نابلس
يقول الأكاديمي والباحث في قضايا حق العودة واللاجئين عدنان ادريس، إن التلويح بالأزمة المالية لدى الوكالة لتبرير التقليصات، هو سيف يسلطه الغرب وقتما يشاء، بالرغم أن قرار إنشاء "أونروا" نفسه (302) يتضمن فقرة تشير لذلك إذ تنص على "التشاور مع الحكومات المعنية في الشرق الأدنى بشأن التدابير التي تتخذها هذه الحكومات، تمهيدا للوقت الذي تصبح فيه المساعدة الدولية للإغاثة غير متوفرة"
وأضاف أن ذروة الهجمة المعادية على القضية الفلسطينية بلغت في جوهريها مسالتي: القدس واللاجئين خلال فترة حكم ترامب لامريكا. خلالها اعترف ترامب بالقدس عاصمة للكيان الصهيونى ونقل سفارته اليها. وبالتزامن مع ذلك اعلن عن وقف دعم امريكا للاونروا ( وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين) ماليًا. وكان قد سبق هذا الإجراء عقد من التحضيرات وتهيئة الاجواء والظروف الادارية والخدماتية والاعلامية والنفسية على صعيد الاونروا وخطابها وتكرار الحديث عن ازمتها المالية المزمنة.
وأوضح ادريس انه من خلال اكثر من عقد من الزمن كان يتم الإيحاء بان تجديد تفويض العمل للانروا من الامم المتحدة انما هو انجاز كبير. وما ان تمر ايام على اعلان ذلك التجديد حتى يبدا نفس المسلسل والمسار والسيناريو ( كل مرة) : اعلانات متواصلة من المفوض العام للانروا عن نقص في تمويل برامج الوكالة ، تقليص في الخدمات، حجب بعضها، تدني جودة بعضها الاخر، ومن ثم مناشدات دولية لسد العجز في الميزانية حتى تتمكن الأونروا من مواصلة تقديم خدماتها للاجئين الفلسطينيين، ثم ياتي مؤتمر المانحين واللجنة الاستشارية والدول المضيفة للاجئين ، ولنسمع خطابا للمفوض العام يحمل لغما جديدا ( هكذا في كل مرة).
وشدد الباحث ادريس انه كان من اخطر ما تم صياغته في دهاليز العار هو ما عرف "بوثيقة جنيف" ( وغيرها من وثائق نسبت الى أشخاص من الطرفين) التي تدعو صراحة الى تصفية الوكالة واعمالها وإحالة صلاحياتها واعمالها الى الدول المضيفة ، وكذلك دعوتها الى توطين اللاجئين في الدول المضيفة وغيرها مع تعويضات.
وتابع وعلى ما يبدو انه مع تسلم ترامب زمام الحكم في امريكا فان قوى الشر العميقة في العالم قد رات في دلك الفرصة المؤاتية للاجهاز على قضية اللاجئين وتصفيتها. ولما انصرف ترامب لما ينتهي المخطط. انبرى مفوض الاونروا لازاريني بتصريحات غريبة لاكمال الدور الذي بداه ترمب وغيره ؛ وجوهره بانه طالما بقيت الازمة المالية تعصف بالوكالة وخدماتها فلا من ايجاد " شركاء" ( بالأحرى مشترين) يحملون العبىء عن الوكالة ( بديلا عنها ) هكذا كان الامر اساسا ؛ ثم جرى أدخال تعديلات عليه ( للطمأنة والتخدير!).
وقال الكاديمي ادريس " ولولا ردود الفعل الغاضبة من فلسطين وغيرها على تلك التصريحات لربما امكن تمرير مخطط استبدال الوكالة بقرار اممي. وهنا يكون مكمن الخطورة. وقد استمر ت حالة القلق التي عاشها اللاجئون الفلسطينيون طوال تلك الفترة التي بدات مع تسلم ترامب رئاسة امريكا وتصريحات لازاريني ، حتى جاء موعد انعقاد الجمعية العامة للامم المتحدة السنوي والذي تم خلاله تجديد تفويض عمل الأونروا. وما ان هدات النفوس قليلا حتى عاد المفوض العام لاثارة موضوع الازمة المالية مجددًا، بالرغم من التعهد الامريكي وغيره بسداد حصصها من موازنة الأونرواالسنوية!
ونوه الى ان ترامب اعتقد ان العرب هم جثة هامدة وانه يستطيع ان يملي عليهم ما يشاء. وعلى هذا الاساس اطلق صفقته. ان قوى الشر العميقة ستواصل جهودها لتطبيق مايمكنها في هذا الاتجاه : اتجاه تصفية القضية الفلسطينية ( وقد يكون هذا عبر مخططات اقليمية ودولية جديدة شديدة الخطورة تحاك حاليا بالكواليس ، لم يعلن عنها سابقا).
وشدد ادريس انه في ضوء ذلك كله فان الوكالة قد تلجا تحت حجة الازمة المالية المزمنة (والتي تصورها بانها غير قابلة للحل) الى وقف جزئي لخدمات اخرى من جانب واحد. حتى ياتي الوقت الذي بالكاد تقدم فيه الوكالة خدمة تسجيل المواليد الجدد.
كما اكد ان المطلوب فلسطينيا وعربيا هو التقدم بمشروع قرار للأمم المتحدة يقضي بتخصيص ميزانية سنوية دائمة للاونروا من ضمن ميزانيات الامم المتحدة لوكالاتها وفروعها العاملة ، حتى يتم إعادة اللاجئين الفلسطينيين الى ديارهم تطبيقا لقرار 194.
وأشار الباحث ادريس انه كان لمسيرات العودة التي انطلقت من قطاع غزة ولبنان بشكل خاص ، على مدى ما يقارب السنة- ردا على مؤامرة ترامب- كان لها الدور الحاسم في كسر الصمت وتغيير في موقف المجتمع الدولي من قضية اللاجئين الفلسطيينين ، اذ اعادت لهذه القضية حضورها ونبهت العالم بان شعب فلسطين لن يتخلى عن حقوقه مهما بلغت التضحيات.