الرئيسية / الأخبار / فلسطين
"مقلاع داود".. نجاح لمنظومة الاحتلال الأمنية أم تحدٍ جديد؟
تاريخ النشر: الأحد 21/05/2023 07:15
"مقلاع داود".. نجاح لمنظومة الاحتلال الأمنية أم تحدٍ جديد؟
"مقلاع داود".. نجاح لمنظومة الاحتلال الأمنية أم تحدٍ جديد؟

36 ساعة من الصمت المريب.. أدخلت "إسرائيل" في حالة استنزاف وحيرة، وأربكت حسابات منظوماتها الأمنية والعسكرية، بعد عدوان شنّه ضد أهداف مختلفة في أنحاء قطاع غزة، قبيل فجر التاسع من مايو/ أيار الجاري.

حالة الصمت التي خيّمت على الأوضاع، كانت تكتيكًا جديدًا تستخدمه "الغرفة المشتركة" لفصائل المقاومة الفلسطينية لأول مرة ضمن عملية أطلقت عليها "ثأر الأحرار"، لصد عدوان الاحتلال التي عرّفه باسم "السهم الواقي".

وفي أول رد لها، أطلقت "الغرفة المشتركة" رشقات صاروخية متتالية، كان من بينها رشقة من 6 صواريخ نوعية مركزة نحو "تل أبيب"، واحد منها على الأقل كان متوجهًا إلى منطقة مأهولة، ما اضطر إلى تفعيل منظومة "مقلاع داود".


ما هي منظومة "مقلاع داود"؟

"مقلاع داود" أو "العصا السحرية"، هي منظومة دفاع جوي "أرض جو" من إنتاج شركة "رفائيل" الإسرائيلية للأنظمة الدفاعية بالاشتراك مع شركة "ريثيون" الأمريكية، تم تصميمها لاعتراض الصواريخ متوسطة وبعيدة المدى مثل "صواريخ كروز".

وتشتمل المنظومة على وحدة إطلاق صواريخ عمودية مثبّتة على مقطورة، ورادار للتحكم، ومحطة تشغيل واعتراض، وصواريخ تُعرف باسم "ستانر".

ويبلغ مدى كشف المنظومة للهجمات الصاروخية 300 كيلو متر مربع، أما مدى الاعتراض يصل لـ 75 كلم، فيما تبلغ سرعة الصاروخ 7.5 ماخ، بنطاق الاشتباك 360 درجة، ونظام توجيه ثلاثي (راداري، حراري، ضوئي).

دخلت المنظومة للخدمة التجريبية عام 2015، لتحل محل عدد من المنظومات التي لم تثبت جدارتها مسبقًا، وتعتبر ذات تكلفة عالية جدًا حيث تصل لمليون دولار للصاروخ الواحد، نظرًا لدقة وخطورة الهدف الذي تتعامل معه.

سلاح استراتيجي

المختص في الشأن الإسرائيلية عبد العزيز صالحة، يقول في حديثه لـ "وكالة سند للأنباء"، إن هذه المنظومة لا تتحرك إلا لمواجهة صواريخ "بالستية" خطيرة، وهي بالأساس مرتبطة بالأقمار الصناعية ويتم تفعيلها ذاتيًا بشكل تقني عالي جدًا.

ويؤكد "صالحة" أن أهم دلالات تفعيل الاحتلال لهذه المنظومة، هو التطور النوعي للمقاومة باستخدامها سلاح استراتيجي فاجأ الاحتلال وأربك حسابات منظومته الأمنية، مضيفًا: "الاحتلال كان يُعد هذه المنظومة للأخطار الاستراتيجية البعيدة مثل إيران، وحزب الله اللبناني".

ومن دلالات ذلك أيضًا، أن تطور المقاومة فيه استنزاف لإمكانيات الاحتلال وسلاحه الاستراتيجي، فعندما يستخدم هذه المنظومة مع حركات مقاومة صغيرة نسبيًا إذا ما قورنت بقوة "إسرائيل" النووية، فإنه لا يجب على الأخيرة استخدامها مع قطاع غزة، وفق "صالحة".

ويوضح أنه برغم الفرق الشاسع في الإمكانيات بين الاحتلال والمقاومة، إلا أن الإبداع الجديد للأخيرة، انعكس بتأثيرات كبيرة على نفسية المستوطنين، الذين شعروا بخلل وقلق كبيرين تجاه هذا التطور النوعي، حتى وصل الأمر لاستخدام أهم المنظومات الدفاعية لمواجهة غزة.

فشل القبة الحديدية

ويُشير "صالحة" إلى أن هذا التفعيل، فيه إقرار واضح بفشل منظومة "القبة الحديدية"، التي لم تعد ناجعة في حماية مستوطني الاحتلال سواء في منطقة غلاف غزة أو أي مكان في فلسطين المحتلة.

ويتفق مع ذلك، المحلل السياسي ساري عرابي، حيث يؤكد أن أهم دلالات استخدام "مقلاع داود"، هو أن "القبة الحديدية" فشلت في مهامها، إذ عجزت عن إسقاط الكم الأكبر من صواريخ المقاومة المتطورة التي سقطت على مستوطنات الاحتلال.

وأطلقت فصائل المقاومة خلال 4 أيام نحو 1469 صاروخًا تجاه مستوطنات الاحتلال، تم اعتراض نحو 300 منها فقط، بحسب المتحدث باسم جيش الاحتلال، ما خلّف مقتل مستوطن وإصابة آخرين بجروح مختلفة، إلى جانب أضرار مادية كبيرة.

 ويقول "عرابي" في حديثه لـ "وكالة سند للأنباء" إن تطور صواريخ المقاومة، التي باتت أكثر قدرة على التأثير والإصابة، ولديها قدرة تفجيرية أكبر، ودقة أعلى، ومديات أطول، ما جعل الاحتلال يضطر لاستخدام تقنيات أكبر من القبة ولو كانت مكلفة اقتصادية بالنسبة له.

وكلّفت العدوان الأخير جيش الاحتلال، نحو 200 مليون شيكل، إضافة إلى نحو 65 مليون شيكل إجمالي تكلفة عمليات اعتراض القبة الحديدية، بحسب قناة 13 الإسرائيلية.

ويوضح ضيفنا أن الاحتلال أراد طمأنة جمهوره الداخلي الذي يدرك أن المخاطر التي تهدده لا تتعلق فقط بالمقاومة الفلسطينية في غزة، وكأنه يقول لهم "فشل القبة يعوضه دفاعات أكثر تطورًا، فالدولة ما تزال قادرة على استخدام أسلحة أخرى".

ويلفت "عرابي" إلى أنّ الاحتلال لربما أراد تجريب هذا النوع من الصواريخ، في مواجهة حية حقيقية.

ويؤكد أن النجاح الصاروخي للمقاومة وفشل الدفاعات الجوية للاحتلال، أعطى ملامح أخرى للمعركة، رغم تمتع الاحتلال بالتفوق الجوري وقوة النيران، إلا أن المقاومة أثبت قدرتها على خلق أدوات جديدة في ظل حصار وظروف استثنائية.

ويُردف: "لم تظهر المعركة وكأن الاحتلال هو فقط الذي ينفذ الضربات، وأن إدارته وقدرته مطلقة، بل كان في المقابل إدارة وقدرة للمقاومة"، مشيرًا إلى أهمية ذلك على المستوى التعبوي والسياسي والعسكري في معركة من هذا النوع.

ويختلف قادة عسكريون إسرائيليون مع ادعاءات رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، أن العدوان الأخير نجح في "تغيير المعادلة" مع الفصائل في قطاع غزة، فوفقًا لما نقلته صحيفة "معاريف"، عن مصادر أمنية إسرائيلية "فإن تصريحات نتنياهو مبالغ فيها".

وفي السياق، قلل عاموس هرئيل، المعلق العسكري لصحيفة "هآرتس"، من أهمية نتائج العدوان على غزة، لافتًا إلى أنّ "إسرائيل" مازالت تخشى بالفعل من رد فعل عنيف من قطاع غزة، مما قد يعيد التصعيد العسكري إلى المنطقة.

واعتبر "هرئيل" أن حالة التأهب الأمني الشديد الذي تخلل "مسيرة الأعلام" الاستفزازية يوم الخميس الماضي خاصة في القدس، وكذلك المشاورات الأمنية المتعددة التي سبقت هذه المسيرة، تشهد على الوضع الحقيقي بأن "إسرائيل" ليست متأكدة إطلاقًا من "انتصارها".

مما تقدّم يؤكد فيما لا يدع مجالاً للشك، أن المنظومة الأمنية والعسكرية في "إسرائيل" اليوم تقف أمام تحدٍ جديد، فرضه التطور النوعي والاستراتيجي للمقاومة الفلسطينية، الأمر الذي سيجعلها تعيد حساباتها في التعامل مع غزة.

 

 

تابعونا على فيسبوك
تصميم وتطوير: ماسترويب 2017