الرئيسية / الأخبار / فلسطين
من يتحمل مسؤولية تراجع حركة النشر والتأليف الفلسطينية؟
تاريخ النشر: الأثنين 13/11/2017 14:30
من يتحمل مسؤولية تراجع حركة النشر والتأليف الفلسطينية؟
من يتحمل مسؤولية تراجع حركة النشر والتأليف الفلسطينية؟

أصداء- خميس أبو النيل- تشهد حركة التأليف والنشر الفلسطينية مؤخراً تراجعا ملحوظاً قد يكون بسبب الانترنت أو الوضع الفلسطيني المحتل، ولكن النسبة الأكبر من المتابعين يرجعون ذلك إلى عدم قدرة المؤلفين والأُدباء على تغطية تكاليف إصداراتهم التي تتطلب مراحل متعددة من اجل الوصول للنشر، والكثير من الكُتاب يرجع السبب إلى اقتصار دعم وزارة الثقافة الفلسطينية للمؤلفين على الدعم المعنوي وليس المادي كما يحتاجون، فيما ردت الوزارة أن حركة التأليف الفلسطينية تعتبر من  أقوى حركات التأليف في الوطن العربي، ولا يوجد مؤلف توجه للوزارة ولم تتبنى عملة وتصدره.

 

وفي هذا الشأن يقول الصحفي والمؤلف أمين أبو وردة مدير موقع أصداء للصحافة، إن إمكانيات وزارة الثقافة متواضعة جدا فهي تقتصر على رعاية بعض الأنشطة، وبذلك نرى أن هناك الكثير من المؤلفين والشعراء لا يوجدون الدعم لمؤلفاتهم لكي تظهر موهبتهم، وهذا التقصير يقع على عاتق الكثير من المؤسسات العامة والخاصة، ومن ضمنها  أيضا  وزارة الثقافة.

ويوضح أبو وردة أن لديه العديد من المؤلفات التي تبناها ونشرها بشكل شخصي، بعد ما فقد الأمل من دعم الجهات المعنية في ذلك، بالرغم من أن معظم مؤلفاته هي إصدارات السجن (أي ألفها وهو معتقل داخل سجون الاحتلال الإسرائيلي) فهي أدبيات الأسر بحسب وصفه لها، عدا عن الكتب الأكاديمية والتي  لها علاقة بالإعلام ورسالة الماجستير والدكتوراه.

ويشير أبو وردة إن مساهمات وزارة الثقافة رمزية لا تطال بإسهامها جُل المؤلفين فهي تعمل على سياسة الدعم المعنوي بدل الدعم المادي المراد لكل كاتب وناشر، فالمؤلف لا يحتاج من الوزارة بأن تكلفة في رعاية مشروعة وإصداره على حسابه الخاص، ليكون تحت مسمى الوزارة  بل هم بحاجة لرعاية حقيقية تتمثل في الطباعة والنشر والتوزيع.

 

ويذكر مدير موقع أصداء بأن التأليف في فلسطين ضعيف ومتواضع جدا، وذلك بسبب العقبات المالية وخاصة أن الكثير من المؤلفين يتبنون كتبهم بشكل شخصي، وبالتالي هناك إرهاق مالي وانحسار في حجم التأليف، وكل الأفراد  يعتمدون على الكتب والمؤلفات الأجنبية.

أما عن دور الانترنت يتحدث أبو وردة بأن الشبكة العنكبوتية ساهمت  في توفير مساحة كبيرة للمؤلفين، من أجل نشر أعمالهم وكتاباتهم إلا أن ذلك له أضرار عليهم، فمثلا لا يستطيع الكاتب أن يأخذ حق الملكية في كتابة خاصةً رغم الجهد والتكاليف الكبيرة التي استهلكها إصدار كتابه، وعلى الرغم من وجود جهات ومؤسسات تعمل على حفظ الملكية والمساعدة في النشر إلا أنها تقوم في ذلك مقابل مبالغ مالية كبيرة.

وختاماً يقول أبو وردة "المسؤولية في ذلك لا تقع فقط على وزاره الثقافة بل على الكثير من  مؤسسات المجتمع المحلي، والمؤسسات التي ترفع لواء الثقافة وتمتلك دعما وتمويلا أجنبيا ودوليا، وغالبية هذه المؤسسات دورها يكون شكليا ومعنويا وأنشطتها سطحية، وهنا على الدولة تحمل المسؤولية في إيجاد حل منطقي لذلك، وأيضا قد يكون عذر وزارة الثقافة أن غيرها من الوزارات له حصة مالية من موازنة السلطة أكبر منها".

ومن جهته يوضح مدير عام الآداب والنشر في وزارة الإعلام عبد السلام العطاري، أنه رغم قلة حركة التأليف والحصار على إخراج و استيراد الكتب في فلسطين،  إلا أنها تعتبر من أقوى حركات التأليف في الوطن العربي.

ويعدد العطاري أكثر دور النشر الناشطة في حَركات التأليف في فلسطين مثل: مكتبة دار الشروق، ومكتبة راية، ودار الكتاب، ودار الفاروق، ويتابع هناك العديد من دور النشر الأخرى الناشطة في فلسطين فيكاد لا يوجد يوم أو نشاط إلا أن يكون هناك توقيع إصدار كتاب لأحد المؤلفين.

ويعقب العطاري: "وزارة الثقافة ليست دار نشر بل هي وزارة تدعم حركة التأليف، فهي تقوم بمواكبة المنشورات والمؤلفات والأدبيات، فهناك العديد من الإصدارات الشهرية المؤلفة  لوزارة الثقافة يتلخص مجملها  في الدراسات والأعمال الأدبية، ففي الشهر السابق صدر عدة أعمال لكُتاب منهم الدكتور عادل الأسطة بكتابه  عن أحمد دحبور، وصدرت مختارات عز الدين مناصرة،، مشيراً إلى أن هذه الإصدارات وغيرها يعكس ما يقال "بأن وزارة الثقافة لا تقوم بواجبها التأليفي" فوزارة الثقافة  تقوم بنشر ما لم تقدر دور النشر على نشره، فالمؤلفون يدفعون لدور النشر من أجل إصدار كتاباتهم، بالمقابل لا يوجد هناك من تقدم لوزارة الثقافة ولم تتبنى عملة على الرغم من أنها ليست دار نشر ولكنها تدعم أعمال جميع من يلجأ لها.

ويبين العطاري انه في عامي 2016-2017 تم دعم الوزارة من قبل السلطة الوطنية الفلسطينية، لكن ذلك لم يكن كافيا فهي بحاجة لدعم مادي وموازنة أكبر حتى تقوم بتجديد سياساتها، وسد ثغرات البنية التحتية للنشر الثقافي بشكل عام، فوزارة الثقافة تقوم من خلال الصندوق العام للثقافة بدعم أنشطة فردية وأنشطة مؤسساتية، ودعم أنشطة ثقافية وتنظم معرض الكتاب كل عامين، وأيضا تقوم  بتنفيذ مشاريع مركزية مثل ملتقى الرواية، والمسرح، والسينما، ويوم الثقافة الوطني، مع ذالك وزارة الثقافة من الوزارات المتدنية موازنتها الممنوحة من السلطة الوطنية، ولكن في الوقت الحالي بدأت السلطة تتفهم قيمة ومكانة وأهمية وزارة الثقافة في المجتمع.

ويأمل العطاري بأن يكون هناك موازنات تساعد في بناء البنية التحتية للثقافة، وقصور  ومراكز ثقافية ناشطة في كل مدينة، وان يكون هناك فضاءات مسرحية وسينمائية، وعمل اتحادات تضم المؤلفين والناشرين من اجل دعم حركة النشر وإظهار دور الوزارة، والمساعدة في نهوض الثقافة الفلسطينية وإشهارها، وترسخها.

وفي السياق ذاته يقول خالد خندقجي مدير المكتبة الشعبية في نابلس، "إن وزارة الثقافة تقوم بدعم حركة التأليف معنوياً وليس مادياً، ونحن نحتاج منها بأن تقوم بدعمنا من خلال دفعنا للمشاركة في المعارض الدولية والعربية، وان يكون للكاتب الفلسطيني مكانة دولية، وذلك لإظهار الجانب الإبداعي الفلسطيني، وتسليط الضوء عليه".

ويستطرد الخندقجي  بأن التأليف في فلسطين ديمقراطي ومرتقي، بالمقارنة مع حركة التأليف في البلدان الأخرى، فليس هناك حواجز تمنع المؤلفين من نشر أي مادة وموضوع يخطر في بالهم على عكس بعض البلدان المحجوب عليهم نشر بعض المؤلفات وعليهم رقابة صارمة، عكس الرقابة في فلسطين التي تعتبر ذاتية.

 ويتابع في فلسطين الثقافة والتأليف تقوم بدورها الرئيسي على الرغم من الإمكانيات الضعيفة الممنوحة لها وهذا الضعف من الأرجح أن يكون هو السبب في تراجع دور وزارة الثقافة في المساندة الواقعية،  وينوه إلى أن القارئ اليوم يفتخر بأن يكون هناك لديه نسخة ورقية من الكتاب، فوجود الانترنت لم يؤثر بشكل كبير على عملية القراءة التقليدية فالقارئ يفضل بحفظ نسخة ورقية من كتابه المفضل.

ومن ناحيته يوضح الناقد وأستاذ الإعلام في الجامعة العربية الأمريكية سعيد  أبو معلا، منذ استلام الوزير "إيهاب بسيسو" وزارة الثقافة وهناك تطور كبير على الفعاليات والأنشطة الثقافية مثل دعم مشاريع سينمائية، وإقامة ندوات، وحفلات ثقافية، وأمسيات، ومعارض كتب، وإطلاق مشاريع وخطط للمستقبل.

أما بخصوص التأليف يقول أبو معلا: "الوزارة تنطلق من فكرة أنها لا تعطي المؤلفين الكتابة، هي تعمل على شراء سياسات وتعتمد على المؤسسات والقطاعات الخاصة ودور النشر الخاصة والمعروفة من اجل التأليف".

ويعقب أبو معلا "نحن كفلسطينيين نعيش في ظروف احتلال، وهذا لا يُمكن وزارة الثقافة بان تكون بمثل مستوى وزارة الثقافة في السويد أو الدنمارك، فعلى وزارة الثقافة الفلسطينية أن ترصد جزءا كبيرا من ميزانيتها للتأليف أو الاشتراك في تأليف، وترجمة، وطباعة، وتوزيع، لان التأليف وصناعة الكتاب تمر  بأكثر من مرحلة من اجل إصداره النهائي، وجميع هذه المراحل تحتاج  إلى دعم خاص".

 ويتابع أن حلقة نقل المعرفة يجب أن تكتمل، فبدون توزيع وطباعة جيدة  قد لا ينجح الكتاب، أما الجزء الغائب عند وزارة الثقافة فهو ترجمة المؤلفات الفلسطينية إلى لغات أخرى في العالم.

ويقارن أبو معلا حال حركة التأليف في مصر مع فلسطين ففي مصر يخصص صندوق مالي خاص للتأليف، عدا عن مشاريع ضخمة من اجل انتشار المعرفة ووصولها لأكبر عدد من الأشخاص.  

ويذكر أن حركة التأليف في فلسطين هي فقيرة، ومن أسباب ذلك الاحتلال الذي يحاصر مخيلات المفكرين والمؤلفين، كما أن هناك صعوبة في العملية الإخراجية، وأيضا للجامعات الفلسطينية دور في تراجع حركة التأليف، وذلك لان الأساتذة  والمدرسين  يقومون بإحضار الكتاب وطباعته من جديد وبذلك يفقد حق الملكية وحق الكاتب ويضعف من أهمية دور النشر ولا يدعم المؤلفين.

 

وختاما يشير أبو معلا إلى أن هناك عوامل تحول دون قدرة الوزارة على التأليف، وبذلك على وزارة الثقافة أن تطالب برفع ميزانيتها لأكثر من مليوني شيقل لان ذلك لا يكفي رواتب الموظفين، ويجب أن يكون هناك حراك ثقافي من اجل التوجه نحو سياسات أوسع واكبر ثقافياً.

ويعقب أن الانترنت من احد ايجابياته انه أتاح النشر، ولكن هذا يعتبر مجانيا وبالتالي لم يحسن ذلك من وضع النشر لأن المؤلفين لا يحصلون على عائد مادي من ذلك، كما وأصبح الوصول للمعرفة سهلاً وهذا يفقد من قيمة المعلومة، فالانترنت سلاح ذو حدين.

تابعونا على فيسبوك
تصميم وتطوير: ماسترويب 2017