الرئيسية / الأخبار / اقتصاد وأعمال
كيف ستواجه السلطة الفلسطينية عجز موازنة 2018؟
تاريخ النشر: الجمعة 04/05/2018 23:23
كيف ستواجه السلطة الفلسطينية عجز موازنة 2018؟
كيف ستواجه السلطة الفلسطينية عجز موازنة 2018؟

صادق رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، على الموازنة العامة لسنة 2018، والتي أقرها مجلس الوزراء خلال جلسته الأسبوعية برئاسة رئيس الوزراء رامي الحمدالله ، بقيمة 5.8 مليار دولار.
والموازنة المقرة موحدة بقيمة 5.8 مليار دولار، وتشمل النفقات المتوقعة المترتبة على المصالحة الفلسطينية للعام الجاري في قطاع غزة حال تمكين الحكومة بشكل كامل على الأرض.
وتبلغ النفقات الجارية (الموازنة العامة) المقدرة للعام الجاري نحو 4.98 مليارات دولار، و821 مليون دولار للنفقات التطويرية (الموازنة التطويرية أو الاستثمارية).
وتقدر الحكومة الفلسطينية إجمالي التمويل الخارجي (المنح الخارجية) بنحو 775 مليون دولار، بينما تبلغ الفجوة في مشروع الموازنة نحو 1.025 مليار دولار.

وكانت حركة حماس رفضت إقرار حكومة الوفاق الوطني الموازنة المالية، معتبرة إقرارها بهذا الشكل "فسادا ماليا وسياسيا".
وقال القيادي في حماس أحمد بحر، وهو نائب رئيس المجلس التشريعي الفلسطيني، في مؤتمر صحفي عقده المجلس "إن إقرار موازنة 2018 يعد بمثابة فساد مالي وسياسي وانتهاك لأبسط القواعد القانونية والدستورية وأحكام القانون الأساسي"، مشددا على أن المجلس التشريعي هو "الجهة الوحيدة والحصرية لاعتماد موازنة الحكومة".

وخلال حديثي مع المحلل الاقتصادي بكر اشتية، يقول:"ما يميز هذه الموازنة أنها أول موازنة موحدة تحدث ما بين الضفة وغزة منذ عام 2007، وكانت يجب أن تصدر منذ ثلاث شهور، لكن عدم وجود استقرار في الموارد المالية في السلطة، وغياب المجلس التشريعي هما السبب في تأخرها".
ويردف اشتية أن الاقتصاد الفلسطيني يعتمد على ما تجبيه السلطة من ضرائب من المواطنين، والرسوم المدفوعة، وأرباح مثل المحروقات، والضرائب التي تجبيها إسرائيل نيابة عن الفلسطينيين والتي تسمى المقاصة، ومثاله الجمارك التي تدفع على ميناء أجدود للجمارك الإسرائيلية، وهذه الجمارك تعود للسلطة الفلسطينية من خلال اتفاق مسبق بينهم يسمى بروتوكول باريس الاقتصادي وهو الشق الاقتصادي من اتفاقية أوسلو عام 1994، الذي ينظم العلاقة المالية والضريبية والنقدية وسوق العمل بين السلطة وإسرائيل.

وينوه اشتية أن الموازنة السنوية دائما تخرج عجز، لكن سنة 2018 وصلت لأكبر عجز منذ تاريخ السلطة الفلسطينية،خاصة بعد انقطاع المساعدات الأمريكية عن الموازنة، وبقاء أوروبا والدول العربية هي المانحة للمساعدات المالية.

ويتحدث اشتية:"حماس اعتبرت حقها مهضوم لأن حكومة الحمد لله اعتبرت الموازنة شقين، الأول إذا لم تتم الوحدة الوطنية فإن حصة الضفة الغربية من الموازنة تقدر 5 مليار دولار، وإذا تمت الوحدة فتقدر ب5مليار و800 مليون دولار، وينتج عنه حصة غزة 800 مليون دولار وهذا الرقم لا يتناسب مع احتياجات غزة حسب ما صرحت حماس".
الموازنة مهددة!
يؤكد اشتية أن غياب المجلس هو أحد أهم أسباب الأزمة الحالية واللاحقة، مضيفا أن السلطة هي منتج من منتجات منظمة التحرير وبالتالي لا يجوز للسلطة أن تعالج مشكلة مالية ومنظمة التحرير تقف بصف محايد.
عملية الموازنة تحتاج مراحل حتى يتم اعتمادها، فيكتبها وزير المالية، ويعتمدها رئيس الوزراء، ثم ترفع للمجلس التشريعي للمصادقة عليها ،وأخيرا تحولها لمشروع قانون ليوقعها رئيس السلطة، حتى تصبح ملزمة لكافة المؤسسات.

ويوضح اشتية :" الموازنة إغاثية ليست تنموية، لأن النفقات شقين نفقات جارية ونفقات رأس مالية ،والجارية مثل الرواتب والأجور "استهلاكية" ، والرأس مالية (استثمارية) نفقات تساعد على خلق فرص عمل واستثمار، وحجم النفقات الاستثمارية لا تشكل إلا 7% من مجموع الموازنة المقترحة".
ويتحدث اشتية أن عدد الموظفين في السلطة كبير بحيث الرواتب والأجور تشكل 45% من مجموع الموازنة، وهذا رقم كبير جدا بالمقارنة مع باقي دول العالم , بالإضافة إلى فاتورة الانقسام بحيث أن حماس خلال فترة الانقسام وظفت مواطنين والحكومة لم تكن تدفع رواتبهم، فوجود موازنة موحدة وحكومة موحدة سيتم استيعاب 20 ألف موظف من غزة في الموازنة الجديدة، غير آلاف الموظفين في السلطة وهذا شكل عبئ جديد على الموازنة.
بالإضافة إلى عدم وجود قطاعات إنتاجية كالصناعة والزراعة ، فالقطاع الزراعي أصبح يشكل 2.8 % من الناتج المحلي بعدما كان يشكل 44% من الناتج قبل الانتفاضة.

كارثة متوقعة!
بوجود العجز الكبير وتأثير نقل السفارة بعد شهرين للقدس، يشير اشتية أن السلطة تحتاج لإجراءات تصعيدية أو شكلية، وهذا قد ينجم عنه قطع المقاصة من قبل إسرائيل التي تشكل 2.5 مليار دولار وهي نصف الموازنة، وهذا يؤدي لعجز السلطة عن دفع الرواتب، وإمكانية قطع المساعدات من المانحين للضغط على السلطة للرجوع للسلام والمفاوضات، وهنا تغلق الطرق بوجه السلطة فكيف سيغطى العجز؟
"عبيد الرواتب "، هذا ما قاله اشتية، ويؤكد أن الشعب بحاجة لحكومة وحدة وطنية، ليجمع مشاكله تحت يد واحدة حتى لا تخضع السلطة للاستجابة لأي شرط مقابل الرواتب والمساعدات ومن بينها صفقة القرن.

حلول ترقيع!
كانت السلطة تلجأ في السابق لتغطية العجز من خلال الاقتراض من العالم الخارجي ،أو البنك الدولي أو أي دولة أو القطاع المصري في فلسطين أو صندوق الاستثمار الفلسطيني ،وهذه ديون عامة على السلطة وتقدر الديون الحالية على السلطة 5مليار دولار وينتج عن هذا زيادة في الضرائب على المواطنين وإذا قسم هذا الدين على الفلسطينيين ، فحصة كل مواطن ألف دولار.
الخيار الثاني هو عمل تعديلات ضريبية ستمس كل المواطنين وتزيد الضرائب مع أن 90% من رواتب الموظفين مرهونة للبنوك بسبب ديون المواطن العادي على شكل قروض.
والخيار الثالث رسوم إضافية على خدمات تقدمها السلطة للمواطنين مثل النفايات مسقفات وترخيص الأراضي وغيرها، ويتوقع المختص بالشأن الاقتصادي أسامة نوفل في حديثه لموقع فلسطين اليوم أن السلطة ستلجأ للحلول السابقة.
ويقول نوفل أن " الغياب التام للمعلومات حول الموازنة يشكل مخالفة صريحة للقانون الأساسي المعدل 2003 وقانون تنظيم الموازنة لعام 1998، وذكر أنَّ الحكومة في رام الله لم تنشر الموازنة التفصيلية، وأن ما جرى في رام الله عبارة عن توزيع بيان لا يحوي أي بيانات تفصيلية ،وما تم عرضه عبارة عن أرقام صماء، لا يوجد فيها أي تفصيل".
وذكر نوفل أنَّ العجز في الموازنة سيظهر جلياً مع تراجع المساعدات للسلطة، إذ بلغ في العام 2015 حوالي مليار دولار أمريكي، ووصل في العام 2016 حوالي 700 مليون دولار أمريكي، وفي العام 2017 وصل لحوالي 550 دولار أمريكي، متوقعاً أن تتراجع المساعدات الخارجية في العام 2018.

وتضيف سلطة النقد الفلسطينية في تقرير أصدرته لعام 2018، أن التقديرات الأولية تشير إلى استمرار التعافي في الحراك الاقتصادي خلال العام 2017، إلا أن ضبابية المشهد الاقتصادي الفلسطيني، وارتباطه بالمشهد السياسي والمتغيرات على الساحة المحلية والخارجية، أظهرت من جديد بوادر التباطؤ النسبي للنشاط الاقتصادي.
تفترض سلطة النقد تعرض الاقتصاد إلى صدمة إيجابية بنجاح المصالحة إلى حدوث تحسن جدي في المسار السياسي والوضع الأمني، وتسريع عملية إعادة إعمار قطاع غزة، والشروع في تنفيذ بعض المشاريع الرئيسية والإجراءات الكفيلة بتحفيز الاقتصاد، وتشير تنبؤات سلطة النقد إلى التوقع بأن ينمو الاقتصاد الفلسطيني بنسبة 6.3%، نتيجة لنمو اقتصاد غزة ضمن هذا السيناريو بنحو 20%، وأن يرتفع الدخل الفردي الحقيقي بنسبة 3.1%. كما يتوقع أن يؤثر هذا السيناريو إيجابياً في معدلات البطالة، بانخفاضها إلى حوالي 27.1% من إجمالي القوى العاملة.
وعلى النقيض من ذلك، في حالة تعرض الاقتصاد لصدمة سلبية وتدهور في الأوضاع السياسية والأمنية والاقتصادية، وتراجع عدد العمال الفلسطينيين في إسرائيل، بحيث ينكمش الاقتصاد بنسبة 1.4%، ويتراجع الدخل الفردي الحقيقي بنسبة 3.6%، إضافة إلى التأثير السلبي الملحوظ لهذا السيناريو على معدلات البطالة، بارتفاعها إلى حوالي 32.4% من إجمالي القوى العاملة في العام 2018.

 

 

 

 

تابعونا على فيسبوك
تصميم وتطوير: ماسترويب 2017