الرئيسية / الأخبار / فلسطين
أيام صعبة على الصحفيين
تاريخ النشر: الثلاثاء 19/05/2020 14:37
أيام صعبة على الصحفيين
أيام صعبة على الصحفيين

صالح مشارقة

على نحو خافت انفضت معايدات الصحفيين لمناسبة الثالث من أيار وعاد القلق يساور كثيرين، الإذاعات المحلية والمواقع الإخبارية والتلفزيونات الخاصة، أمام أزمات مالية عاصفة بسبب وباء كورونا وحالة الطوارئ، ولن تنفع الاحتفالات والمعايدات بعد اليوم. في أكثر من مؤسسة وضع المدير الصحفيين أمام خيارين: الإجازة بدون راتب، أو صرف نسبة معينة من الراتبوفي أفضل الحالات لا تتجاوزالنسبة 70٪ من قيمته.
طبعا مجرد تسمية نوع من الإعلام بـ "الإعلام الخاص" هذا يخرجه من فكرة الحماية العمومية، لأن الخاص هذه تشير الى رساميل كبيرة في الخيال، يصعب على المسؤولين والمواطنين تصور هشاشتها،أو على الأقل تذكُر انها كبيرة في حسابات المستثمرين لكنها شحيحة على رواتب الصحفيين، الذين يتقاضى البعض منهم مجرد مئتي دولار شهريا.
يعمل في الإعلام الخاص او المستقل هذا المئات من الصحفيين في قرابة 75 مؤسسة إعلامية مسجلة في الضفةوالعشرات من المسجلة وغير المسجلة في غزة، المئات هؤلاء الذين تغنى بهم كثيرون ووصوفهم بالجنود في مواجهة الاحتلال والكورونا، ستنكسر أيامهم قريباً، فلهؤلاء عائلات والتزامات، ولقمة عيش بالكاد يتم تحصيلها في آخر الشهر، وفوق ذلك ضغط مهني وعمل في ظروف صحية صعبة وعن بعد وإنتاج موادهم بأدوات شخصية وبقليل من ظروف السلامة المهنية وبالكثير من الضغوط النفسية.
لن نعدد ونقلب المواجع ولن نتوسل باسم هؤلاء ولكن كل المعطيات والأرقام تشير ان هذا القطاع في ازمة حقيقية.
وقبل ان نمضي في تخصص الازمة فإن مع إعلام "القطاع الخاص" هناك أيضا لونين آخرين تحت الضربة هما: الإعلام الأهلي والإعلام الحزبي (اسألوا غزة عن التفاصيل).
والآن نحن أمام سقف مكشوف في قطاع إعلامي ممنوع ان نخسره، ويجب ان يظل قرين الإعلام الحكومي، في تنافس إيجابي يحمى صحة الرواية وسلامة فكرة بناء إعلام تقدمي وفاعل، ويقترح للبلد موقعاً متقدماً في تدفق المعلومات وصدق مؤشرات حرية الرأي والتعبير.
الآن وقت وضع التسهيلات على الإعلام الخاص بشقيه الخاص والأهلي، ففكرة جمع الربع مليون دولار رسوم البث من الإذاعات الخاصة بالإمكان الغائها، باتفاق مكتوب بين أطراف العمل (الحكومة، النقابة، المستفيد)، يتم النص فيه ان الإلغاء مقابل عدم المس برواتب الصحفيين في الإذاعات والتلفزيونات المحلية.
أيضا ليس صعباً ان يتم إلغاء الضرائب عن هذا القطاع، ومرة أخرى، ليس كما كان يحدث دائماً عبر تمرير الفكرة على انها مسامحة مالية للمؤسسة الإعلامية من السلطة، بل بوثيقة تفاهم او محضر اجتماع او أي شكل يؤكد ان إلغاء الضريبة مقرون بحماية رواتب الصحفيين.
الآن يجب ان تعيد الشركات الكبرى حسابات إعلاناتها وان تدرسها بمنطق توزيع عادل على وسائل الإعلام بمسؤولية وطنية واجتماعية، لا بحسابات الأسهل والأمتع على فيس بوك وشبكة الانترنت، انتبهوا يا عباقرة الشركات، إعلاناتكم على هذه الشبكات يسمن كاليفورنيا وواد السيلكون ويفقر غزة وواد الخليل.
لن تكون الأمور صعبة على منظمة التحرير والسلطة الوطنية توجيه الممولين الخارجيين لدعم هذا القطاع الصحفي، ليس بالإكراه ولكن بالإحصاءات والتقارير المهنية عن الخسائر التي اصابت هذا القطاع، فهناك صناديق عربية كثيرة تتبرع لفلسطين بدون تصنيفات، هنا بالإمكان ادخال هذا التصنيف في اجندة الصرف، وهو بند مقنع وحيوي.
التمويل ليس جميعه أوروبياً، فثمة تمويل فلسطيني محلي ومن خارج الحدود، الأمل كبير في هذا التمويل ان ينتبه لإسناد وتنمية قطاع صحفي حيوي ومجتهد وخلاق راكم النقاط منذ سنوات. وحتى لو ان لنا عليه مماسك، فغيابه حتما سيؤدي الى كسر الرواية الفلسطينية في أعين عالم يعيش حياته داخلإعلام النسبة الأكبر فيه مبنية من القطاعين الأهلي والخاص.
الأفكار كثيرة، والأهم ان يقتنع صاحب السياسات في البلد ويبادر لعل حنفية الأفكار تسيل.

الآراءالواردةفيهذاالمقالتعبرعنوجهةنظرصاحبهاوليسبالضرورةرأيالمؤسسةاوالممول.
 

تابعونا على فيسبوك
تصميم وتطوير: ماسترويب 2017