الرئيسية / ثقافة وأدب
صبانة طوقان... إرث يكافح من أجل البقاء
تاريخ النشر: الأثنين 24/02/2020 16:56
صبانة طوقان... إرث يكافح من أجل البقاء
صبانة طوقان... إرث يكافح من أجل البقاء

كتبت: تســــــنيم صعابنه
مع انتشار المنظفات الكيماوية، ومواد التجميل المتعددة، والتي تستخدم لإبراز الجمال وتحسين المظهر، وتعطير الرائحة، يقف الصابون النابلسي شامخًا مكللًا بتاج العراقة والأصالة، وحسب بعض الباحثين يرجع تاريخ صناعة الصابون النابلسي، إلى أكثر من ألف عام مضت.

صبانة طوقان، تعتبر من أهم وأعرق مصانع الصابونة التقليدية، والتي تأسست عام 1872 أي قبل أكثر من مئة وأربعين عاماً، على يد الأخوين حافظ وعبد الفتاح طوقان، ثم انتقلت إلى الأبناء والأحفاد.

ولم تترك صبانة طوقان استخدام الطريقة التقليدية في صنع صابونها النابلسي، بمكوناتها الطبيعية، فهي ليست صناعة فقط وإنما تاريخ نابلسي عريق تسوق داخل الوطن وخارجه ومنها الأردن.

يقول أحمد دويكات، قسم التسويق: "تقع صبانة طوقان وسط حارة القريون، وتعود في بنائها إلى القرن الثاني عشر هجري، الثامن عشر ميلادي، وتتكون من مبنى ضخم يضم قاعات وغرف فسيحة، ويتم تصنيع الصابون في الطابق الأول منها، في حين يتم فرش الصابون وتقطيعه في الطابق الثاني منها".

ويتابع دويكات، "بنيت صبانة طوقان في العهد العثماني، وكانت تحتوي نابلس في الماضي على أكثر من 37 صبانة، والآن لم يبقى سوا صبانة طوقان، وصبانة الشكعة".

ويضيف دويكات: " تمر صناعة الصابون بعدة مراحل وتتمثل في: مرحلة الطبخ، مرحلة البسط، مرحلة التخطيط، مرحلة التختيم، مرحلة التقطيع، مرحلة التجفيف، مرحلة التغليف، ومرحلة طبخ الصابون من زيت الزيتون والصودا والماء، هذه الثلاث مكونات الصابون لا نضع غيرها من معطرات أو روائح أو نكهات، ويتم خلطها مع بعض ومن ثم طهيها على النار لمدة أربع أو خمس أيام، والمرحلة الثانية يتم نقلها على المفرش، ويحتاج إلى يوم كامل حتى يجف".

ويتابع: "وفي اليوم التالي يتم برشه وتقطيعه، ومن ثم يتم انتشاله على شكل أهرامات ويتم حفظه شهرين تقريباً من أجل أن يجف، وبعد الشهرين تتم عملية التغليف ووضع الصابون في الصناديق الخاصة به ويصبح جاهزاً للتصدير والتسويق".
وما زالت طريقة صناعة الصابون كما هي، ولا تختلف كثيرًا عن الماضي، وتكاد تنحصر التغيرات في أمور قليلة جداً، كاستخدام محرك آلي لتحريك الخلطة داخل الحلة الكبيرة، بعد أن كان يتم ذلك باستخدام عمود خشبي يديره العمال، أما طريقة التقطيع، فبقيت كما هي منذ أكثر من 200 سنة، ولم يدخل عليها أيّ تحديث.
أما بقايا الصابون التي تبقى من عملية التقطيع، فيتم تجميعه وبشره، وبيعه على شكل صابون مسحوق تستخدمه ربات البيوت في تنظيف الأرضيات، كونه يُكسب البلاط نعومة.

ويتميزّ الصابون النابلسي بأنه منظف قوي، ومطهّر فعّال، كونه مصنوع من زيت الزيتون الصافي، فهو آمن للصحة والبيئة، بعكس الصابون التجاري المستورد والذي يصنع من زيوت نباتية رديئة.
وما زال الجيل القديم يقدم الصابون النابلسي كهدية قيّمة من مدينة نابلس للأهل والأصدقاء والزوار، وخاصة للمغتربين.

وحسب ما جاء في صحيفة القدس، "كانت صناعة الصابون في نابلس قديماً، حكرًا على كبار الزعماء والتجار، وأصحاب النفوذ، وكانت كل "مصبنة" عبارة عن قاعة خاصة للاجتماعات بين صاحب المصبنة والوجهاء والأثرياء وكبار موظفي الدولة، وكانت تعرف باسم "الديوانية" حيث يتبادلون الحديث والآراء ويتشاورون في الأمور العامة".
"وتشير كتب التاريخ إلى أن قرار إضراب عام 1936 الشهير، والذي استمر ستة أشهر في فترة الانتداب البريطاني، خرج من أحد مصابن نابلس، وتم وضع أهم أسس ومبادئ ثورة فلسطين وتم الاتفاق على عدة أمور، من أهمها إعلان إنشاء اللجنة القومية للإشراف على سير الحركة الوطنية، وأن يتم إعلان الإضراب العام في نابلس وأن تُدعى سائر مدن فلسطين إلى الإضراب".

معيقات وتحديات
وهناك عدة عوامل أدت إلى تراجع الإقبال على الصابون النابلسي، والتي أبرزها الإجراءات الصارمة التي يفرضها الاحتلال على المواطنين، وسيطرته على المعابر، كون فلسطين منطقة محتلة، بالإضافة إلى شكوى مصنعو الصابون من ارتفاع الضرائب التي تفرضها السلطة الفلسطينية على استيراد الزيت من خراج فلسطين، كون العديد من الصبانات في مدينة نابلس تعتمد على زيت الزيتون المستورد من الخارج، كإيطاليا، وإسبانيا؛ بسبب عدم كفاية الزيت المنتج محلياً بالإضافة إلى ارتفاع أسعاره، مما أدى ذلك إلى تراجع هذه الصناعة ورفع تكلفتها، ومع انتشار المنظفات والمواد الكيماوية زهيدة الثمن، قل الطلب على الصابون النابلسي.

أما عن فوائد الصابون النابلسي فهو يعمل على تغذية البشرة وإعطائها قوة ونضارة مما يساعد على تأخر ظهور التجاعيد، والتخفيف من تساقط الشعر والقضاء على القشرة ومنح الشعر الحيوية، وتخليص الجسم من البكتيريا المسببة لروائح الكريهة، ويساعد على التخلص من حب الشباب، وهكذا يبقى "الصابون النابلسي" يحمل رائحة التاريخ والتراث معه أينما حل، وسيبقى أحد المنتجات الصناعية لمدينة نابلس.

وكتب المؤرخ السوري محمد كرد علي، عام 1930: صابون نابلس هو الأكثر جودة والأكثر شهرة، فجودته ليست عادية، وهذا هو سر إنتاجه الجيد حتى الآن، وبدأ تدهور صناعة الصابون النابلسي، في منتصف القرن العشرين، بسبب زلزال عام 1927 الذي دمر الكثير من المصانع القديمة في نابلس، وكان لعدم حماية الاسم التجاري للصابون النابلسي أثر كبير أيضًا في تقهقر صناعة الصابون، وهو ما حفّز العديد من أصحاب المصانع التجارية إلى تقليد علامة نابلس.

ويذكر أن الصابون النابلسي من أشهر الصناعات التي اشتهرت بها مدينه نابلس، والتي تناقلتها الأجيال جيل عن جيل، حتى بات الصابون النابلسي متوارث عبر السنين.

 

 

تابعونا على فيسبوك
تصميم وتطوير: ماسترويب 2017