الرئيسية / الأخبار / فلسطين
مصعب رابية يخط نجاحه في عالم الرياضة بين الصخور
تاريخ النشر: الجمعة 23/06/2017 18:45
مصعب رابية يخط نجاحه في عالم الرياضة بين الصخور
مصعب رابية يخط نجاحه في عالم الرياضة بين الصخور

نابلس:من سرين عاطف
أحياناً يحاصرك اليأس تجده محيطاً بك من كل الجهات، فتبدو لك الهموم مثل الجبال تحدّك من كل صوب وحدب، تشعر أن الليل الطويل لن ينجلي وإنك ولدت فيه، وكبرت فيك، وستموت فيه، وأنك لن ترى الشمس يوماً، لتطغى فجأةً إرادتك الجبارة على كل يأسك فتحطمه ليصبح رماداً حِطاماً.
وهذا هو مصعب رابية ابن العشرون عاماً، الذي روى من قصته روحاً حية أبت للحظة الإنكسار والهزيمة والاستسلام لصعوبات الحياة المريرة، فتجده يبني من هوايته حلماً يصدح به في أرجاء العالم ويرفرف به في أعالي السماء.

كان رابية يخط أولى خطواته في عالم الرياضة التي أصبح مولعاً بها منذ سن الـ 4 أعوام، حيث التحق برياضة "التايكوندو" في بيرنبالا شمال غرب القدس، لم يستمر فيها سوى عاماً ونصف نتيجة ما سمي بجدار الفصل العنصري الذي أقامه الإحتلال وفصل الضفة عن القدس، ليشكل ذلك عائقاً أمام مصعب في التنقل من وادي الجوز إلى مكان سكناه بيرنبالا.

نعم، تمكن هذا الجدار من فصل الضفة عن القدس إلا أنه لم يتمكن من فصل مصعب عن حلمه، فأخذ يتعلم رياضة الكراتيه ليصبح بعدها لاعباً يُستحق أن يتوّج بطلاً عالمياً محترفاً، حيث حصد العديد من الألقاب والبطولات المحلية وحصل على الحزام الأسود بالدرجة الثالثة، لكن ظروفه العائلية وتغيير سكناها إلى كفر عقب حالت بين مصعب وممارسة رياضته لتمنعه من متابعة التدريب في جبل المكبر (خارج جدار الفصل العنصري) وشكل ذلك عائقاً كبيراً لديه في التنقل من الضفة إلى القدس بشكل يومي، فاكتفى بممارسة رياضته لوحده في ملاعب كفر عقب.

ورغم التهميش الذي لاقاه مصعب من بعض الجهات والأصعدة كافة الا أنه لم يكن وحيداً، بل كان ملهمه الدائم ومشجعه الوحيد د.زكريا أبو سنينة يشد على يده ويدعمه ويقدم له كافة النصائح حتى استطاع أن يجعله رياضياً ناجحاً ذو أثر بارز وكبير في المجتمع، لاسيما أصدقاءه الذين رافقوه بكل خطوة من مسيرته الرياضية، ووالداه اللذان أحاطوه بدعواتهم من أجل تحقيق ذاك الحلم الذي تمنته عيناه.

شارك رابية خلال مسيرته في ممارسة رياضة الكراتيه في "بطولة فلسطين للكراتيه" التي أقيمت في قاعة ماجد أسعد، وحاز على البطولة "اللقب الأول" فيها، وحين مشاهدته للأطفال والشباب الذين انبهروا بمهارته خلال لعبه قرر أن يعمل على تدريبهم، فكان من بينهم أطفال أيتام وآخرون يعانون من مرض التوحد، ووصل عددهم إلى 350 لاعب فأطلق رابية عليهم: "نادي نسور فلسطين" والذي أنشأه بمفرده وعلى حسابه الشخصي وكفل أعباء تسجيله في الإتحاد الفلسطيني للكراتيه، وشارك النادي في بطولات محلية وتمكن من الحصول عل كأس النادي المحترف وغيرها من البطولات العديدة التي شارك فيها.
بعد فترة لم يستطع مصعب تحمل أعباء الفريق على نفقته الخاصة نتيجة ظروفه الصعبة التي يعيشها، فالتحق بالثانوية العامة ومن ثم التحق بالمعهد التقني في رام الله وتخرج منه بتخصص مصمم جرافيك.

واجه مصعب أصعب ظروف حياته التي وقفت في طريقه لتصده عن الإستمرار في ممارسة هوايته الرياضية إلا أنه استمر في بلوغ ذاك الحلم، فأخذ يقتني رياضة أخرى وهي رياضة "تنين العرب" حتى تمكن بمساعدة أحد مؤسسيها الدكتور شهدي رجب من إتقانها، وكان قد وجه له دعوة للمشاركة في بطولة تنين العرب في الخارج ليمثل من خلالها فلسطين، فكان بمثابة حلم بل بداية تحقيق الحلم لدى مصعب الذي سعى جاهداً من أجل تلك اللحظة.

وهنا، سافر رابية إلى الدار البيضاء في المغرب، وشارك في بطولة تنين العرب ممثلاً عن فلسطين، وتمكن فعلاً من الحصول على لقب بطل العرب في رياضة تنين العرب بذهبتين (القتال والأركان).

أجل، هذا الفتى الصغير سناً الكبير عقلاً بتفكيره وطموحه وإيمانه الأكبر، الذي لم يمنعه الحاجز من اجتياز ومواصلة الدرب الشاهق الذي عايشه بكل صعوبته طيلة فترة حياته، وإنما كان قلبه ينبض دائماً بالإصرار على الوصول نحو ما يريد وتمكن بإصراره فعلا من أن يصل إلى ما يريد.

 

تابعونا على فيسبوك
تصميم وتطوير: ماسترويب 2017