memantin iskustva oogvitaminer.site memantin wikipedia"> إجتياحٌ للعقول بأساليبٍ راقية - أصداء memantin iskustva oogvitaminer.site memantin wikipedia">
الرئيسية / الأخبار / فلسطين
إجتياحٌ للعقول بأساليبٍ راقية
تاريخ النشر: الأثنين 03/03/2014 18:20
إجتياحٌ للعقول بأساليبٍ راقية
إجتياحٌ للعقول بأساليبٍ راقية

 


تقرير:روزين أبو طيون

 

دخل أيمن البيت برفقت صديقه وهما يتشاجران مازحين,  بدأ صديقهُ بالضحك عليه وتقليده, أتى أبا أيمن وأمه جلسا معهم وبدأو يتبادلون الحديث, ذهبت أمهِ لأحضار الكعك والشاي, بينما هم بدأوا بتحضير أنفسهِم للعب الطاولة مع مناوشاتٍ بين أيمن وأبيه على من سيفوز, بينما جلسَ صديقه بقربه لتشجيعه.

 

بدأو باللعب وبدأت أصواتُهم تعلو بالضحكات, أمسكَ أيمن بحجر النرد أغلقها ووضعها على قلبه بعد أن نفخ عليها قائلاً "تفرج أبو أيمن", رمى الحجر فأحرز النقاط الأخيره بدأ بالصراخ هو وصديقُه من شدت فرحهم لهزيمته لوالده, لكن إنتهى هذا الفرح برصاصةٍ تخترق رأس أيمن, لم يعلم أحد ما الذي حصل فجأة تغييرت الأوضاع وصدمةٌ على وجوههم, ركضوا نحوه لم يعلموا ما الذي سيفعلونه, فتح أيمن عينيه وقال "أنا كتير عم بتوجع", وكانت هذه أخر كلمةٍ له, حمل والد أيمن جثة إبنه وهو لا يصدق كيف مات في لحظة بينما جلس صديقه يبكي غير مصدق هو الآخر, تحول جوُّ المرح والمزاح إلى حزنٍ وجنازة.

 

هذا مقطع من مسلسل على مر الزمان التركيّ الذي جذبَ ملايين المشاهدين كغيره من المسلسلات التركيه التي غزت القنوات العربيه, كالأوراق المتساقطه, وادي الذئاب, وغيره من المسلسلات الضخمه والتي بدأ الناس بتداولِها فيما بينهم, فقد بدأت رحلة الدراما التركية في العالم العربيّ منذ عام 2007، عندما عُرِضَ لأول مرة مسلسل "إكليل الورد"، وتلاه مسلسل "سنوات الضياع" في 2008, ومن ثم ظهر "نور"، هذا المسلسل الذي أذيع لأول مرة في تركيا عام 2005 ولم يلقَ نجاحاً في بلده الأُم، تحول إلى هوسٍ منتشر في مختلفِ الدول العربية، فتم تحريرهُ ودبلجته باللهجة السورية المحكية وحَذف بعض المشاهد الإيحائية التي لا تتناسب وطبيعة المجتمعات العربية المحافظة.

 

 

المسلسلات التركية ما زالت تحتل أوقات الذروة في جدول برامج المحطات العربية، حتى بدأت القنوات بالتنافس الشديد لجذب عدد أكبر من المتابعين من خلال بث المزيد من الدراما التركية,  لعل التأثيرات الثقافية والاجتماعية احتلت اهتمام الباحثين في المركز الأول، إلا أن التأثيرات السياسية والاقتصادية لهذه الظاهرة لا يمكن تجاهلها أيضأً.

في هذا السياق تحدث رئيس قسم علم الإجتماع د.عمر محمود عايد, "السبب الرئيسيّ في إنتشار المسلسلات التركية, هو النقص الموجود لدى بعض الناس, فالشخص يشاهد هذه المسلسلات لملئ النقص الذي لديه, قد يكون في الجمال أو في طبيعة المعيشه وغيرها من الأمور فهو بذلك يرفع بسقف طموحاتهم".

ويتابع د.عايد "المسلسلات التركية لا يمكن فقط أن نحصرها بالسلبيات فهي أيضاً لها ايجابيات, فهي توعي المرأة في واجباتها وحقوقها أيضاً, ولكن المشكلة قد تكمن في ردة فعل الرجل, فهو تربى منذ البداية على أنه هو الرجل وهو المتحكم الأساسيّ, وبذلك قد تحصل بعض المشاكل فيما بينهم مما يصيب المرأة بالإحباط المباشر, وقد يؤدي إلى الطلاق, فهذا يعود إلى عقلية الرجل نفسه".

 

فلا بد من الاعتراف أن المسلسلات التركية عكست للشعوب العربية حُزمة من الأفكار والعادات والتقاليد التي في غالبها تشابهت مع طبيعة المجتمع العربي.

 

 فالتاريخُ المشترك بين العرب والعثمانيين ظهر جلياً في بعض التفاصيل الحياتية، والتي أرجعها البعض أيضاً للعولمة وتهجين الشعوب وغيرها من مؤثرات الثقافة، إلا أن الإعتقاد بأن المسلسلات التركية قد غيرت أو تُغير في جوهر المجتمع العربي فهو أمرٌ مبالغٌ فيه, والدليلُ على ذلك هو حاجة المنتجين لإعادة تأطير المسلسلات وتعريبها، بالإضافة إلى أن هذا الاعتقاد يقدمُ الشعوب العربية وكأنها متجانسة بشكلٍ تام وهذا لا يعكس الواقع، فالشعوب العربية تتباين في لهجاتها وتدينها وبعض عاداتها وتقاليدها.

في هذا السياق قالت هنود عواد وهي خريجة تربية ابتدائي "بصراحة لا أرى أي مشكلة في عرض المسلسلات التركية, فلا تعكس أي تبعيات إيجابية أو سلبية, هي فقط لملئ أوقات الفراغ ولتسليه".

 

تقول جمانه شاهين طالبة في كلية الهندسه "برأي المسلسلات التركية تدمر النفسية وتجعل الأشخاص يتقمسون شخصيات أخرى غير شخصيتهم الحقيقيه, وتجعلهم يعيشون في أوهام ويهربون من الواقع, وللأسف قد أصبح الناس يبكون على المسلسلات أكثر من الواقع بالرغم من أنها قصص غير واقعية".

في حين عبرت  شذا غضيه وهي طالبة في كلية الاعلام عن أسفها بقولها " المسلسلات التركية تعتبر آفة سرطانية تنخر في جسد الانسان دون انتباهه, ولا يُشعر بتأثيرها إلا بعد وقتٍ طويل من المتابعة, حيث تلعب دور كبير في الأجيال الصغيرة و الفئات غير المتعلمة, ليحدث التقليد الاعمى والتبعية دون وعي".

 

 ومن ناحية أخرى لعل ما لا يمكن تجاهله أيضاً، هو استخدام تركيا لهذه الظاهرة للترويج لنفسها دبلوماسياً، كالجسر الواصل بين أوروبا والشرق الأوسط, وحاجة الـ MBC ، بصفتها من أضخم الشركات الإعلامية في العالم العربيّ، لتضخيم هذه الظاهرة لتحقيق منافع تجارية, حيث أن سوقاً كالوطن العربيّ يوفرُ للشركات 22 دولة ناطقة بنفس اللغة هو حالةٌ نادرة، فالعولمة والمعلوماتية الصادرة عن وسائل الإعلام لا تسعى لتشكيل المجتمعات والثقافة فحسب، بل تعيد تشكيل القوى الاقتصادية والسياسية بهدف الربح

 

 

لعل من أهم أسباب انتشار هذا النوع من المسلسلات هو الطابعُ الاجتماعيّ الذي تعكسه، وفحوى العلاقات الأُسرية التي تجمع الأفراد في المسلسل والتي تشبه إلى حدٍ كبير واقع المجتمعات العربية, بالإضافة إلى ذلك لا يمكن إنكار دور اللهجة السورية المألوفة في العالم العربي، واستبدال اسماء الشخصيات التركية بأسماء عربية مما سهّل وصول هذا المنتج لعددٍ أكبر من المشاهدين والدليل على ذلك، هو النجاح الذي حققته المسلسلات التركية مقارنة بالمسلسلات المكسيكية التي اجتاحت القنوات العربية في التسعينيات من القرن الماضي مثل "كاسندرا" و "روزاليندا" وغيرهما>

وتمت دبلجة المسلسلات المكسيسكية باستخدام العربية الفصحى وحافظت الشخصيات على اسمائها المكسيكية, عدا عن اختلاف العادات والتقاليد المكسيكية تماماً عن العربية, فالدبلجة العربية طغت على كل الاختلافات في التفاصيل وقرّبت المشاهد العربي من المسلسل التركي، الذي أصبح شبيهاً بأي مسلسل سوري من إنتاجٍ عربي, ولا بد أن تاريخ الدولة العثمانية والدين الإسلامي الذي يعد الأكثر انتشاراً في الوطن العربي وتركيا أيضاً، يلعب دوراً مؤثراً في إنجاح هذه المسلسلات.

 

ولعل من أكثر المشاهدات تطرفاً، هو استخدام أبطال هذه المسلسلات للترويج لفعاليات ومؤتمرات عربية, بالإضافة لإستضافة هؤلاء الأبطال، الذين حولهم العالم العربي إلى نجوم في أشهر المهرجانات وأكثر الإعلانات التجارية رواجاً, بالإضافة إلى تسويق موسيقى المسلسلات كنغمات للهواتف المحمولة، ودفع ألاف الدولارات على مسابقات تقدم تذاكر سفر إلى تركيا كجوائز، وغيرها الكثير من المشاهدات التي حولت ثقافة المسلسل إلى ثقافة ربحية وترويجية.

 

وعلى الرغم من أن المشاعر، وخصوصاً بين الرجل والمرأة، هي بطبيعتها متشابهة في كل المجتمعات، إلا أن تفاصيلها تتأثر بالخلفية الثقافية والمجتمعية للفرد, ولعل تعريب مضمون هذه المسلسلات لم يكن كافياً لتناسب المجتمع العربيّ، فبعض المشاهد التي أثارت حفيظة رجال الدين، والتي تحمل إيحاءات جنسية وتقدم المشروبات الكحولية كجزء طبيعي من الحياة اليومية في بيت العائلة، جعلت من الهجوم على الدراما التركية والقنوات التي تعرضها هجوماً شرساً، وصل إلى حد تحريم مشاهدتها لما فيها من مخالفات لتعاليم الدين الإسلامي.

 

في إيطار هذا الموضوع يقول د.عمر عايد "لو يتعاون قسم الأعلام وقسم علم الإجتماع للقيام بدراسة بحثية حول مدى الإحباط الذي تتعرض له المرأة بين مدى توقعاتها وما الذي تحصل عليه, فالمشكلة هي ليست فقط مشكلة مرأة بل هي أيضاً مشكلة رجل, فكما يوجد مؤسسات للمرأة لحل مشاكلها وتعريفها بحقوقها وكيفة التعامل مع واجباتها, لا بد أيضأً من وجود مؤسسات للرجل أيضأً".

 

وبالتوازي مع الجدل القائم في الوطن العربي حول المسلسلات التركية كان هناك نقاش مشابه في تركيا نفسها, فقد إتهم البعض في تركيا المنتجين بعدم المصداقية في عكس حقيقة المجتمع التركيّ وتفاصيل حياته الإجتماعية، إلا أن أحد المنتجين الأتراك، عرفان شاهين، قال في مقابلة تلفزيونية وبالتحديد عن مسلسل "فاطمة" إنه يعكس الواقع تماماً وإن ما يحدث في الواقع يستحق أن يعرض على التلفاز من خلال المسلسلات.

 

نجحت المسلسلات التركية أيضاً بتشكيل منافس قوي للإنتاج الفني العربي، فهي بطبيعتها أكثر حيوية في عرضها لمواقع التصوير الحقيقية على عكس المسلسلات العربية التي تعتمد على أستوديوهات مجهزة للتصوير, وبلغ الهوس بهذه المواقع التي تظهر في المسلسلات التركية، بأن تم تحويل بعضها إلى مناطق سياحية روادها من العالم العربي، حيث تشير الإحصاءات إلى ارتفاع نسبة السياحة إلى تركيا للعام 2009، بنسبة 21% من منطقة الإمارات العربية المتحدة وبنسبة 50% من المغرب العربي.

 

 

تابعونا على فيسبوك
تصميم وتطوير: ماسترويب 2017