كتبت هدى خالد مباركة
يصعب الحديث عندما يدار نقاشه حول الإرهاب , التطرف , العنف , داعش , الدولة الإسلامية , الطائفية , الألوان العلم الأسود و الدم الأحمر , و لكن واقعنا المرير يفرض علينا أن نسمع و نتداول هذه المصطلحات .
في كل عام يتم عرض مجموعة من المسلسلات المتعددة التي تعكس الواقع العربي و دول الشرق الأوسط , و تتصدر قناة ( إم بي سي ) بأقوى العروض و أكثر أعداد المشاهدين من الصائمين المسلمين , و أنه لواقع غريب أن يكون اهتمام الصائم المسلم بمتابعة المسلسلات و الانشغال عن أعمال الطاعة و العبادة , و لكن ما شدني للكتابة ما قرأته من تعليقات من ألاف المتابعين لمسلسل "غرابيب سود " الذي يعرض على قناة " ام بي سي1 , و يعرض صورة داعش على حقيقتها بكونها تنظيم إرهابي متطرف و يركز على دور النساء المنضمين للتنظيم و كيفية تدريبهن و تجنيدهن و جذبهن بطرق ووسائل مختلفة أهمها مواقع التواصل الاجتماعي , دار جدل كبير حول المسلسل بمعنى هل هو يصور حقيقة داعش و أعمالها الإجرامية و سيطرتها على مناطق سوريا و العراق و طريقة فرضه للدولة الإسلامية و طرح العديد من الفتاوى الخارجة عن الحقيقة الإسلامية الصحيحة ؟ أم أن هذا المسلسل هو تعدي على الدين الإسلامي و السنة النبوية و تعاليم الإسلام و فروضه التي تحض على الجهاد و قتال الأعداء ؟ و لكن تنظيم داعش يقاتل ضد من و يصدر فتاوى بتفسيرات تابعه لأي جهة , و يحرم و يحلل و يتبع منهجيات بعيدة كل البعد عن الإسلام بأي صفة .

هذا المسلسل كلف ما يزيد عن عشرة ملايين دولار , و لكن من هو الممول لمثل هذا العمل الضخم و ماذا يستفيد , حيث استمر تصويره ما يقارب ستة أشهر و شارك بالعمل ممثلين من سبع جنسيات عربية مختلفة , و أشرف على إخراجه ثلاثة من كبار منتجين و مخرجي المسلسلات , و دعم العمل الدرامي من شركة "او ثري " التابعة للمجموعة السعودية , نعم السعودية التي تدعم عرض هذا المسلسل لأنها تنبذ الإرهاب و تحذر منه و تعتبر أي عمل يقترب من داعش هو تطرف و تحاول تحصين نفسها من كل الشيعة و الحوثيين و المتطرفين , و لكنها لا تأبه التعامل مع الأمريكان و اليهود , فمن فترة قصيرة زار دونالد ترامب الرئيس الأمريكي الجديد السعودية و لقي ترحيب كبير و جرى حديث مع العاهل السعودي في الرياض حول ضرورة مكافحة التطرف و الإرهاب , و لكن من خلق داعش و لماذا هناك منضمين لتنظيم من المملكة العربية السعودية و الدول الخليجية المحيطة بها ؟ و مع ذلك يقال أن مركز قناة "الام بي سي" الموجود في مقره بدبي قد لقي تهديد مباشر من تنظيم داعش , حيث اعتقد التنظيم إن هذا العرض فيه تقليل من شأن التنظيم و عمله , فهو يصور نفسه بكونه القائم لرفع علم لا اله إلا الله و العمل على خلق الدولة الإسلامية .

و يبقى الهدف الحقيقي من وراء عرض هذا المسلسل خفي عن الجمهور حتى استكمال باقي حلقاتَهُ حتى نهاية الشهر الكريم .