الرئيسية / ثقافة وأدب
الثقافة رفيق الناس في «الموافجة»
تاريخ النشر: السبت 01/04/2017 09:19
الثقافة رفيق الناس في «الموافجة»
الثقافة رفيق الناس في «الموافجة»

 كتبت:أمل سرور

«الطفل هو إنسان المستقبل، ومنه تبدأ صناعة أثمن رأس مال». مقولة لصاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى، حاكم الشارقة، لا يمكن أن تغيب عمن يتجول في أرجاء مهرجان «الثقافة والناس» في دورته الثانية التي تقام فعالياتها على أرض حديقة الموافجة.
مقولة سموه التي تحمل معاني كثيرة سرعان ما تدرك أهميتها ما إن تبدأ قدماك خطواتهما بين أروقة وفعاليات المهرجان الذي نجح منذ اليوم الأول لانطلاقه في ربط الثقافة والقراءة بالمتعة والترفيه، والعمل على توفير مجموعة متنوعة من الفعاليات والورش والتدريبات التي لا تستقطب بدورها الأطفال فحسب، بل الأسرة بأكملها.
 
من أبواب حديقة الموافجة انطلقنا، لنشهد تفاصيل رحلة العائلات التي اصطحبت أطفالها إلى ذلك الكرنفال الاحتفالي الذي باتت مهمته الأساسية الاحتفاء ببراعم المستقبل الذين تضعهم الإمارة الباسمة في صدارة أولوياتها.
منذ اللحظات الأولى لانطلاق دورة مهرجان «الثقافة والناس» الثانية، تستطيع أن تتعرف إلى ملامح وانطباعات أولية عن تلك الاحتفالية.
تستسلم لقدميك وتطلق لهما العنان لتعيش ما بين العوالم المختلفة والجديدة التي تخطف عقول الكبار قبل الصغار.
هو مهرجان احتفالي يدفعك دفعاً إلى أن تصحب أسرتك إلى قضاء وقت تثقيفي ترفيهي، لتتحول معهم إلى طفل تمرح وتتسابق وتقلب ما بين صفحات الكتب المعروضة التي تناسب كل الأعمار.
أحاسيس تلاحقك فلا تملك سوى أن تضبط نفسك وقد رحت تنصت إلى النغمات الربانية التي تعزفها وشوشة سعف النخيل في مغازلة صريحة لنسمات الربيع الذي بدأ يدق الأبواب، وتحمل نسماته حديقة الموافجة التابعة لبلدية الشارقة.
المكتب الثقافي والإعلامي في المجلس الأعلى لشؤون الأسرة في الشارقة هو الذي يضطلع بتنظيم المهرجان، ويتعاون في هذه الدورة في التنظيم مع بلدية الشارقة.
صالحة غابش، مدير عام المكتب الثقافي والإعلامي في المجلس الأعلى لشؤون الأسرة في الشارقة، قالت عن أهداف المهرجان وما يميزه عن غيره: إننا نبتعد عن القاعات المغلقة، لنقدم من خلال فعالياتنا مفهوماً جديداً للترفيه والتثقيف، نتجه إلى الساحات المفتوحة بمفردات الثقافة من محاضرات، وأمسيات شعرية، وسينما، ومسرح، وفولكلور شعبي وتراث، إضافة إلى رياضات ذهنية مثل الشطرنج.
وعلى امتداد حديقة الموافجة تتعالى صيحات الصغار وضحكات الكبار الذين التفوا حول مجموعة من العروض الرائعة، منها ألعاب بهلوانية فردية وثنائية وجماعية، تبرز مهارات ألعاب الخفة اليدوية، والرشاقة، والأكروبات، والقفز بطريقة بهلوانية، ليكافئ الأطفال وذووهم تلك الفرق بالتصفيق والتشجيع.

عجائن ملونة

أمينة الشحي التي انهمكت في مساعدة أطفالها في ورشة التلوين تحدثت بإعجاب شديد عن مهرجان «الثقافة والناس»، ورأت أنه من أفضل الأماكن الترفيهية الغنية التي تعطي المعلومة لأطفالها بشكل مبسط. ويتأصل الكلام على لسان الشحي: شاركت في الدورة السابقة من المهرجان، ومن خلال الورش والتدريبات الخاصة بالأطفال اكتسب صغاري العديد من المهارات والعلاقات، وكانوا هم أيضاً ينتظرون موعد المهرجان هذا العام، لأنهم ببساطة يجدون ما يرضي مهاراتهم ومواهبهم، وأكثر ما أعجبهم هو ورش «العجائن الملونة» التي انهمكوا من خلالها في تشكيل الصلصال، وصنع مجسمات مبتكرة. وتستمر الجولة في ركن فعاليات الطفل، الذي تتوالى فيه الورش والمسابقات، وتتسابق العائلات إليها. ها هم الأطفال مع عائلاتهم يتوافدون على كل ركن خُصص لهم ليتفاعلوا مع الأنشطة المتنوعة التي يقدمها المهرجان لهم، ما بين أركان القراءة، واللهو، والألعاب المختلفة، وأركان التراث التي تذّكرهم بأجدادهم، وبالأكلات السريعة الشهية والصحية التي تقدمها الأركان المختلفة لدائرة التثقيف الصحي بالشارقة.

رياضة

المفاجأة التي جعلتني أقف أمامها كثيراً هي تلك الورش الخاصة بالألعاب الرياضية، ما يثبت تكامل أهداف المهرجان الذي أصبح تثقيفياً ترفيهياً ورياضياً.
في هذا الجانب، تقول شيخة المطوع: تلك هي الشارقة تفاجئنا بكل ما هو مفيد لعقولنا، وأرواحنا، وأيضاً أبداننا، لذا يزداد إصراري على أن اصطحب أطفالي لهذا الكرنفال السنوي. وأكثر ما أعجبني في المهرجان هذا العام هو اهتمامه بفعاليات الأطفال، التي شملت العقل، والبدن، والجميل أيضاً هو الساحات المفتوحة التي خصصتها إدارة المهرجان للألعاب الرياضية، مثل الكاراتيه والكونغ فو، والأجمل هو مسابقات كرة القدم التي تقام طوال أيام الدورة الثانية. لذا أستطيع القول إن المهرجان حقق تناغماً مثالياً بين كل ما يفيد أطفالنا.

تحدٍ

استوقفني ركن الفعاليات الذي تشرف عليه «ناشئة الشارقة» والذي استطاع جذب الكثير من رواد المهرجان لما يتضمنه من ألعاب وورش ترفيهية كثيرة.
نورا مدني الشابة التي تحولت إلى طفلة وراحت تلهو بين كل أرجاء المهرجان بصحبة طفلها أحمد، بدأت حديثها قائلة: أعجبني ركن الناشئة لما يحويه من ألعاب تحرض على التحدي، لذلك شاركت ابني في ألعاب العبور بين الحبال المتشابكة، والتوازن على الخشب والعبور تحت نفق، و«مرحلة التغلّب على الصعوبات» التي تضم القفز على حلقات، وتحدّي القراءة، وبلياردو القدم، وكرات التصادم. والحقيقة أنني أحسست بالمتعة والسعادة بين أرجاء هذا المهرجان الذي نعتبره فرصة مميزة للترويح عن أنفسنا. 
عبيد النعيمي ترك أطفاله بصحبة زوجته وطلب أن يعبر عن رأيه في مهرجان «الثقافة والناس». يقول: المهرجان حدث ثقافي ترفيهي نجح في أن يوفر منصةً ممتازة لتعزيز التقارب بين أفراد المجتمع من مختلف الفئات العمرية، وتفعيل دورهم المحوري في ترسيخ الثقافة العلمية والرياضية والمجتمعية والإبداعية الأصيلة التي يتغنّى بها المجتمع الإماراتي، وتحديداً الشباب الصاعد من أصحاب الأفكار المبتكرة والمهارات التي تؤهّلهم بالشكل الصحيح لدفع عجلة التنمية الشاملة والمستدامة في دولة الإمارات بوجه عام وإمارة الشارقة بوجه خاص، لذا أتمنى أن يستمر هذا المهرجان طوال أيام العام لأنه بالفعل يفيد أطفالنا.
«قصص قصيرة» هو عنوان أحد أجنحة المهرجان الذي توافد عليه الكثير من الأسر. مشهد تقف أمامه طويلاً عندما ترى بعينيك براعم صغيرة تجلس في هدوء ممسكة بأقلامها البريئة محاولة رسم وكتابة ما يدور في أذهانها. أجيال مقبلة تبني أحلامها فتحتضنها الشارقة لتحققها من خلال هذه النوعية من الكرنفالات التثقيفية والترفيهية.

العقل والبدن

المهرجان احتفالي، لا يحتفي بالطفل والمرأة والعقل والبدن والروح فحسب، بل بالإنسانية بأكملها. هكذا تبدأ شروق العامري حديثها. وتضيف: استحقت الشارقة كل ألقابها، فهي خير من يهتم بكل البشر القاطنين على أرضها، أطفالنا يقضون بالفعل أوقاتاً تفيدهم في حياتهم العلمية والعملية، فكل مهرجانات الإمارة بلا استثناء، تهتم بتنمية مواهبهم وعقولهم، وهذا ما يفعله مهرجان «الثقافة والناس» الذي يكرس كل مجهوداته من أجل الأسرة بأكملها.

قصص برائحة التراث

لفت نظري الركن الذي التف حوله العديد من الكبار قبل الصغار، وحالة الصمت التي انتابت الجميع، اقتربت لأنصت فوجدته يحمل عنوان «الراوي»، ذلك الوالد الذي راح يروي الأهازيج والقصص الأسطورية التي تحمل معها رائحة التراث.عن هذا الركن، تقول خديجة المهيري: تلك المجموعة من القصص والروايات القديمة تحمل القيم والعبر لتبقى راسخة في أذهان وعقول أطفالنا، إنه تراثنا الذي نفخر به.
أما «ركن التراث» الذي تشير إليه لافتة كبيرة في قلب حديقة الموافجة، فهو من أحد أهم فعاليات المهرجان. 
لا أعرف لماذا أحسست بًن هذا الركن سيمثل حالة تستحق الوقوف عندها طويلاً، وهي حالة لا تخلو منها مهرجانات الإمارات بشكل عام، خاصة الشارقة، فمن المستحيل ألا تجد مكاناً برائحة التراث.
وعلى الرغم من أننا نعيش في عصر يتسم بالسرعة في إيقاعاته، وأحداثه، وحتى أكلاته التي اصطبغت هي الأخرى بالعولمة، والحداثة، والتكنولوجيا، إلا أن إقبال الزوار على ركن التراث بمهرجان «الثقافة والناس» بكل ما يحويه من فعاليات تنتمي لكل ما يفوح منه رائحة الأصالة والقدم والتاريخ، يزيد من يقيني بأن لإماراتي لا ينسى تراثه رغم ما وصل إليه من تقدم، حتى في أبسط الأمور الحياتية، وهو ما بدا واضحاً في إقبال رواد المهرجان على خيام الأكلات الشعبية الإماراتية القاطنة في ركن التراث.
شيخة عبيد راشد كانت تقف في انتظار إعداد الرقاق واللقيمات لأسرتها، تقول: نعتز بتراثنا وتاريخنا، وأكلاتنا الشعبية الأصيلة لا يوجد طعام يضاهيها، ولا يمكن أن نذهب إلى أي مهرجان، أو فعالية ولا نجدها، وهذا لا يمنع من وجود أكلات سريعة أخرى من تلك التي يفضلها أطفالنا، ولكن يبقى التراث أجمل وأغلى ما نمتلكه، لذا فإن ركن التراث أهم ما أعجبني في المهرجان.

صالحة غابش: أحلامنا للأسرة لا تنتهي

المهرجان، وفق صالحة غابش، مديرة المكتب الثقافي والإعلامي بالمجلس الأعلى لشؤون الأسرة، واحد من أحلام كثيرة لاتنتهي هدفها الارتقاء بالأسرة على المستويات كافة.
وتقول: أحلامنا في هذا الجانب ليس لها سقف، وسنحاول تقديم المزيد من الجهود حرصاً على التجديد والتطوير في دورات المهرجان المقبلة. وتركز صالحة غابش على ارتباط المهرجان بالأسرة، موضحة أنه يقدم أجواء ثقافية ترفيهية، للرقي بالمجتمع والوصول بآفاق المعرفة إلى أماكن التجمع العائلي في الإمارة.
وتضيف: نحاول الإسهام في تحقيق التنمية المستدامة للأسرة، في ظل القيم والثقافة الإسلامية التي تشكل هويتنا الوطنية.

 

 
 
نقلا عن صحيفة الخليج 
تابعونا على فيسبوك
تصميم وتطوير: ماسترويب 2017