الرئيسية / الأخبار / فلسطين
لو انه ابن وزير لأخرجوه من تحت الأرض
تاريخ النشر: الجمعة 26/09/2014 05:05
لو انه ابن وزير لأخرجوه من تحت الأرض
لو انه ابن وزير لأخرجوه من تحت الأرض

 تقرير: شذى " أحمد رأفت " غضية

الساعة التاسعة مساءً، هاتفة المغلق و حروفه الاخيرة ، اقتلعتا الفرح المدفون بين اسوار منزلهم المتواضع، سريره الوحيد في الزاوية ينتظر رفيقه منذ شهر كامل،  و نفحات البرودة تخترق جسد امه وهي تشعر بأن قطعة منها قد تلاشت الى المجهول، " يمكن مات و يمكن انخطف، يمكن سافر و يمكن انتحر "، أقاويل جسدتها غيابه المفاجئ دون سابق انذار، و تحديات تجاوزت مقدرة هذه الاسرة على التحمل.

كريم محمد حشاش ابن ال17 عاما من مدينة نابلس، حالة نفسية سيئة اعترت حياته بعد استشهاد اخيه الاكبر " اياد حشاش " و دفنه امام عينيه، كان حينها في صفه السادس، ونتيجة اضطرابه كان قد خرج من المدرسة منذ فترة طويلة، الا أن حفرة الفقر اضطرته الى الذهاب للعمل بمبلغ رمزي جدا لا يلبي احتاجاته الشخصية، ولكن طموحه الكبير في  تحسين وضعه الاقتصادي لم يمنعه من التقديم لإكمال دراسته، حتى و إن اضطر للبدء من الصفر.

شخصيته الجميلة و قلبه الطيب و علاقاته الاجتماعية المتشعبة، صفات ذكرتها اخت كريم في لقاء معها بقولها " كريم له شخصية ملفته جدا، يهتم بأدق التفاصيل في حياته، قلبه النقي يمنعه من أذية أحد، والتزامه بدينه و صلاته كانا الحاجز الذي يمنعه من القيام بأي شيء خاطئ ولكن يبدو بأن طموحه هو سبب فقدانه الان".

" ذهب كريم مع هويته لتقديم طلب استكمال دراسته، ولكنه خرج من التربية مكسور الخاطر، حيث يجب عليه تقديم امتحان مستوى من الصف السادس الى الثانوية العامة، كانت الدراسة هي امله الأخير في حياته المتعبه، وكان خبر الامتحان قاسما لظهره، فهو لا يجيد الكتابة و القراءة جيدا، و منذ ذلك الوقت لم يعد كريم الى المنزل ".

"انا عند صخرة الانتحار، انتبه لأمي وخواتي"، هذه العبارة الاخيرة التي قالها كريم لأخيه يوسف الأكبر منه سنا قبل اختفاء الاخبار عنه، و عقبّت والده كريم بقولها " ذهبنا عشرات المرات لذاك المكان لكن لم نجد شيئا، لا جثة له ولا أثر، و الى الان وهاتفه مغلق، و كأي تصرف طبيعي، سألنا المستشفيات و حتى في سجون الاحتلال دون نتيجة، لجأنا الى قسم الشرطة، وهو الذي كنا نعقد عليه امالنا للوصول الى كريم، أما الخذلان فكانت هي النتيجة غير المتوقعة، حيث لم تقم الشرطة بتقديم اي نوع من المساعدة، ولو انه ابن وزير لأخرجوه من تحت الأرض، ولكن والده لأنه عامل نظافة متواضع و يعاني من جلطة و امراض اخرى لم يهتموا به"

كان طريقهم الأخير للوصول الى كريم هي شركة الاتصالات لأخذ كشف المكالمات التي قام بالاتصال بها خلال الفترة الماضية، ولكن آمالهم تحطمت عند استطاعتهم لأخذ هذا الكشف بعد يومه ال15 من الاختفاء و تم التعرف على رقم مجهول ليس مدرج في قائمة الاسماء كان قد قام كريم بالاتصال به مرتين لفترة قصيرة، و حسب المعلومات فإن الرقم كان لشاب من الخليل، و عند الاتصال في الشاب انكر معرفته بكريم بشكل كامل.

وقد كشف يوسف عن سر خطير كان قد اخفاه عن عائلته، " قبل اسبوعين من اختفاء كريم، اخبرني بأنه تعرف على مجموعة من الاشخاص وصفهم بأنهم " جماعة واصلين "، و رفض كريم البوح لي بأية تفاصيل حتى مجيء الوقت المناسب، ومنذ تلك الفترة بدأ كريم بإخفاء الكثير عني و اسراره في ازدياد، رغم اننا اكثر من مجرد اخوة " .

نوهت والدة كريم بأنه لم يكن يملك الا خمسة شواقل ولذلك فإن احتمالية سفره مستحيله ! واضافت" قمنا بعمل منشورات تحمل صورته و رقم هاتف خاله، و الصاقها في كل المناطق، حتى في اراضي ال48، و قد تفاجأنا من اتصال سائق عمومي، ليخبرنا بأنه كان قد اركب معه كريم شفقة عليه عندما رآه يمشي في منطقة منقطعه، وطلب منه ايصاله الى المنطقة الصناعية في رام الله ولكن لم يكن هناك عند وصلونا للبحث عنه ".

آفة الاشاعات الكاذبة تخيّم على سماء البشر، لربما لأهداف الترويج و التهويل، ولكن ما ذنب عائلة كريم ان تقع في شباك هذه الاقاويل، هذا بحسب ما صرّحت به اخت كريم بقولها " البعض يخمّن بأنه نزل استشهادي و تم اعتقاله، و فئة أخرى تتهمه بأنه تصرف تصرفا سيئا و هرب من منزله، و اخرون يظنون بأنه انتحر نتيجة توتره مع عائلته و اخوته، وضعونا في دائرة الشك، فما ذنبنا نحن ان نُتهم بمثل هذه الامور رغم اننا مترابطين جدا ولا يوجد اي اضطرابات داخل العائلة".

 

 

أما في ما يخص الجانب الأمني، فقد عقّب مدير العلاقات العامة في الشرطة الرائد رائد ابو غربية حول اختفاء الشاب كريم حشاس بقوله : " منذ اللحظة الاولى لتقلي البلاغ حول فقدان الشاب كريم حشاش، قامت الشرطة وادارة المباحث العامة باجراءات البحث والتحري وجمع المعلومات حول كيفية اختفائه، والشرطة تبذل جهود كبيرة وحثيثة في سبيل العثور على الشاب، والاجراءات مستمرة على مدار الساعة لجمع المعلومات والتحريات، ولايزال التحقيق جاري لغاية هذه اللحظة ولا يوجد اي مستجدات اخرى"  و نوّه الى ان الشرطة مقدرة جدا لمشاعر أهل الشاب ومدى خوفهم عليه، لكن هناك جهد متواصل بالتعاون مع الجهات المعنية و المختصة .

 

30 يوما على اختفاء كريم ولا احد يملك أي خبر عنه، احلامه المرسومة في هاجسه حول بناء نفسه علميا و ماديا باتت بالفرار، واقعه الأليم نسج في مستقبله خيوط مجهولة، و حياة عائلته اصبحت لا حياة فيها، فإبنهم الأول شهيد، و هذا مفقود، ومشاكل صحية تنخر في اجساد الوالدين.

 

 

المزيد من الصور
لو انه ابن وزير لأخرجوه من تحت الأرض
لو انه ابن وزير لأخرجوه من تحت الأرض
تابعونا على فيسبوك
تصميم وتطوير: ماسترويب 2017