقى محافظا عليه حتى يكبر ويشيخ.

 

ترعرع بين اخواته الأربعة وأخيه الوحيد، وسط عائلة ميسورة الحال متواضعة وصاحبة الأخلاق والدين،  فمنذ طفولته يحب ان يكون قائدا لنفسه وللناس فيحب الدراسة والإعتماد على نفسه ولكن لم يحالفه الحظ في إكمال مسيرته التعليمية بسبب سوء الأوضاع الإقتصادية والسياسية في ذلك الوقت.

نكبة بطعم الطفولة

عند بلوغه سن التاسعة شاء القدر لعائلته الرحيل من قريتهم بيت دجن في يافا بسبب اندلاع حرب عام 1948م، التي انقضت بهجرة الفلسطينين من منازلهم وأراضيهم، حتى استقرت عائلته في مدينة نابلس.

دائما كان في عينيه نظرة تحد وصمود في وجه اوضاع اقتصادية صعبة لم يقف مكتوف الأيدي أمامها، بل كان صاحب الخيال الواسع في ابتكار الأفكار حتى خطرت على باله فكرة منذ ان كان عمره في السادسة عشر عندما ترك مدرسته لعدم توفر المال لأكمال الدراسة، ليسلك طريقه في تعلم مهنة الخياطة، وكان واضعا بين عينه تحد في ان يصبح شخصية كبيرة في يوم ما.

في كل صباح كان يذهب لتعلم المهنة حتى اكتسبها جيدا، معتمدا على الله ثم على حنكته في العمل من أجل كسب المال، عمل كثيرا حتى أصبح لديه مشغلا للخياطة في مدينة نابلس، وبعد أن رزقه الله في بعض من المال وقرر حينها أن يستقر ويكمل نصف دينه ليتزوج من امرأة أنجبت له أربعة أولاد وخمس بنات، ليصبحو سنده في مسيرته العملية.

مرت الأيام في حلوها ومرها على أحمد الصوالحي حتى كبر أبناؤه، وشعوره كأي أب يرغب في أن يكون أبناؤه متعلمين ورغبة منه انه لايريد أن يشعرهم بالنقص الذي واجهه في صغره، فكان يسعى دائما للعمل من أجل توفير المال لتعليم كافة أبناءه وليكونوا أصحاب مكانة في المجتمع.

 

تذوق طعم المشقة والعناء في جلب الرزق لأسرته، حيث كان ينزل في كل صباح لأسواق مدينة جنين حاملا على كتفيه بعض من الملابس ليبيعها للمارة، وكان يسعر بمتعة كبيرة لشدة حبه للعمل والاعتماد على نفسه، كل ذلك من اجل أن يوفر كل ما يرغب به ابناءه.

حياة شاقة

بعد أن انتهى من تعليم أبناءه آن الأوان ليعتمد عليهم في مسيرته العملية الذي كافح من أجل  فكان أبناؤه الأربعة يده اليمنى في كل شيء، تعلموا منه مهنة الخياطة وكان هدفهم الأسمى هو تطوير المشغل لما هو أكبر من ذلك حتى أصبح ميولهم تجارة الملابس الا ان والدهم كان رافضا الدخول في هذا الباب لانه يحب عمل الخياطة اكثر من الاستيراد ، فكانت محطة البداية مع ابناءه الذين قررو التشارك مع ابن عمهم وصديق والدهم في استيراد بعض من الملابس حيث كانت فكرة الانطلاقة لمسيرتهم في التجارة في عام 1999م.

كان محبا جدا لمشغله الذي أفنى شبابه لتجهيزه وتطويره كما يرغب في رؤيته دائما، كان مخلصا في عمله وذات يوم خطر على بال ابناءه ان يغلقو مشغل الخياطة طلبا من والدهم أن يرتاح من عبء العمل وترك ما تبقى من عمل لأبناءه الأربعة ليديروه بانفسهم كما علمهم ولكن كانت هذه الفكرة صدمة لوالدهم لانه يحب مشغله كثيرا.

عشق لمهنته

مشغله الذي ضم سبعة عشر شابة واثنين من الشباب عملو جاهدين لانتاج الكثير من الملابس وبيعها، حيث كان انطلاقة لمؤسسة الصوالحي في عام 1987م، لتستمر في تميزها على مدار السنين، واستمر المشغل يعمل بكثافة كبيرة حتى عام 1999م.

وكأي شخص ناجح أرهق نفسه في العمل يحب ان يتذوق من ثمرة عمله، ففي عام 2005م تم افتتاح أول فرع لمؤسسة الصوالحي في مدينة رام الله، حيث كانت عيون أحمد الصوالحي تتكلم عن سعادة لم يرها في حياته، وفي عام 2006 تم افتتاح فرع في مدينة جينين في قباطية، واكتملت فرحته أكثر حينما افتتح مجمعا كبيرا  في طولكرم في عام 2012م، وشكل هذا الإفتتاح بصمة في تاريخ التجارة واقيم له حفل ضخم لم يشهده أحد من قبل، خاصة انه اشرف على بناءه شبرا بشبر بدقة عالية، بعد النجاح الذي حققه في مجمع طولكرم تم افتتاح فرعا في مدينة نابلس في عام 2014م، كل ذلك كان يملؤ قلبه فرحا خاصة انه سيترك هذه الإنجازات لأنباءه الذين يحب أن يراهم في أفضل حال.

بعد كل الإنجازات التي حققها في حياته العملية كان دائما مرددا لفعل الخير من مساعدة للعوائل الفقيرة، أو من خلال أخذ ماتسير له من الأشخاص لتأدية العمرة معه عندما كان يخرج لها في كل عام، وكان دائما يوصي أبناءه في أن لاينسوا نصيب أخواتهم من الرزق، ويوصي أحفاده أيضا بالصلاة والإلتزام بها.

حلم تحقق بعد الممات

منذ طفولته وهو يراوده حلم في منامه وهو بناء مسجد، ولم يبق هذا الحلم طويلا في باله حتى جاء اليوم لتحقيقه بعد أن رزقه الله بالمال، فبدأ في تنفيذ على أرض الواقع، ليصبح حقيقة فاستطاع بناء مسجد له في منطقة بيت وزن  بنابلس، وقد سمي باسمه تخليدا له (جامع الحاج أحمد الصوالحي)  وكان أيضا من حلمه الصلاة فيه، ولكن شاء القدر له بوفاته قبل تحقيق ذلك، حيث توفى إثر سقوطه على الارض اثناء وضوءه في مسجد الحنبلي في مدينة نابلس، ما أدى الى كسور أحدثت له شللا حتى توفي في 1/4/2015.

 

وبعد وفاته افتتح المسجد في عام اواسط العام 2016 الذي كان يرغب دوما في رؤيته قائما، ليترك خلفه أثرا جميلا ولتبقى ذكراه تملأ المكان بالرائحة العطرة.

 

المزيد من الصور
الحاج المرحوم أحمد الصوالحي قصة كفاح تنتهي في بناء بيت من بيوت الله
الحاج المرحوم أحمد الصوالحي قصة كفاح تنتهي في بناء بيت من بيوت الله
الحاج المرحوم أحمد الصوالحي قصة كفاح تنتهي في بناء بيت من بيوت الله
الحاج المرحوم أحمد الصوالحي قصة كفاح تنتهي في بناء بيت من بيوت الله
تابعونا على فيسبوك
تصميم وتطوير: ماسترويب 2017