memantin iskustva memantin alzheimer memantin wikipedia">
نابلس: تسنيم ياسين
إلى الشمال الغربي من مدينة سلفيت تطالعك ديراستيا بهيةً جليلةً، تستقبلك بأقواسها الشامخات الجاهدات في صرف نظر زائريها عن لافتتين جاثمتين إلى اليسار تذكرن بأسماء مستوطنات وتجمعات صهيونية مقامة على أراضي البلدة المسلوبة.
تبلغ مساحة ديراستيا ما يقارب الـ35 ألف دونم, تتوزع بين أراض للأغراض العمرانية وأراض زراعية يُزرع فيها الزيتون الذي يعدّ القطاع الاقتصادي الثاني الذي يعتمد عليه الأهالي بعد الوظائف الحكومية، بالإضافة إلى أشجار التين واللوز والمشمش والحمضيات وغيرها.
و قد استحقت لخيراتها وبهائها أن يختارها الملك برقوق ليوقفها على سماط الخليل عليه السلام, فيقول صاحب الأنس الجليل: "ووقف (برقوق) قرية ديراسطيا من أعمال نابلس على سماط الخليل عليه السلام، وشرط أن لا يصرف ريعها الا في السماط الكريم فقط وكتب الوقف على عتبة باب مسجد الخليل عليه السلام وهو الباب الشرقي من الأبواب الثلاثة التي بداخل السور وهو خلف مقام السيدة سارة من جهة الشرق".
ولا يمكن لك أن تزور ديراستيا دون أن تدخل في أزقة البلدة القديمة فيها حيث كان اجتماع قادة الإضراب الشهير عام 1936، و لطالما اختبأ في أزقتها مطاردون ومقاومون طوال فترات النضال الفلسطيني, وقد شهدت عمليات ترميم جعلت بيوت البلدة ومعالمَها تتميز على مثيلاتها بالبلدات القديمة في باقي مدن فلسطين، على الرغم من أنها أقيمت على مرّ ثلاثة عصور من عصر الرومان ثم المماليك وحتى العصر العثماني لكنها ما زالت محافظةً على معالمها وجدرانها دون خرابٍ أو تشققاتٍ.
وخلال تجوال فريق (تجوال أصداء) برعاية حليبنا استيراد شركة مصلح للتجارة العامة في تلك البلدة كانت المشاهد محفزة للكتابة عنها وتسليط الاضواء على معالمها الخلابة.
هناك يطلّ عليك قصر لأحد أفراد عائلة أبي حجلة متميز ببوابته الضخمة المزخرفة بنقوش هندسية ويعلوها قوسٌ مهيب, وتدور القصص حول القصر بأن من جدرانه ما جُبلَ بالزيت وقت أن نفد الماء اللازم لإكمال البناء.
وبعد مسافة قصيرة تصل إلى قصرٍ لأحد الملوك العثمانيين وحاشيته، مكونٍ من 12 غرفةً في الأعلى وساحة ما زال مكان المشنقة التي كانت فيها ظاهراً على الرغم من أن البلدية قامت بإزالتها بطلب من السكان، ووراء الساحة غرفةٌ كانت مخصصة لاحتجاز الذين كان يُحكَمُ عليهم بالإعدام, فكم من الآهات والأنات أخفيت فيها لم يعلم بها سوى الله، واليوم تتبنى البلدية مشروعاً ممولاً من شركة (برذرز) لترميم القصر وتحويله إلى فندق.
وبالقرب من المركز الصحي الموجود في البلدة والمتوقف حاليا بسبب نفاد التمويل اللازم لفتح العيادة، شارعٌ احتضن يوماً عرس الشاب القادم من مخيم اليرموك (ثائر) ذاك الذي أراد هو وعروسه أن تكون ليلة عمرهما في وطنهما الأم على الطريقة الفلسطينية التقليدية وبأهازيج بلبل فلسطين الراحل أبي عرب الذي قَدم وأحيى العرس وحضره أهالي البلدة ومجموعة من نواب المجلس التشريعي, لكن اليوم ثائر وبحسب ما قال رئيس بلدية ديراستيا (سعيد زيدان) مغيّبٌ في أقبية السجون السوريّة منذ سنتين دون أي معلومات عنه ولا عن مصيره.
رفافا وعمانوئيل وأرئيل وأربعة أخرى من المستوطنات مقامة على أراضي البلدة سلبت من الأهالي أراضيهم وخيراتهم, ففي كل عام يهاجم المستوطنون الأراضي وخصوصاً في موسم الزيتون فيحرقون ويسلبون ما يريدون ويمنعون المواطنين من الوصول إلى أراضيهم ما يتسبب لهم بخسائر بالآلاف. وقد شهد التاريخ صراعاً طويلاً بين أهالي البلدة والاحتلال الذي كان يغلق الطرق والشوارع ليحمي مستوطناته على حساب البلدة, يقول رئيس البلدية زيدان:" كانوا يغلقون الشوارع الرئيسة في البلدة وبالتالي ننقطع عن القرى والبلدات المجاورة, فما كان منّا إلا أن اعتصمنا على الطرق في مسيرات يومية وبتكاتف مجتمعي مشهودٍ له وبالفعل فتح الطريق ولكن كعادة الاحتلال فإنه لا يلتزم بشيء فقد أعاد إغلاقها والآن نحن ليس لنا إلا محكمة العدل الدولية إن شاء الله فنحن في حرب مستمرة معهم".
وأمام كل تلك الانتهاكات والجرائم التي يمارسها الاحتلال فقد أبى أهالي البلدة السكوت، ليخرج منهم مقاومون من كافة الفصائل، منهم فرسان الثلاثاء الحمراء الذين ضربوا أروع الأمثلة وأندرها في الوحدة والتضحية، وهم جمال ملّوح القائد الميداني في كتائب شهداء الأقصى وإياد الخطيب القائد الميداني في كتائب عز الدين القسّام وعلي أبو حجلة من حزب الشعب، أولئك الذين خاضوا معارك اعتقالية ومسلحة مع جنود الاحتلال ثم وأمام ما تقتضيه المرحلة التحموا وهم أحياء لتختلط دماؤهم على شوارع البلدة القديمة في ديراستيا بعد أن اغتالهم الاحتلال. وكذلك الاستشهادي حامد أبو حجلة الذي تعود أصوله إلى ديراستيا ونفذ عملية استشهادية في مدينة نتانيا أدّت إلى سقوط أكثر من 50 اسرائيليا بين قتيل وجريح.
في ديراستيا أربعة مدارس لطالما خرّجت كبار العلماء ورؤساء الجامعات على مستوى الوطن, منهم البروفيسور عبد اللطيف أبو حجلة رئيس جامعة بيرزيت، والدكتور كايد عبد الحق رئيس جامعة النجاح سابقاً وغيرهما ممن كان لهم أثر بارز على مسيرة التعليم في كافة أرجاء فلسطين.
#تجوال_أصداء برعاية حليبنا(شركة مصلح للتجارة العامة)