الرئيسية / مقالات
حتى لا تُشرذمنا الانتخابات مجدداً...
تاريخ النشر: السبت 03/10/2020 07:04
حتى لا تُشرذمنا الانتخابات مجدداً...
حتى لا تُشرذمنا الانتخابات مجدداً...

رامي مهداوي
2020-10-03
في ظل الواقع الحالي ودروس الماضي يحق لكل مواطن أن يتساءل هل نحن بحاجة الى انتخابات قبل معرفة ما هي نتائج المصالحة بالتفاصيل الدقيقة؟، وذلك لأن الانتخابات، حسب وجهة نظري، ليست الهدف الأساسي الذي يجب تحقيقه في ظل حالة التيه التي وصلنا لها وخصوصاً بأن الانقسام جاء بعد عملية الانتخابات الأخيرة!
والسؤال أيضاً لماذا تم تأجيل الانتخابات طيل الفترة الماضية ولمصلحة من؟ الجواب أنه كلما زاد الوقت الذي يتعين على الأطراف المُتخاصمة التصالح فيما بينهم يعمل أحد الأطراف بترسيخ نفسه في السلطة. علاوة على ذلك، لا تزال الأطراف المُتخاصمة هي أكثر الجهات الفاعلة السياسية القوية مع وسائل العودة إلى العنف في حال رفض نتائج الانتخابات معنى ذلك، وأنا مقتنع بأن التزامهم بالديمقراطية مشكوك فيه.
حتى أكون واضحا، بالتأكيد أنا مع الانتخابات في جميع مستوياتها من الرئاسية الى الهيئة الإدارية لأصغر ناد رياضي، لكن في المجتمعات المنقسمة والمعرضة للصراع، تنطوي الانتخابات على خطر إثارة الانقسامات بشكل أكبر بسبب طبيعتها التنافسية والاستقطابية. ومع ذلك، فإن تجنب الانتخابات ليس بديلا جديا. بدلا من ذلك، فإن التحدي هو تصميم الانتخابات بطريقة تقلل من مخاطر الانقسامات وخصوصاً بأننا بطبيعة الحال منقسمون جغرافياً، وكل قسم تحت سيطرة مختلفة تتمثل في السلطة الوطنية الفلسطينية بالضفة وحركة (حماس) بقطاع غزة وإسرائيل في القدس وجميعهم يخضعون لسيطرة المحتل الإسرائيلي!!
الانتخابات هي آلية ديمقراطية للتغلب على العنف والصراع والانقسامات داخل البلدان. يجب إعطاء جميع أصحاب المصلحة المعنيين الفرصة لحل الخلافات القائمة بطريقة سلمية وديمقراطية لصالح المواطنين. لهذا يجب أن لا تكون الانتخابات فقط هي الوسيلة الوحيدة أو الوسيلة التي يجب أن نبدأ بها وإلا سيقع ما لا يحمد عقباه وإشتعال صراعات وانقسامات جديدة؛ لهذا فإن توقيت الانتخابات يجب أن يراعي الجمع بين الخبرة في مجالات الديمقراطية والانتخابات.
بعد سنوات الانقسام التي هزت الثقة في سياستنا ظل النظام السياسي الفلسطيني المكسور دون تغيير إلى حد كبير، لا أحد يستطيع أن ينكر ذلك: إن صحة ديمقراطيتنا ما زالت معتلة أو أستطيع وصفها بأنها في غرفة الإنعاش. والجميع يريد اكتناز السلطة؛ ما ترك المواطنين عاجزين وبعيدين عن مكان اتخاذ القرارات دون أن يكون لهم رأي حقيقي في من يمثلهم.
إن الحاجة إلى تجديد شامل لديمقراطيتنا أصبحت الآن أكثر إلحاحًا من أي وقت مضى، وهذا بحاجة الى وضع رؤية جريئة لكيفية تحقيق ديمقراطية مزدهرة حيث تتوزع السلطة عبر المؤسسات السياسية ويتم تمكين المواطنين وإشراكهم، بدلاً من الاستمرار في الترقيع والتغطية على الانقسام الذي أصبح متجذراً في خاصرة نظامنا السياسي.
بصوت واضح أقول من الخطأ الفادح الدخول مباشرة الى بوابة الانتخابات قبل إنجاز المتطلبات التي تحتاجها الانتخابات وأهمها في حالتنا الفلسطينية إتمام مصالحة حقيقية على أرض الواقع، لهذا يحتاج المواطنون إلى الشعور بالنشاط والدعم من خلال ديمقراطيتهم، ولكن لكي يحدث هذا نحتاج إلى مؤسسات تمثيلية تستجيب لاحتياجات الناس والمساحات، حيث يمكن للمواطنين المشاركة مباشرة في السياسة في أوقات ومستويات مختلفة.
نحتاج إلى تقريب السلطة من الناس وإعطائهم رأيًا حقيقيًا في مستقبل بلادهم. يمكن للعمليات الديمقراطية التداولية أن تضمن إشراك المواطنين وقدرتهم على سماع آراء بعضهم البعض في بيئة عاكسة ومحترمة ويمكنهم اتخاذ قرارات يكون لها تأثير حقيقي، هذه التغييرات ليست مؤسسية فحسب، بل تتمحور حول تحول في ثقافتنا السياسية. نحن بحاجة إلى إعادة تصور لنظامنا السياسي المُتآكل من أجل تحقيق التغير المؤسسي.


 

 

تابعونا على فيسبوك
تصميم وتطوير: ماسترويب 2017