جنين، 2025/12/18: أعلن مركز دار الفنون والتراث في مخيم عسكر، بالتعاون الاستراتيجي مع مسرح الحرية – مخيم جنين، عن إطلاق الدورة الأولى من "مهرجان طوب" المسرحي، الذي يُقام على خشبة مسرح دار الفنون والتراث في مخيم عسكر خلال الفترة من السبت 20 كانون الأول وحتى الجمعة 26 كانون الأول 2025.
تأتي هذه الدورة بعد النسخة التجريبية التي عُقدت في شهري نيسان وأيار 2025، لتصبح أول دورة مسرحية متكاملة تمتد على مدار أسبوع كامل، وتقدّم برنامجًا احترافيًا يعكس تطور فكرة المهرجان وتحولها إلى مشروع ثقافي منظم ومستدام.
ويمثل مهرجان طوب باكورة تعاون ثقافي وشراكة استراتيجية بين مؤسستين فاعلتين في المخيمين: مركز دار الفنون والتراث في عسكر ومسرح الحرية في جنين، في لحظة سياسية وتاريخية معقّدة، يُعاد فيها استهداف المخيمات الفلسطينية كحيز جغرافي وكمكان للذاكرة والهوية، ومن خلال هذه الشراكة، يسعى المهرجان إلى تثبيت حضور المخيمات الفلسطينية وتضخيم صوت اللاجئين على الخارطة الثقافية، وتقديم فن يعكس الواقع اليومي، الذاكرة الجماعية، والتحديات الاجتماعية والسياسية لللاجئين الفلسطينيين.
يُنظَّم مهرجان طوب مسرح الحرية بالشراكة مع مركز دار الفنون والتراث، في أول تعاون نوعي على مستوى وطني، وذلك بالتعاون مع شبكة الفنون الأدائية الفلسطينية، وبمشاركة ودعم Project Hope، أصداء الإعلامية، National Education Union، واللجنة الشعبية لخدمات اللاجئين – مخيم عسكر.
العروض المسرحية المشاركة
ويتضمن البرنامج عروضاً من ابرز التجارب المسرحية الفلسطينية المعاصرة، وهي على النحو التالي:
* "البيت" – مسرح تياترو
عرض افتتاح المهرجان، وهو عمل مونودرامي من تأليف وأداء عبيدة زيد وإخراج هشام سليمان، يتناول سؤال البيت بوصفه مفهومًا وجوديًا لا مكانًا ثابتًا، حيث تستكشف معنى البيت والهوية والذاكرة الجماعية، تدور المسرحية حول أحمد، الشاب العالق بين رغبته في الرحيل وحمولة الذاكرة الجماعية، حيث تتحول محطة الانتظار إلى فضاء درامي يكشف صراع الذات مع الإرث، ومع معنى النجاح والاختيار. العمل يشتغل على الحد الأدنى من الحدث والحد الأقصى من الدلالة، ويقدّم قراءة عميقة لعلاقة الجيل الجديد بالجذور دون تمجيد أو قطيعة.
* "ميرمية" – مسرح الحارة
عمل قائم على مسرح الشهادات، من دراماتورجيا وإخراج ميرنا سخلة، وبأداء ميرنا سخلة ونقولا زرينة. يستند العرض إلى شهادات حقيقية لناجين وناجيات من نكبة 1948، ليقدّم صورة حميمة عن الانتظار، الذاكرة، وحق العودة. من خلال شخصيتي رجل وامرأة مسنّين، تتقاطع الحكاية الفردية مع التاريخ الجمعي، حيث يصبح الحنين فعل مقاومة، والذاكرة مادة مسرحية حيّة.
* "جوهرتي الثمينة" – مسرح الحرية
عرض تفاعلي بأسلوب مسرح المضطهدين، مستند إلى نص “لسنا قططًا ولا مجوهرات” لغسان ندّاف، يفتح نقاشًا مباشرًا مع الجمهور حول العنف المبني على النوع الاجتماعي، وحدود السلطة داخل العلاقات، وما يُفرض على الجسد والخيال من أشكال قمع. لا يقدّم العمل إجابات جاهزة، بل يخلق مساحة آمنة للاشتباك والحوار، ويطرح العدالة الجندرية بوصفها ممارسة يومية لا شعارًا نظريًا، المسرحية من اخراج محمد عيد، وأداء؛ رائد خطاب، جمال أبو جعص، وفرح اشتيه.
* "سراب" – سيرك فلسطين
عرض سيرك مسرحي تراجيدي، من اخراج محمد أبو طالب، يوظّف الجسد والحركة والأكروبات لتمثيل تجربة اللجوء القسري، من فلسطين إلى العالم. يتناول العمل رحلة البحث عن الأمان، وانكسار الوهم، والاصطدام بواقع لا يشبه الحلم. يمزج “سراب” بين السيرك، الرقص المعاصر، والمسرح، ليقدّم تجربة حسّية مكثفة عن التهجير المستمر والنكبة المتواصلة، ويؤدي هذا العرض كل من ليث عباسي، وجدي خالد، جوليا رفيدي، ليان رفيدي، ونورالدين سمارو.
* 15،16 سنة ... حكايات أطفال لا يكبرون – مسرح الحرية
عمل مبني على شهادات حيّة من مخيم جنين، من اخراج محمود ابو عيطة، يتناول الطفولة الفلسطينية تحت العنف اليومي، حيث يتحول الخوف إلى مادة فنية، والشهادة إلى فعل جماعي. يعتمد العرض على الحركة والارتجال، ويقدّم صورة قاسية وصادقة عن جيل يعيش على حافة الحياة والموت، دون تزيين أو مبالغة، ويقوم باداء المسرحية يافعين من مخيم جنين؛ أوس طوافشة، طارق الحسن، محمد ابو عطية، محمد أبو الهيجاء، محمد طوباسي، ونديم لحلوح.
* "وصية أنتيجون" – مسرح رسائل
عرض يستلهم الأسطورة اليونانية ليعيد قراءتها في سياق فلسطيني معاصر، حيث تتحول “الوصية” إلى سؤال أخلاقي عن الحق في دفن الموتى، والكرامة الإنسانية تحت الحصار والحرب. العمل، الذي جال في فرنسا ولاقى تفاعلًا واسعًا، يقدّم معالجة مباشرة ومكثفة، تعتمد على الأداء الجماعي والاقتصاد في الوسائل، وهذا العرض كتابة سليم السرسك ومعتصم ابو حسن، وأداء؛ محمد حيّات، نبراس رحّال، دانية العكر، أحمد الجيطان، كما اخرج المسرحية معتصم ابو حسن.
* "الجزء الأبيض من الليمون" – دار الفنون والتراث / مركز شباب ذنابة
عرض الاختتام، وهو عمل فلسطيني–كتالوني مشترك، من كتابة جوردي كسادو وإخراج سليم السرسك، يتناول مفاهيم الذنب، الغياب، والذاكرة بعد الفقد. يشتغل العرض على لحظة ما بعد الصدمة، وعلى محاولات ترميم الحياة عبر الطقوس اليومية، الطعام، الاحتفال بالوجود، والوداع المؤجّل، في تجربة إنسانية تتجاوز الجغرافيا دون أن تفقد جذورها، ويؤدي الادوار في هذه المسرحية كل من عمر أرميلات، محمد فرج الله، ومحمد غريفي.
جميع العروض مجانية بالكامل، في محاولة واعية لبناء منصة مسرحية مستقلة، تخاطب المجتمع، وتتمسك بحق الفن في أن يكون مساحة حرّة للتعبير، والسؤال، والاشتباك مع الواقع.
حيث يقدّم “مهرجان طوب” برنامجًا مسرحيًا متنوعًا، يجمع بين المونودراما، مسرح الشهادات، المسرح التفاعلي، والسيرك المسرحي، في محاولة جادة لتكريس المخيم كفضاء إنتاج ثقافي، ومنصة حية للتعبير الفني، الاشتباك مع الواقع، وطرح الأسئلة المصيرية حول الهوية، الذاكرة، واللجوء، تحت شعار من المخيم… وإلى الناس.