إلى الجنوب الشرقي من مدينة جنين وعلى بعد خمسة عشر كيلومتر تقع بلدة الزبابدة, وهي الوحيدة ذات الغالبية المسيحية للسكان في الضفة الغربية, يبلغ عدد سكانها نحو 5000 نسمة مسلمين ومسيحيين جنبًا إلى جنب وسط مساحة جغرافية تبلغ 5532 دونمًا, تضم البلدة مسجدين وأربع كنائس صغيرة تنتمي إلى الطّوائف الكاثوليكيّة، الإنجيليّة، الرّوم الملكيّين والرّوم الأرثوذكس, وأهم ما تمتاز به هذه البلدة هو أثار العصر البيزنطي التي تدمر بعضها أثناء الحرب الدينية لكن أهل القرية مازالوا يسعون للحفاظ عليها.
قالت ديانا مسلم رئيسة بلدية الزبابدة:" هناك الكثير من القصص حول سبب تسمية الزبابدة بهذا الاسم ولكن القصة الأكثر تداولًا كانت هو أن سكان البلدة سابقًا كانوا يعتمدون وبشكل كبير على تربية المواشي وتغذيتها من المحاصيل الزراعية الخاصة بهم وعند حلب المواشي يحصلون على الحليب كالزبدة وبالتالي تحول الاسم من الزبدة إلى الزبابدة لاحقًا".
وقال رامي دعيبس رئيس العلاقات العامة للبلدية:" تاريخ الزبابدة حسب علماء الآثار في وزارة السياحة كان من القرون الثاني والثالث والرابع الميلادي وما يدل على ذلك لوحات الفسيفساء داخل البلدة القديمة ونتيجة للعوامل الطبيعية والحروب اندثرت هذه المعالم لفترة معينة حتى رجوع الحياة فيها في أواسط الثامن عشر".
وتشتهر منطقة وسط البلد باسم البوبرية و هو مسمى عثماني يعني بيت الحاكم نسبة إلى الحاكم العثماني الذي كان يحكم المنطقة سابقًا, ومن المواقع الأثرية أيضًا مغارة الدير وهي مغارة كبيرة على مساحة البلدة القديمة بالكامل كان يستعملها سكان البلدة قديمًا للحماية من الأعداء والاحتلال وخلال العامين السابقين تم افتتاح مشروع إعادة ترميم جزء من هذه المغارة للحفاظ على المواقع الأثرية داخل البلدة.
وتابع دعيبس قائلًا:" القديس جوستنيان هو من قام ببناء الكنائس الأربعة داخل البلدة وبمساندة والدته في القرن الثالث والرابع".
وأضاف دعيبس:" في الزبابدة نحن نعاني من مشكلتين رئيسيتين وهي مضاعفات مرض السكري بحيث هناك نسبة عالية من مضاعفات مرض السكري لدى سكان البلدة وأيضًا الارتفاع الحاد في الإصابة بالسرطان وكان هناك دراسة مع الجامعة العربية الأمريكية لتحديد الأسباب الرئيسية وطرق التقليل منها ولكن مع ظهور فيروس كورونا تم تأجيلها".
وقال دعيبس:" نحن نتوجه بقوة كبيرة لدمج الجانب الزراعي والسياحي معًا, فنحن نقوم حاليًا بإعادة هيئة شوارع وسط البلد لما كانت عليه لتكون منطقة سياحية لاحقًا وتسويق منتجاتنا الزراعية داخلها, وأيضًا هناك مشروع جديد للصرف الصحي داخل البلدة لتكرير المياه العادمة واستخدامها في المشاريع الزراعية المروية في المستقبل".
أوضح دعيبس:" أما في ما يتعلق بدور المرأة فهذه ليست أول مرة تكون رئيسة البلدية لدينا سيدة ففي عام 2012م كانت أيضًا رئيسة بلدية الزبابدة سيدة من أعضاء مجلس البلدية السابق, فالمرأة تستحق كل شي وبإمكانها أن تتولى مناصب إدارية وقيادية ولا تقل عن الرجل بشيء".
تحتوي بلدة الزبابدة على العديد من المعالم البارزة ومنها دوار الشهداء الذي تم تنفيذه بالتعاون مع الإغاثة الزراعية عام 1998م لاستذكار شهداء البلدة وبطولاتهم, وأيضًا كنيسة الروم الأرثوذكس التي تأسست عام 1874م.
وتابع دعيبس:" نحن الآن متواجدين في ساحة الشهيد نعيم خضر سميت بهذا الاسم نسبة إلى تواجد بيت الشهيد نعيم خضر هنا, هو أحد رموز بلدة الزبابدة وممثل منظمة التحرير في بروكسل تم اغتياله عام 1981م".
وأشهر معالم البلدة أيضًا كنيسة اللاتين تأسست 1875م وتم إعادة ترميمها وتوسعتها عام 2007م نتيجة للازدياد السكاني هناك ويقوم على راعيتها كاهن.
تهتم بلدة الزبابدة وبشكل ملحوظ في المجال الزراعي ومن مظاهر هذا الاهتمام وجود مركز الشهيد نعيم خضر التابع للإغاثة الزراعية بالقرب منها, ويعتبر المركز حاضنة للأعمال الزراعية ومركز تدريبي تنموي مجتمعي يعنى بشؤون ريادة الأعمال والتدريب والتنمية، ويقدم الخدمة إلى جميع المؤسسات الدولية والأهلية والمؤسسات الرسمية والجامعات، وجمعيات المزارعين، والجمعيات النسوية، والمجالس البلدية، والقروية وجميع المتضامنين مع القضية الفلسطينية.
وقال إسماعيل صبح منسق الأعمال الريادية في الإغاثة الزراعية: "تبذل الإغاثة الزراعية جهدًا كبيرًا في منظومة التدريب والريادة إضافة للعديد من النشاطات، وفيما يتعلق بالبرامج والمشاريع للإغاثة الزراعية فمنذ نشأتها عام 1983م وهي تسلط الضوء على نظرية الأرض وذلك يعود لكونه القطاع الأكثر استهدافًا في ظل الصراع بين الاحتلال الإسرائيلي والإنسان الفلسطيني على الأرض الفلسطينية".
خولة بركات