الرئيسية / مقالات
وتستمر حرب البسوس.. بقلم رامي مهداوي
تاريخ النشر: السبت 09/09/2017 09:07
وتستمر حرب البسوس.. بقلم رامي مهداوي
وتستمر حرب البسوس.. بقلم رامي مهداوي

قبل سنوات، قرأت قصة الزير سالم _ المهلهل عدي بن ربيعة بن الحارث بن تغلب، وفي هذه الأيام انتهيت من مشاهدة المسلسل الذي يتحدث عن هذه الشخصية العربية الجدلية التي وصلت مرحلة الأسطورة والخيال كما يدعي بعض المؤرخين، ويجب الانتباه هنا إلى وجود روايات متعددة عن الزير، إلاّ أن المسلسل وعلى الرغم من أن إنتاجه بهذا العمل الإبداعي للدراما التاريخية ضلل بعض الحقائق.
وحتى نكون على بينة عزيزي القارئ، مقالي هذا ليس نقداً فنياً أو تاريخياً، هو محاولة للنظر برؤية شمولية للوقائع المختلفة التي حدثت أثناء الملحمة التاريخية العربية في فترة الجاهلية المعروفة بحرب البسوس وواقعنا الحالي الفلسطيني والعربي، سأضع المشهد وسأترك لكم الإسقاطات المختلفة بما ترونه مناسباً:
كانت القبائل العربية متناحرة فيما بينها، إلاّ قبيلتي تغلب _قبيلة الزير سالم_ وبكر. لهذا انتصروا على الملك التبع اليماني ليصبح وائل بن ربيعة التغلبي والمعروف في التاريخ باسم كُليب _ الأخ الأكبر للزير_ ملكاً على القبائل العربية؛ إلاّ أن كُليب كان له مشروعه الخاص ما جعل تصرفاته مثل: منع الصيد، منع إضرام النار أقرب إلى الدكتاتورية في العصر الحديث.


ومع ازدياد سطوة كُليب على القبائل العربية، اشتعلت شرارة الرفض _الثورة في المفهوم المعاصر_ التي تطورت إلى حرب دامية بين قبيلتي بكر وتغلب بسبب ناقة كانت تسمى سراب كانت تمتلكها سيدة اسمها البسوس. بعيداً عن تفاصيل التفاصيل، قُتل كُليب غدراً على يد جساس بن مرة لتندلع الحرب المعروفة قي الملحمة العربية «حرب البسوس» التي استمرت 40 عاماً.
وهنا حتى لا أكون مجحفاً في حق قامة عربية أصيلة متمثلة في الزير سالم، من الجدير دراسة عقليته من منظور العلوم السياسية والعلوم الحربية وليس النظر له بمنظار كونه الشاعر الجاهلي الأول الذي تحول من مدمن للخمر والنساء وسماع الأغاني إلى المحارب الثائر لأسباب كثيرة أهمها:
الزير انتقل من مرحلة الرومانسي المحب إلى محارب يطلب الثأر ثم إلى حالم في المُلك.
مفهوم الإبادة والتطهير القبلي الذي أراده لأبناء عمومه البكريين.
كيف قاد جبروته ونرجسيته «الدكتاتورية» إلى نهاية حكمه وحكم قبيلته.
الحرب كهدف أم وسيلة لتحقيق الهدف في عقلية الزير الديكتاتورية.
أعترف لكم بأنني أعيش حالة من الشيزوفرينيا ما بين حب وكره لهذه الملحمة التاريخية، إلاّ أنها وفي كل المقاييس مأساة ما زالت معششة في العقلية العربية على كافة الأصعدة، لدرجة أنني أجد ذاتي _الإنسانية، الفلسطينية، العربية_ ما زالت تعيش في عصر الزير سالم لكن بأشكال وأدوات ومسميات مختلفة. هذه دعوة لكل من لم يسمع عن حرب البسوس والزير سالم أن يقرأ ويشاهد الرواية والمسلسل ليلاحظ بأننا ما زلنا نعيش مع: الزير سالم، كُليب، جساس، جحدر، الحارث بن عباد، التبع اليماني، البسوس، الجرو.... وتستمر حرب البسوس...


 

 

تابعونا على فيسبوك
تصميم وتطوير: ماسترويب 2017