المعشوقة السمراء تُغني طرباً في أزقة نابلس
تقرير: سنابل صالح
على عجلٍ نُعد قهوة الصباح، وبين جدار الأكواب الزجاجية و البلاستيكية تُسكب، قيل مرةً " لا تُشربُ القهوة على عجل" لكن هذه القاعدة سرعان ما تُكسر حين يعجز المرء أن يبدأ يومه دون رشفةٍ سريعة منها تواكب سرعة الحياة في الخارج.
على بُعد خطوات من فوضى المدينة، هناك حيث احتفظت نابلس بجانبها العريق، حيثُ الصباحات تبدأ بصوت فيروز ، وبرائحهة القهوة التي تُعلن بداية يومٍ جديد.
في نظرةٍ خاطفة، تجد محمص الخياط، يجذبك فيه رائحة القهوة التي تُغلى بمهلٍ على الرمال، وكأنها في تقلبها على النار تشابهُ صوتًا عذباً يغني.
القهوة على الرمل.. طعم الحاضر بنكهة الماضي
بهدوء تتخلل الحرارة بين حبات الرمل هذه لتصل إلى حبيبات القهوة داخل ركوة نحاسية فتبدأ بالغليان شيئاً فشيئا, و تأخذ طعماً مغايراً لما عهده عشاق هذا الشراب الساخن, أما الطعم الآخر الجديد الذي يضاف لهذه التجربة هو سكبها في فنجان صنع من الفخار إذ يضيف ذلك طعماً جديداً لمن يهوى التجربة.
لم تأتي فكرة صنع القهوة و المشروبات الساخنة الأخرى على الرمل من فراغ، فصاحب هذه الفكرة الشاب سعد الخياط درس في ألمانيا ويتقن خمس لغات عاد لبلده ليعمل بها وعندما لم يحصل على الراتب المناسب له فقرر فتح محل" محمص وبهارات الخياط" وبمساعدة شقيقه أحمد بدأت فكرتهم هذه تلقى إقبالاً من الناس، ويحدثنا أحمد عن هذه الفكرة:" الفكرة جاءت من أننا نعيش بالبلدة القديمة في نابلس أردنا أن نعيد ما كان يصنعه الناس قديماً حيث كانوا يصنعون قهوتهم على الرمل، وكانوا إذا أرادوا تسخين شيء كانوا يسخنوه على الرمل"
ما يضاف إلى كون فكرة صنع القهوة على الرمل غريبة هو أن أصحاب هذه الفكرة يصنعون القهوة بيديهم، فهم فقط يشترون البن ثم يقومون بتحميصه وتحضيره وفق خلطة خاصة بهم، وإلى جانب القهوة يحضرون عدد من المشروبات "الطبيعية" كاليانسون وبعض الأعشاب الأخرى إلى جانبها النسكافيه أيضاً.
ويتابع الخياط حديثه:" في بداية الفكرة كانت الناس تأتي إلينا وتستغرب من فكرة القهوة على الرمل وكانوا يعتقدون أننا نضع الرمل داخل القهوة، فوضحنا لهم الطريقة التي بنعمل بها والحمد لله كل من يأتي إلينا تعجبه القهوة ويعود إلينا مرة أخرى واليوم هناك شاب من الناصرة جاء إلى نابلس وزارنا وتذوق القهوة وعاد إلينا ثلاث مرات خلال اليوم"
مقابل محل الخياط يعمل الحاج أبو منتصر صاحب أقدم محل حلاقة في مدينة نابلس يحدثنا عن تجربته مع القهوة على الرمل:" هذه القهوة طعمها لذيذ جداً ويومياً أتناولها، وهذه القهوة تختلف عن التي نصنعها في بيوتنا التي تغلي بسرعة، فهذه القهوة تغلي على هدوء."
أمّا هذا الشاب محمد والذي يعد من الرواد الجدد للقهوة على الرمل عبر لنا عن مدى إعجابه بهذه القهوة و أضاف:" ليس لي فترة طويلة آتي فيها إلى محل الخياط وأتناول القهوة، وكنت أشربها بفناجين كرتون، وعندما شاهدت فناجين الفخار أردت أن أجرب القهوة بها وجدت فعلاً الطعم يختلف."
وهذا الشاب أحمد صاحب أحد المحلات التجارية المجاورة للخياط يقول:" فكرة القهوة رائعة جداً خاصة وجودها في البلدة القديمة وأنا أشربها باستمرار وأحب أيضا النسكافيه من عندهم."
