الرئيسية / مقالات
رسالة صريحة للأخ محمد اشتية و حكومته
تاريخ النشر: الأثنين 15/04/2019 06:54
رسالة صريحة للأخ محمد اشتية و حكومته
رسالة صريحة للأخ محمد اشتية و حكومته

الأخ محمد اشتيه و وزراء حكومته , بعد أن أقسمتم اليمين مرتين , و ربما للتأكيد , و بعد تسلم الوزارات , و بعد ما أثير حول تشكيل الحكومة قبل و أثناء و بعد التشكيل , و بعد أن أيد من أيد و عارض من عارض , بعد ذلك كله أقول و بكل صراحة إن الوضع الفلسطيني غاية في الخطورة و التعقيد , خطورة لا تنحصر في حكومة بمن شارك أو من لم يشارك, خطورة تمتد من ماضينا الى حاضرنا الى مستقبلنا فتعبر التاريخ و الجغرافيا , و تهاجم الاقتصاد و الاجتماع , تجعلنا قلقين على مستقبل أبنائنا و أحفادنا , بل على مساحة قبورنا إن بقي في الأرض مساحة للقبور , خطورة تعمقت و مشت في شراييننا و لم يكن دوائها و حلها ينحصر بتغيير حكومة .
أخي و صديقي أبا ابراهيم , و اعذرني فلا مكان و لا وقت للألقاب تحت الإحتلال و لا بين الأصدقاء , أو كما قلت أنت نفسك أنك طولبت بنبذ الألقاب , عهدي بك أنك ترقب الأحداث و المعطيات و تلتقط المحركات و المتحركات سريعا , و لست هنا بمقام التنبيه أو التحذير , فلعل اطلاعك على خفايا الأمور بحكم موقعك يجعل ما يقال أقل بكثير مما يعرف , و لا ينقص الكثير من أعضاء حكومتك الإطلاع و المعرفة و ربما لا ترتقي إلى نفس المستوى , و لكن يعرفون و العارف لا يعرف .
الكل يعي و يعرف أن المأزق الوطني الإقتصادي الإجتماعي الوجودي أوضح من أي توضيح , و كلنا نكتوي بالنار , حكومة و معارضة , قاسمين و منقسمين , أينما وجدنا في مخيمات اللجوء أو في حيفا و الناصرة و المثلث , في القدس أو ما تبقى من ضفة أو في غزة , فقد حللنا و استقرأنا و توقعنا و حلمنا و كل بطريقته و اليوم نواجه جميعا لحظة الحقيقة فالعدو خلع كل القفازات و لم يكشر عن أنيابه فقط بل غرزها في شرايين وجودنا , و سكينه الحادة لم تتوقف يوما عن تقطيع الأوصال بل زرع الألغام بين ظهرانينا فأزاح غزة و يعزف سمفونية الموت في الضفة , فهل تشكيل الحكومة يحل و يواجه كل ذلك ؟!
أخي العزيز , لم أقل مبروك و لن أقولها لمن تبوأ المنصب , بل أقول أعانكم الله على الحمل الثقيل و الملفات أكبر من المكاتب و الأدراج مليئة بالأوراق و الأضابير , و الأهم من ينتظر خارج بوابة الوزارة , إنه الشعب المنهك الحامل على عاتقه المرحلة , المتيم في معبودته المسلوبة , فاقدا للأمل , مرهقا بالديون و الهموم , لم تعد تشفي غليله الوعود و لا العهود , و هو يترنح أمام فجوة تعاظمت بين الحاكم و المحكوم , , و خارج البوابة أيضا الشاب العاطل عن العمل و المريض الباحث عن الدواء , و التاجر المتعثر و المصنع المعطل و المزارع الذي ترك مزرعته و يعمل في مستوطنة , و السائق الذي يحمل روحه على كفه على الطرق الخارجية, و الموظف يقبض ربع الراتب و يعتاش في ذل و مهانة , و خارج البوابة بنية تحتية تئن و شوارع تضيق و تملأها الحفر , و خارج البوابة اعتداءات لجيش الاحتلال و مستوطنيه على كل شيء حيا كان أو جمادا , خارج البوابة يا سيدي كل شيء ليس على ما يرام .
عزيزي , لقد درسنا معا و خضنا نضالات الحركة الطلابية في عز عنفوانها معا , ومررنا بالعهد الجميل معا , و تخرجنا معا و مضى كل في طريقه فخضت أنت المجال السياسي و الأقتصادي و أبدعت و حصلت المراكز العليا أكاديميا و مهنيا , و اليوم تشكل الحكومة , و أزعم أني خضت العمل الوطني و المجتمعي ممزوجا بعملي التجاري مما جعلني في موقع بين الناس في الحالة الوطنية و المجتمعية و الإقتصادية فعشت هذا الألم و لذلك أخاطبك من هذا الموقع , موقع لم يبعد عنك أو تبعد عنه , و تحمله معك في خطابك و توجهاتك .
و بصراحة و وضوح إما أن تكون هذه الحكومة جسرا ثابتا منفتحا للوحدة و حمل هموم الناس , جسرا نحو توحيد الجهد و الطاقات و استعادة الحريات و الديموقراطية و التوجه نحو الانتخابات ليشارك الجميع و يتمثل الجميع , و إما - و هذا ما لا أتمناه - أن تكون عاملا مساعدا للفصل بين الضفة و القطاع , وعدم احتواء الجميع , و عدم معالجة هموم و احتياجات و آمال المواطنين المتعبين .
إخواننا في الحكومة , قد تكون هذه الحكومة الثامنة عشر بترتيبها , و لكنها ليست كأي حكومة سابقة , فهي تأتي في أدق مرحلة يمر بها شعبنا , و قد ارتضيتم حمل المسؤولية بكل تبعاتها , و أقول أن الحكومة تقوى بمدى التصاقها بالناس , فكلما تم ردم الفجوة تجانس الأداء و كبرت و اتسعت و قويت الحاضنة الشعبية , و الجبهة الداخلية أهم الجبهات , و الوحدة الوطنية أهم المسارات , و البرنامج الموحد أهم المرجعيات , و حرية التعبير و الانتخاب أرقى التعبيرات , و مواجهة الحصار المالي و صفقة القرن و تهويد وضم الضفة و عزل غزة و سلب القدس و الغول الاستيطاني لا يمكن مواجهة كل ذلك إلا بالوحدة ثم الوحدة , و أمامكم فرصة لاستعادة الوحدة و الانفتاح على الجميع , و عكس ذلك لا أرى إلا تدميرا لكل شيء لن يسلم منه شعبا و لا حكومة و لا قيادة و لا فصيلا و لا ضفة و لا قدسا و لا شتاتا و لا غزة , و لا أهلنا في الداخل , إنها معركة أن نكون أو لا نكون, فكونوا جسرا للعمل على أن نكون .
سامر عنبتاوي
15-4-2019
 

 

تابعونا على فيسبوك
تصميم وتطوير: ماسترويب 2017