بعد تعثر دام أكثر من عشرون عاما على مسار التسوية الخاصة بالقضية الفلسطينية ..وجنوح قيادة منظمة التحرير الفلسطينية لخيار التفاوض السلمي بعيدا عن فرقعة السلاح..أملا في تحقيق نقلة نوعية باتجاه تحقيق بعضا من حقوقنا الوطنية والقومية في فلسطين ,وخصوصا تلك التي أقرتها الشرعية الدولية ,والتي جاءت على شكل توافق دولي لنادي الكبار, حيث أعطيت بموجبه الحركة الصهيونية الحق في إقامة ما سمي في حينه (دولة إسرائيل)على أجزاء من الأراضي العربية الفلسطينية ,واعتبار الأراضي التي احتلت في العام 1967م أراض محتلة إضافة لإقرار الشرعية الدولية بحق العودة لكافة أبناء شعبنا في اللجوء إلى ديارهم وبيوتهم التي هجروا منها قبل وبعد الإعلان عن قيام الدولة العنصرية الصهيونية في العام 1948م.
بعد طول هذه السنين العجاف من عملية التسوية البائسة ووصول قيادة الشعب الفلسطيني ومعها القيادات العربية لقناعة تامة باصطدام تلك العملية بجدار الفشل الذريع الذي لا يمكن اختراقه ,بسبب الصلف والعنجهية الاحتلالية والنوازع الاستعمارية التي تهيمن على العقلية الصهيونية المريضة, والتي تستهدف أساسا بسط النفوذ وتوسيع رقعة الاحتلال لتشمل الوطن العربي كله, وخصوصا تلك البلاد والأراضي الواقعة بين النيل والفرات.
من هنا وأمام هذا الواقع المرير كان لزاما على القيادة الفلسطينية وبالتوافق مع القيادات العربية الرسمية والشعبية الاستعداد لمرحلة الإعلان الرسمي عن وفاة عملية التسوية السلمية ووضع الحلول المناسبة ,وإيجاد البدائل الكفيلة بتغيير المسار نحو أفاق جديدة تخدم مشروعنا الوطني القومي ,وتقربنا من الوصول بحلمنا نحو إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف ,وعودة الملايين من المهجرين من أبناء شعبنا إلى ديارهم وبيوتهم.
ولعل ابرز ما نقدمه في هذا الإطار جملة من نقاط محورية كورقة عمل مقترحة بالشكل التالي:
أولا:تعزيز الجبهة الداخلية من خلال إنهاء الانقسام وتفعيل مشاركة قطاعات واسعة من الشعب في صياغة ملامح برامجنا النضالية المستقبلية والمترتبة على انهيار التسوية السلمية وفشل خطة كيري المبنية على الموقف الأمريكي المنحاز للاحتلال,وكذلك إيجاد الصيغ الملائمة لتعزيز صمود شعبنا في مختلف الميادين والمجالات.
ثانيا:تفعيل واستنهاض الدور العربي في خدمة القضية الفلسطينية وتسخير كافة الطاقات والإمكانات العربية البشرية والسياسية والاقتصادية باتجاه فرض المقاطعة والعزلة الدولية للكيان العنصري الصهيوني وربط العقود التجارية والصناعية والمعاملات المالية والأحلاف السياسية والإقليمية بما يخدم رفع الظلم عن الشعب العربي الفلسطيني وإنهاء الاحتلال,وكذلك تعزيز أواصر العلاقة والشراكة الكفاحية مع كافة القوى والأحزاب العربية الثورية والقومية والشعبية ووضع الخطوط والبرامج النضالية للمرحلة المقبلة والمبنية على الأسس القومية الأصيلة.
ثالثا:تفريغ وتشكيل جيشا من الإعلاميين والصحفيين والأكاديميين على غرار الأعداد الهائلة من المنتسبين للأجهزة الأمنية الفلسطينية وغزو المحافل الدولية وبدعم عربي إسلامي ولكافة المنابر والهيئات المتفرعة عنها بهدف تعزيز دور المجتمع الدولي في تحقيق الشرعية المنبثقة عن مجالسه ومؤسساته والضغط على الكيان الصهيوني بهدف إنهاء أخر احتلال على كوكب الأرض.
رابعا :استخدام كافة الوسائل النضالية التي كفلتها القوانين الدولية في مواجهة الاحتلال مع الأخذ بعين الاعتبار عدم تأليب الرأي العام الدولي ضدنا والحفاظ عليه سندا في خدمة مشروعنا التحرري وانعتا قنا من نير الاحتلال البغيض.
أخيرا يقينا إن النصر حليف قضيتنا العادلة وان امتنا العربية لم ولن تخذل قضية العرب المركزية وتطلعات شعبنا في الاستقلال..ومعركتنا واحدة من المحيط إلى الخليج في سبيل الحرية والوحدة والتحرير.
بقلم:ثائر حنني
بيت فوريك-فلسطين المحتلة
شباط 2014
