الرئيسية / مقالات
قطر في النكتة الشعبية الفلسطينية بقلم صلاح حميدة
تاريخ النشر: الأربعاء 07/06/2017 10:15
قطر في النكتة الشعبية الفلسطينية  بقلم صلاح حميدة
قطر في النكتة الشعبية الفلسطينية بقلم صلاح حميدة

تعبر النكتة الشعبية عن ما يجول في خواطر الناس بطريقة مسلية وأقرب إلى الصدق من التعبيرات الجامدة والمحسوبة والمحكومة بالمصالح والمخاوف.
وعادة ما تنتشر النكات في الأحداث التاريخية الهامة والتي تستلزم مفاصلة حادة، تدفع بمن يخافون من تأثير تبعات مواقفهم إلى اللجوء إلى النكتة السياسية للتعبير عن ما يجول في خاطرهم بطريقة مضحكة لا تجلب لهم الأذى والمحاسبة.
حضرت النكتة السياسية في الشارع الفلسطيني منذ القدم، ولكنهت تحضر بكثافة في لحظات مفصلية، ويعتبر الموقف من إمارة قطر وما يجري معها من حرب دبلوماسية وإعلامية من قبل بعض دول الخليج جزءا من حالة التجاذب السياسي الداخلي ولكن لأن قطبي السياسة الفلسطينية لديهما علاقات متميزة مع طرفي الازمة على وجه التحديد ، فقد تركا مسألة التجاذبات والملاسنات والنقاشات والنكات لبعض النخب وللشارع الفلسطيني.


ولذلك كانت النكتة هي سيدة الموقف، وبدأ الجميع يتداولون نكتة تقول:
(السعودية منعت أكل القطايف لأن معه قطر) أو أن ينسب الراوي الأمر لنفسه ب (انا لن آكل القطايف ب قطر تضامنا مع السعودية)
وفي تقديري أن قائل النكتة يريد أن يقول:
إنه لن يأكل الحلوى بال(قطر ) بالرغم من أن الحلوى لا تؤكل إلا به، وهذا مؤشر على انحياز إلى قطر ضميريا ولكن الخوف أو المناكفة تدفعه ليأكل الحلوى بدون تحلية، وهو اعتراف ضمني بأن قطر هي الجانب الحلو ذو الطعم الطيب والتي تمثل الجانب الخير في الصراع مع القطب الآخر.
أما النكتة الثانية فتقول: (السعودية قالت لقطر: أي طابة من بطولة كأس العالم بتقع في السعودية بنفقعها)
ولهذه النكتة أكثر من دلالة، فهي تحاول أن تقول؛ إن أحد أسباب الأزمة هو حسد السعودية الدولة الكبيرة جغرافيا لجارتها الصغيرة التي استطاعت أن تفوز بتنظيم بطولة كأس العالم لكرة القدم، بينما عجزت عن ذلك كل الدول العربية الأخرى، ولذلك تهدد (بفقع الطابة) أي أنها تسعى إلى التخريب عليها بدلا من أن تقلدها في النجاح، ومن زاوية أخرى فإن الحديث عن وقوع الطابة من قطر في السعودية شكل من أشكال التفكير الفوقي والاستخفاف بجغرافية قطر الصغيرة التي يعتبرها راوي النكتة وكأنها بحجم ملعب كرة قدم، وهي عقدة تحكم سلوك الكثير من الدول الكبيرة الفاشلة التي تعجز أمام الصغير الناجح.
وتسود حالة من التندر عندما يتم النقاش حول قطر الدولة الصغيرة والتي تبالغ بعض وسائل الإعلام والجهات الشعبية في اتهاماتها لها أو في تضخيم دورها، فتجد أن هناك من يصرخ ضاحكا:
(حتى الاوزون خزقته قطر)


(حتى تسونامي عملته قطر)
وهنا تبرز حالة السخرية من سياق الاتهامات ل(قطر ) واعتبارها خارجة عن سياق العقل، فنسب كل تلك الاتهامات والأدوار إلى دولة صغيرة ك(قطر) يدين منتقديها أكثر مما يدينها هي، فهو يظهرها كدولة فاعلة، بالرغم من صغر حجمها، بينما يظهر من يهاجمونها وكأنهم كم فاشل يميل إلى لعن القدر والكيل الجزافي للاتهامات والفشل المزمن أمام دولة صغيرة في كل شيء إلا في الدور والتأثير.
ولعل نسب (تسونامي) وهو ( الزلزال والمد البحري ) إلى دور لاصابع قطرية فيه، ليس إلا تلميحا واتهاما مبطنا ل(قطر) وقناة ( الجزيرة) ودورهما في التحضير النفسي لما عرف ب(الربيع العربي) ويظهر كذلك حجم الزلزال الذي أحدثه هذا الدور في نفوس النظام الرسمي العربي المعادي للرؤية القطرية التي أيدت ودعمت الثورات الشعبية في العالم العربي.
ولعل استخدام مصطلح (تسونامي) واستحضاره في هذه المرحلة يعكس حجم الرعب من المد الشعبي العربي الذي يمكن أن يغرق أنظمة الفساد والاستبداد، وهنا تحضر الرغبة المزدوجة بإظهار الخوف من الإغراق من أنصار أعداء (قطر) أو تمني الإغراق من كارهي تلك الأنظمة من محبي (قطر) والذين يشاركونها نفس الرؤية.
كما انتشرت نكتة في قطاع غزة تقول:
(الحي السعودي والحي الإماراتي يعلنان قطع علاقاتهما الدبلوماسية مع مدينة حمد)
وهنا يحاول مطلق النكتة السخرية من الدول التي أعلنت قطع علاقاتها مع دولة (قطر) وخاصة الدول المجهرية، فالحديث عن الأحياء يشير إلى التجزيء والاستخفاف، ويحاول اظهار (قطر) بأنها الكبيرة بأفعال الخير، وفي نفس الوقت يحاول مطلق النكتة السخرية من حالة التلاسن الشعبية الفلسطينية بخصوص الأزمة الخليجية ويتهمهم بطريقة غير مباشرة بأنهم يقفون مع من يستفيدون منه، ولكنه يظهر من زاوية أخرى بأن (الإمارات) و(السعودية) بنتا أحياء بينما كانت (قطر) أكثر تفاعلا مع الهم والاحتياج الشعبي الفلسطيني عندما استخدم مصطلح (مدينة حمد) وهنا أنسن الفعل القطري باستخدامه اسم (حمد) بينما استصغر الدور الذي لعبته الدولتان المذكورتان من خلال استخدام مصطلح (حي) ونسبه لجهات رسمية وليس لأشخاص، والظاهر أن هذا الإيحاء مقترن بدور (قطر) الذي يسعى إلى تخفيف الحصار بكل ما يستطيع، بينما تعمل الدولتان الاخريان عكس ذلك، حسب ما يرى مطلق النكتة.
أتت النكتة هنا في سياق تفاعل سياسي واجتماعي واقتصادي شبه رسمي ونخبوي وشعبي فلسطيني، وعكس ما استطعت جمعه وتحليله منها طبيعة المزاج الشعبي تجاه ما يجري هناك، ولا بد من التنويه إلى أن هذه القراءة التحليلية تتناول الفترة الزمنية حتى تاريخه.
 

 

تابعونا على فيسبوك
تصميم وتطوير: ماسترويب 2017