الرئيسية / الأخبار / فلسطين
"بنسيون الاستقلال" من المعمرات النابلسية
تاريخ النشر: الخميس 04/05/2017 20:08
"بنسيون الاستقلال" من المعمرات النابلسية
"بنسيون الاستقلال" من المعمرات النابلسية

كتبت زاهرة شبيري

في وسط مدينة نابلس ما زال مبنى قديم أصيل بحجارته التي تحاكي التاريخ العريق واجوائه المدفونة تتراءى لك وكأنك في بلاد الشام.
بنسيون الاستقلال الذي يعتبر من أقدم الفنادق الشعبية في مدينة نابلس،ويعود إلى عائلة إبراهيم عيران الذي أسسه عام 1948م واستمر حتى جاء الاحتلالالصهيوني عام 1967م، حيث أصدروا قرارا بإغلاق جميع فنادق الضفة الغربية لمدة 10 سنوات بتهمة احتوائهم على المخربين"الفدائية".
يضم بنسيون الاستقلال ثمانية غرف حيث تتراوح مساحة الغرفة الواحدة 20مترا مربع، ويتواجد فيها 3-4 أسرة ونوافذ كبيرة تطل على البلد القديمة وارضية مكسوة بالبلاط البلدي القديم، وصالة الإستقبال(ما تسمى بغرفة الدواوين) حيث كان غالبية السياح من الدول العربية والأجنبية يقومون بنسج علاقات اجتماعية مع بعضهم البعض ويتداولون الأحاديث والثقافات المختلفة، وحديقة تطل من الشمال على مبنى البلدية ومن الجنوب على سينما العاصي قديما وما زالت هذه الحديقة مليئة بأشجار النخيل والليمون والورود بأنواعه، وبركة مائية تتوسطها حيث كان الزائرون يسهرون فيها في ليالي الصيف.
الأوضاع السياسية أدت إلى انحدار وضعه المادي بشكل كبير ما حل بعائلته التي امتلكت بنسيونات في مدينتي يافا وحيفا وايضا هجرته منها عام النكبة، ويؤكد فيصل عيران الذي يبلغ67عاما صاحب بنسيون الاستقلال :"عائلتي أجبرت على ترك كل شيء مثل باقي الفلسطينيين الذين هجروا عام 1948م،وكان لنا 3 بنسيونات لم يستطع أبي الرجوع اليها وتفقدها إلا بعدما هدأت الأوضاع قليلا بعد فترة زمنية من التهجير،وعند عودته وجد الاحتلال قد حولها إلى مخازن عدا عن البنسيونين اللذين يمتلكهما في حيفا ولقيا نفس المصير ايضا، وها هو بنسيون هنا يلاقي ايضا مصير سيء والجزء الأكبر سببه الاحتلال".
في الانتفاضة الأولى قال أهالي المدينة نريد أن نرابط وكان على رأسهم محافظ بلدية نابلس لاحقا محمود العالول ورئيس بلدية نابلس الاسبق غسان الشكعة،حيث حوصرا في مبنى البلدية القريب من البنسيون،وقام الاسرائيليون بفرض منع التجول ومن ثم قاموا باقتحام البنايات والبيوت،ويستذكر عيران تلك الأيام ويقول: "هربنا من المكان إلى البلدية لأن اليهود اقتربوا منا كثيرا وبالفعل دخلوا الفندق وحولوه إلى نقطة عسكرية لمدة 8 أيام، وقاموا بعمل فتحات في الجدران لتسهيل العبور من منطقة إلى أخرى".


وفي الانتفاضة الثانية احتله الجيش الإسرائيلي لمدة 23 يوما وخلف دمارا هائلا، ويضيف عيران:"عندما كان يأتي الاحتلال إلى المدن كان يقوم أولا بضرب مركز الشرطة فكان رجال الشرطة يهربون ويأتون الى فندقي وكنت استقبلهم بكل رحابة صدر نتقاسم الأكل ونقسم الخبزة الواحدة إلى خمسة أجزاء والله وحده يعلم كيف كانت الأيام".
يعبر عيران عن غضبه : "معاناتي من دفع 3 ضرائب وعدم وجود تراخيص وتسهيلات المياه والكهرباء، وقلة وجود رأس المال من أجلنفض واهتمامي بفندقي الذي ما زال مهترئا من أيام الانتفاضة،وأيضا حجب السلطة بتعويض الأضرار التي خلفها الاحتلال الصهيوني من تكسير وتخريب ودمار الفندق، بالرغم من وعود وتعهدات وزارة السياحة بالصيانة إلا أننيأصبت بالفشل والذهولوأصلحته على حسابي الخاص".
"عندما تقوم السلطة الوطنية الفلسطينية بمسؤلية وواجبات قطاع السياحة من فتح فنادق جديدة وترميم المناطق الاثرية وتشجيع السياح على الذهاب الى الأراضي الفلسطينية، فإنها ستقوم بإغلاق جميع الديون والمصاريف من صحة وتعليم وجامعات ومدارس.. الخ". يشير عيران
"أيام العز" ولت يصف عيران البنسيون بحسرة قائلا:"كان الإقبال علينا بشكل كبير وواضح في كل الأوقات صباحا ومساء، ويتواجد به 45-50 نزيلا من اسبانيا وفرنسا وايطاليا ومن الدول العربية وكل ليلة تقوم الدواوين، وأهل نابلس يستذكرون العز الذي ول على نابلس".
"كانت الفنادق الشعبية بمكانتها أهم من فنادق الخمس نجوم في يومنا هذا، وذلك لأنه يحي التراث الأصيل والتاريخ العريق الذي ما زال يندثر في وقتنا الحاضر وايضا عدم قدرة جميع السائحين على دفع تكاليف عالية للفنادق، فالأسعار الزهيدة وكذلك الجو المميز للبنسيونات والتي يميزها عن الفنادق الكبيرة إضافة إلى استراتيجية موقع بنسيوني والذي يقع في وسط البلد وقريب من كل شيء ليوفر على السائح تكاليف المواصلات جميعها كانت عوامل جذب ساهمت في ازدهار البنسيون أيامها". يذكر عيران
النزيل في بنسيون الاستقلال الذي عاد لتناول طعام الافطار المكون من الخبز والبيض المسلوق”احمد حمامدة” يبلغ 62 عاما ويسكن في بلدة قباطية،"يقول سوق نابلس الكبيرة توفر لي فرصة للعمل في تجارة الزيت التي اعتاش منها،ويضيف إرهاق السفر اليومي الطويل، وحبي للوحدة يجعلاني أفضل البنسيون على العودة اليومية للبيتالتي تكلفني أكثر من أجرة البنسيون".
ويقول نزيل آخر في بنسيون الاستقلال ”أبو محمد ”يبلغ 55 عاما ويعمل طباخا في احد المطاعم في مدينة نابلس: "أي انسان عامل يتطلب عمله التأخير وعدم وجود مواصلات الا سيارات نقل خاصة اجرتها 50-60شيقلا حسب بعد المسافة، وأجر العامل الفلسطيني الذي يتقاضه 50-80 شيكلا وعند ذهابي الى فنادق اخرى سأتكلف 200-300 شيكل، فالبنسيون رخيص جدا والشخص لا يحتاج الى مكان للترفيه بل من أجل النوم والذهاب الى عمله صباحا".


واختتم عيران حديثه قائلا:"بالرغم من قلة زبائني والوضع الاقتصادي السيء واشتداد الصعوبات إلا انني ارفض إغلاقه لان ذكريات عائلتي وتراثي محفوظة بهذا البنسيون".

 

 

تابعونا على فيسبوك
تصميم وتطوير: ماسترويب 2017