الرئيسية / مقالات
الهجرة العربية وانعكاساتها
تاريخ النشر: الخميس 06/11/2014 10:03
الهجرة العربية وانعكاساتها
الهجرة العربية وانعكاساتها

 بقلم: أيمن هشام عزريل
uzrail@hotmail.com
لا تزال ظاهرة الهجرة الدولية للعمل بمختلف أبعادها تتسع وتؤثر على تشكل اقتصادات العالم، وقد شهدت هذه الظاهرة تنامياً ملحوظاً على امتداد الزمن إذ يغادر ملايين الأفراد مواطنهم سنوياً، ويمتلك الوطن العربي قدرات بشرية هائلة وكوادر فنية من مختلف المستويات والتخصصات، ولهذه القدرات دورها الفاعل في عملية التنمية والنهضة الحضارية، ولكن هذه الكفاءات تعيش حالة من التهميش والاهمال في بلادها نتيجة نظم سياسية تعيش على المحسوبية والواسطة والصراع البيروقراطي، فتلجأ هذه الكفاءات إلى الهجرة, وتصادف هذه الكفاءات هذه التسهيلات والاغراءات والراحة والرضا المهني في البلدان التي تهاجر إليها. 
إن الهجرة ظاهرة حديثة و يرجع السبب في ظهورها إلى الحاجة إلى قيام اقتصاد رأسمالي عالمي شديد التكامل يجعل الناس يرتحلون باستمرار من أجل العمل أو تأهيل القوى العاملة من خلال الدراسة، لاسيما الدراسات العليا المتقدمة والمتخصصة أو اللجوء السياسي، وبلغت مشكلة هجرة العقول العربية والكفاءات العلمية إلى خارج الوطن العربي درجة من الأهمية جعلها أحد القضايا الهامة التي تواجهها عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
لذا يجب على الدول إتباع السياسات التي تستهدف جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة في المجالات الإنتاجية والخدمية ذات القيمة المضافة المرتفعة أو الكثيفة تكنولوجياً، فإذا كان القرن العشرين هو قرن الشهادات فإن القرن الواحد والعشرين هو قرن الكفاءات، فقد أصبحت الشركات والمؤسسات تعطي قدراً أكبر من الاهتمام للكفاءة والخبرة لدى منتسبيها، وعليه فإن الممارسة والمهارة والخبرة العملية تعد اليوم أساساً لتقييم العاملين، إن الحرمان من التعليم أول مراحل الحكم على البشر بالفقر ومن المؤكد أن قلة التحصيل العلمي ورداءة نوعيته ترتبط بقوة بظاهرة الفقر، ويركز قطاع التعليم في تكوين رأس المال البشري والاجتماعي اللازم للنمو الاقتصادي والإنماء الاجتماعي، وأنه لا يمكن تحقيق تنمية اقتصادية ناجحة ما لم تصاحبها تنمية بشرية والتي تتولى مهمتها التربية والتعليم، وهذه لا يمكن النظر إليها على أنها خدمة استهلاكية.
ليس هناك سبب واحد لهجرة الأدمغة، بل إن هذه الهجرة نتيجة تفاعل عدة عناصر ومسببات وعلى رأسها الأوضاع الأمنية والسياسية، والتي انعكست بدورها على الاقتصاد والاستثمار والتنمية المستدامة، وعلى خلق فرص عمل جديدة تتماشى مع التحصيل العلمي الحديث، وتواكب التطور التكنولوجي العالمي، كذلك هناك أسباب مهنية مبنية في مجملها على عدم توافر قطاعات عمل لهذه الكفاءات العلمية أو عدم توافر بيئة اجتماعية مدركة يتفاعل فيها الفرد مع نظرائه ومع مجتمع المعرفة في الحقل نفسه، فأن أهم دوافع الهجرة الحالية خصوصاً الدائمة منها تكمن في الأمن السياسي الذي يؤثر تأثيراً سلبياً على الحركة الاقتصادية والاستثمار وتفعيل السوق وانتاج الوظائف.
إذاً الهجرة تتمثل بالعجز الحاصل في الكوادر العلمية اللازمة لرفع وتيرة التطور الاقتصادي والاجتماعي، وهذا بدوره يؤثر بشكل مباشر على مستوى الرفاهية، وكذلك تؤدي الهجرة إلى عدم حصول البلاد على أي مردود مالي لقاء ما أنفقته على تعليم الأفراد، وتؤدي الهجرة إلى نتائج اجتماعية تتمثل بتناقص قدرة هذه البلدان في إعداد المؤهلين اللازمين لعمليات التنمية، حيث أن هجرة الكوادر العلمية تحرم الجامعات والمعاهد والمؤسسات التعليمية والتأهيلية من الأجهزة والكوادر التي تكون بإمكانها أن تعمل على إعداد المؤهلين محلياً.
من كل ما سبق؛ نتوصل إلى جملة أمور منها، توظيف الأموال في خدمة عملية التنمية والتطور ووضع الخطة العلمية السليمة لتحقيقها، وكذلك توظيف القوى العاملة والكوادر الوطنية الفنية العالية في خدمة عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية، فإن تحقق هذه الشروط يؤدي إلى السير نحو تحقيق النمو والرفاهية المؤكدة لأبناء الوطن، والشرط هو توظيف القوى العاملة والكوادر الوطنية هو الشرط الأكثر أهمية، للاهتمام بالكفاءات التي تعمل على مراقبة التنمية لتمارس دورها في النهوض بعملية التنمية والتقدم نحو الرفاهية ورفع مستوى المعيشة في هذا البلد، ولابد من توفر فرص عمل للكفاءات، والاستفادة من خبراتهم وكفاءتهم، ووضع الشخص المناسب في المكان المناسب، لأن هذه المشكلة تعاني منها أكثر أقطار الوطن العربي فأصحاب الكفاءات عندما يسافروا إلى الخارج للتعلم، ويعودوا إلى بلادهم لا يجدوا فرص عمل ومكان مناسب لعملهم، فسوف يهاجروا مرة أخرى للبحث عن العمل في مكان آخر مناسب لاختصاصهم.

تابعونا على فيسبوك
تصميم وتطوير: ماسترويب 2017