الرئيسية / الأخبار / فلسطين
"التوحد" مرض يواصل حصده لضحاياه إختلس سعادة العائلة، من بعد أن سرق طفولة إبنها
تاريخ النشر: الأربعاء 17/09/2014 22:21
"التوحد" مرض يواصل حصده لضحاياه إختلس سعادة العائلة، من بعد أن سرق طفولة إبنها
"التوحد" مرض يواصل حصده لضحاياه إختلس سعادة العائلة، من بعد أن سرق طفولة إبنها

 تقرير صحفي: أسماء قلالوة/ دلال حنني

"أنادي أحمد مراراً ولا أسمع الرد منه، وعند التحدث معه لا يعطني إنتباهاً, وكأنني أتحدث مع نفسي، حينما أنظر إليه أتفاجأ بتحديقه نحو قدميه أو إلى أعلى، وإذا طلبت منه شيئاً لا يفعله،وما يربكني أنه لا يستطيع التعرف علي أنا وزوجي، جلوسه طويلاً لوحده وحبه للإنعزال جعلاني أدركتُ حينها أن ولدي يعاني من خطبٍ ما".

لم يقدر لجميلة جمال من سلفيت أن تسعد بميلاد ابنها الأول، فبدأت حديثها بوصف الأعراض التي أصابته، واستكملت والحزن يملأ عينيها: "عند النظر اليه أشعر بأنه مختلف عن باقي الأطفال وما زال صغيراً، كنت أكذب على نفسي وأداريها عندما يكبر سيتحسن، ففي البداية ذهبت به الى أحد الأطباء لكن لم يتمكنوا من معرفة مرضه، فبعد بلوغة ثلاث سنوات اكتشفوا أنه يعاني من مرض التوحد".

فالألم الأكبر والمعاناة لم تقتصر على مرض التوحد فقط, بل كانت تعليقات وتصرفات الاقارب, فهذا كان في بداية اكتشاف المرض أضعَفَ منها ومن زوجها، الذي تقيد وحاول مراراً أن يحافظ على اسرته وضبط مشاعر زوجته الرقيقه، فبعد زيارتهم لعدة اخصائيين نفسيين تحسن الوضع النفسي في العائلة، ومنذ ذلك اليوم حتى الان كل قوة تحملها الام وكل قدرة عند الاب يقدمونها لأحمد.

توقفت عن الكلام قليلاً وبدأت الحديث مجدداً بأمل واضح في عينيها وابتسامةً على وجهها فقالت: "أنجبت لاحمد اخ اسمه محمد يشببه كثيراً، لكن الاختلاف بينهما هو المرض، لكن وجود محمد في حياة احمد ساعده على مشاركتنا في بعض الامور البسيطه، وعندما يحتاج شيئاً يتحدث مع محمد ليخبرنا".

وتستكمل حديثها وهي تنظر إلى بطنها وتأخذ تنهيدةً تلو الأخرى: "كنت جالسة مع زوجي وابنائي في الصالة نشاهد التلفاز، فنادى أحمد أخيه الأصغر وطلب منه أن يحضر لعبة اسمها "بنت"، فهمت من كلامه وقتها بأنه يتمنى أختاً له, سُررنا بذلك فقررت أن أنجب طفلاً جديداً لهم، وأنا الآن حاملة بفتاة في شهرها السادس".

تقول جميلة بأن فلسطين تفتقر إلى مراكز فحوصات طبية دقيقة تشخص مرض التوحد لدى الاطفال, حيث توجهت بطفلها إلى العديد من المراكز في المدن الفلسطينية  لكن دون جدوى، حتى بان واضحاً لها بأن وضع طفلها في جمعية ذوي الإحتياجات الخاصة في نابلس يبقيه تحت أنظار وإشراف الاطباء أفضل من حصره فقط في المنزل, وهذا يُعد أملاً واحتمالاً بأن يتحسن حاله.

أعراض التوحد

تقول المرشدة النفسية والإجتماعية مجد الحنبلي  في جمعية ذوي الإحتياجات الخاصة في نابلس: "من أبرز أعراض التوحد عند الاطفال أنه يؤثر على النمو الطبيعي للدماغ في مجال الحياة الاجتماعية ومهارات التواصل, حيث عادةً ما يواجه الأطفال والأشخاص المصابون بالتوحد صعوبات في مجال التواصل غير اللفظي، والتفاعل الاجتماعي وكذلك صعوبات في الأنشطة الترفيهية، حيث تؤدي الإصابة بالتوحد إلى صعوبة في التواصل مع الآخرين وفي الإرتباط بالعالم الخارجي".

وتضيف الحنبلي: "يمكن أن يُظهر المصابون بهذا الإضطراب سلوكاً متكرراً بصورة غير طبيعية، كأن يرفرفوا بأيديهم بشكل متكرر، أو أن يهزوا أجسادهم بشكل متكرر، كما يمكن أن يظهروا ردوداً غير معتادة عند تعاملهم مع الناس، أو أن يرتبطوا ببعض أشياء بشكل غير طبيعي، مثل أن يلعب الطفل بسيارة معينة بشكل متكرر وبشكل خارج عن المألوف، دون محاولة التغيير نحو سيارة أو لعبة أخرى مع وجود مقاومة لمحاولة التغيير، وفي بعض الحالات قد يظهرالطفل سلوكاً عدوانياً إتجاه غيره، أو إتجاه الذات". 

تشخيص التوحد

وتستكمل الحنبلي: "من الطرق المتوفرة في المدن الفلسطينية لتشخيص حالة الأطفال المصابيين بالتوحد, هي خضوع الطفل ووالدته الى فحوصات طبية، التي تكون عبارة عن مجموعة من الأسئلة تطرح لوالدة الطفل تجاوب عليها بناءاً على حالة وتصرف طفلها داخل المنزل, كما يتم التحدث مع الطفل لملاحظة هل ينتبه أثناء التحدث اليه أم لا, ومن الطرق المستخدمة اثناء الفحوصات تشغيل صوت وراء الطفل لمعرفة هل يسمع الصوت؟".

علاج التوحد

تؤكد الحنبلي بأنه لا يوجد شفاء تام للتوحد حتى الآن سواء بالوسائل الطبية أو السلوكية، ولكن مع المعرفة أكثرعن التوحد بعض العلاجات التي تكون على شكل برامج تعليمية جيدة التخطيط، والتي تركز على تنمية مهارات التواصل والمهارات الاجتماعية.

تقول مرام رزق المعلمة في الجمعية الخيرية لذوي الاحتياجات الخاصة بنابلس: "من الطرق التي نستخدمها للتخفيف من مرض التوحد عند الأطفال هي عملية الدمج، وتكون على مراحل متعددة أبرزها ما يسمى بالتواصل البصري وهذا مما يمكن الطفل من التعرف على والديه, وما يسمى التواصل الاجتماعي مما يجعل الطفل اجتماعياً مع الآخرين دون الإنفراد والإنعزال, وكذلك ما يسمى بالتواصل اللفظي وهذا يتم معالجته من خلال إخصائية نطق تتعامل مع الاطفال".

أنواع  التوحد

يقول  أخصائي الوظيفي لمرض التوحد بشار حسيبا في جمعية لذوي الاحتياجات الخاصة: " تم تصنيف  التوحد حسب شدة أعراضه إلى أنواع عدة، فهناك التوحد  المتعارف عليه بمرض "أسبرجر"، واضطراب "التطور الاستقبالي المنتشر"، وقد يكون من الصعب أحياناً التفريق بين النوعي, وقد تتداخل الأنواع ببعضها من خلال الأعراض المشتركة، ولكن هناك إتفاق على أن الأطفال الذين يعانون من التوحد أو أطيافه يتفاوتون بدرجة القدرات العقلية ودرجة تأثر الكلام واللغة، ففي التوحد التقليدي نجد الطفل تنطبق عليه كل أو معظم سمات التوحد، أما في اضطراب التطور الإستقبالي المنتشر فنجد لدى هؤلاء الأطفال بعض سمات التوحد ولكنها ليست كافية لتصنيفهم ضمن الأطفال المتوحدين، أما مرض "اسبرجر" فهو المتلازمة الأقل حدة بين الاضطرابات المذكورة سابقاً حيث يعاني الطفل من بعض المشاكل السلوكية والاجتماعية الخفيفة، ولا تتأثر لديه اللغة أو القدرات العقلية, اما في فلسطين فأبرز درجات التوحد المتعارف عليها فهي الكلاسيكي الذي يعد اخطر درجات التوحد, لأنه يصعب علينا التعامل مع الأطفال المصابين به، أما يسمى بأطياف التوحد يسهل التعامل معه".

إحصائيات الإصابة  في فلسطين

تقول الحنبلي: "في بداية كل سنة  تجرى في فلسطين إحصائيات توضح نسبة الاطفال المصابين بمرض التوحد, وهذه المراكز الإحصائية استنتجت أن نسبة الاطفال المصابين بالتوحد تزداد في كل سنة, كما أن نسبة الذكور مرتفعة مقارنةً بالإناث بمقدار 4:1، والأسباب إلى الآن غير معروفة".

تابعونا على فيسبوك
تصميم وتطوير: ماسترويب 2017