الرئيسية / الأخبار / فلسطين
توسّع استيطاني غير مسبوق في الضفة الغربية
تاريخ النشر: اليوم الساعة 05:58
توسّع استيطاني غير مسبوق في الضفة الغربية
توسّع استيطاني غير مسبوق في الضفة الغربية

نابلس: تقرير رند عصايرة

في وقتٍ يزداد فيه الحديث عن “حل الدولتين” والسلام، تستمر إسرائيل في فرض واقع جديد على الأرض، من خلال توسع إستيطاني متسارع في بناء المستوطنات ومصادرة الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية. فقط خلال الشهور الأخيرة، تم الإعلان عن آلاف الوحدات الاستيطانية الجديدة، وصدرت عشرات أوامر الإخلاء بحق السكان الفلسطينيين اللذين يعيشون على أرضيهم منذُ عقود.
يخضع المستوطنون في الضفة الغربية لحكم مدني إسرائيلي، ويتمتعون بشبكات طرق ووسائل نقل خاصة بهم. كثير منهم مسلحون، وقد نفذ بعضهم هجمات ضد المدنيين الفلسطينيين. فقبل عدة أيام على الأقل ، هاجم مستوطنون من مستوطنة “يتسهار” -المقامة على أراضي قرى جنوب نابلس- منازل المواطنين في قرية عصيرة القبلية، تحت حماية مشددة من قوات الاحتلال. ولم تقتصر اعتداءاتهم على ذلك، ففي صباح اليوم التالي نصب المستوطنون خيمة داخل المخطط الهيكلي للقرية، وعلى بُعد أمتار قليلة فقط من منازل المواطنين .
ويقول حافظ صالح رئيس مجلس قروي عصيرة القبلية :


إن مستوطنين من مستوطنة “يتسهار” نصبوا خيمة جديدة على أراضٍ تتبع للبلدة، وتقع داخل المخطط الهيكلي المصنّف ضمن منطقة “B”. ويوضح أن الخيمة لا تبعد سوى 100 متر فقط عن أقرب منزل فلسطيني في البلدة، ما يشكّل تهديدًا مباشرًا للأهالي، ويمهد لتوسّع استيطاني جديد في المنطقة.

ويضيف صالح أن هذه الخطوة تُعد انتهاكًا واضحًا وخطيرًا، خاصة أن الموقع المستهدف يقع ضمن صلاحيات السلطة الفلسطينية إداريًا ، مشيرًا إلى أن نصب الخيام غالبًا ما يكون مقدمة لإقامة بؤر استيطانية عشوائية تتحول لاحقًا إلى مستوطنات رسمية بدعم من جيش الاحتلال.

ومن جهته قال الوزير مؤيد شعبان ، رئيس هيئة مقاومة الجدار والاستيطان، في بيان سابق نُشر عبر وسائل الإعلام ، "إن إعلان إسرائيل تحويل 22 موقعاً وبؤرة استيطانية إلى مستوطنات قائمة يُشكّل تحدياً مباشراً ليس فقط للشعب الفلسطيني، بل أيضاً للمجتمع الدولي بأسره، الذي يدين الاستيطان ويرفض الاعتراف بفرض الأمر الواقع الإسرائيلي على الأرض.

وأوضح شعبان أن المواقع الجديدة تتوزع على النحو الآتي: "أربع مستعمرات في محافظة رام الله، وأربع في محافظة جنين، وأربع أخرى في محافظة الخليل، بالإضافة إلى موقعين في محافظة نابلس، وموقع في سلفيت، وثلاثة مواقع في أريحا، وثلاثة في الأغوار، وآخر على أراضي القدس".

وأشار شعبان إلى أن "إسرائيل كانت في السابق تتحايل عبر الإعلان عن هذه المستعمرات كعمليات توسعية، لكنها اليوم تكشف عن وجهها الحقيقي، وتفضح كذبها المتواصل على مدار السنوات بشأن نهب الأراضي الفلسطينية والاعتداء على حقوق الشعب الفلسطيني ومقدراته "
ودعا شعبان المجتمع الدولي إلى التدخل الجاد والحقيقي "لمعاقبة إسرائيل على انتهاكاتها، وتحديها للقرارات الدولية، وآخرها الرأي الاستشاري الصادر عن محكمة العدل الدولية بشأن الاحتلال والاستيطان، وقرار مجلس الأمن رقم 2334 الذي أكد عدم شرعية الاستيطان وبطلانه قانونيًا وواقعياً.

يعتمد المستوطنون الإسرائيليون، بدعم من الحكومة وجيش الاحتلال، على ثلاث آليات رئيسية للاستيلاء على الأراضي الفلسطينية:
إقامة بؤر استيطانية رعوية تُستخدم كوسيلة لفرض السيطرة الفعلية على الأرض،
وطرد المزارعين والرعاة الفلسطينيين من أراضيهم، من خلال التضييق والمنع والملاحقة وتعبيد وشق الطرق الإستيطانية من أراضيهم مثلما حدث في الأمس في قرية سكاكا شرق سلفيت حيث تعرض المواطنين إلى اعتداءات على اراضيهم الزراعية وتجريفها وأغلاقٌ للطرق الزراعية .
تنفيذ اعتداءات ممنهجة ضد التجمعات الفلسطينية المجاورة، تشمل الترهيب والمضايقات والعنف، وهدم المنازل والتجمعات السكنية كما حدث أول أمس ، 30حزيران ، حيث أقدمت قوات الاحتلال صباح اليوم على هدم 4 منشآت سكنية في منطقة الطويل في بلدة عقربا جنوب نابلس، تعود ملكيتها لمواطنين من عائلات بني جابر وبني منية، وذلك بحجة البناء دون ترخيص، بهدف دفع السكان إلى النزوح القسري.

وقد أدّت هذه الممارسات إلى تهجير أكثر من 60 تجمعًا رعويًا فلسطينيًا خلال السنوات الأخيرة، فيما أُقيمت عشرات البؤر والمزارع الاستيطانية على الأراضي التي تم الاستيلاء عليها، ضمن سياسة ممنهجة لفرض واقع ديموغرافي وجغرافي جديد في المناطق المصنفة “ج”


"الخطوة الأوسع من نوعها"
وصفت منظمة السلام الآن الإسرائيلية المناهضة للاستيطان هذه الخطوة بأنها "الخطوة الأوسع من نوعها" منذ أكثر من 30 عاماً وحذرت من أنها "ستؤدي إلى إعادة تشكيل الضفة الغربية بشكل كبير، وترسيخ الاحتلال بشكل أكبر".

 


ما هو الفرق بين المستوطنات الاستيطانية والبؤر الإستيطانية ؟
لا ينبغي علينا الخلط بين المستوطنات في الضفة الغربية والبؤر الاستيطانية، فالمستوطنات تعتبر غير قانونية بموجب القانون الدولي ولكنها قانونية بموجب القانون الإسرائيلي، أما البؤر الاستيطانية فهي غير قانونية بموجب القانون الإسرائيلي أيضاً، حيث تم بناؤها دون تصريح من الحكومة الإسرائيلية.

أهم الإحصائيات الاستيطانية ومصادرة الأراضي خلال الشهر الماضي :


العمليات الجديدة للبؤر الاستيطانية
اعتمدت إسرائيل 22 مستوطنة جديدة (تشمل تسوية بؤر قائمة وتحويلها إلى مستوطنات رسمية) في مايو 2025 تُعتبر “أكبر توسّع استيطاني منذ اتفاق أوسلو” .
كما وثّقت المنظمات الإسرائيلية (PCHR) إنشاء 12 بؤرة جديدة حتى نهاية أبريل 2025، منها 3 في محافظة الخليل فقط .
عدد البؤر غير القانونية القائمة والمستحدثة
يبلغ عدد البؤر (outposts) نحو 224–256 بحسب آخر بيانات Peace Now: 134 منها زراعية وأخرى ريفية، ويشمل العدد بناء 49 بؤرة رعي منذ تشرين أول 2023 وحتى نهاية 2024 (بزيادة حوالي 50٪)

انتهاكات وتوثيق العنف الاستيطاني
سجلت الأمم المتحدة (OCHA) بين 27 مايو و2 يونيو 32 هجومًا من المستوطنين، أسفرت عنها إصابة 30 فلسطينيًا، إضافة لتخريب المزارع وعربات السكان والعربات الخاصة بهم .
في الفترة 20–26 مايو، وثّقت 25 حادثة أخرى أدّت إلى إصابة 35 فلسطينيًا وتشريد أفراد البدو من اماكن إقامتهم .
خلاصة

تؤكد المعطيات والوقائع الميدانية أن التوسع الاستيطاني في الضفة الغربية لم يعد مجرد خرق للقانون الدولي، بل بات سياسة ممنهجة تهدف إلى تقويض الوجود الفلسطيني وسلب الأرض والحق.
وإن ما يجري في الضفة الغربية اليوم ليس مجرد توسع استيطاني عشوائي، بل احتلال بوجه جديد، يُنفّذ بهدوء على وقع صمت المجتمع الدولي وتواطؤ بعض القوى الكبرى. مصادرة الأرض، تهجير السكان، وبناء البؤر يوماً بعد يوم، كل ذلك ليس حدثًا عابرًا، بل معركة وجود يخوضها الفلسطيني أعزل لا يمتلك إلا من إيمانه بحقه.


 

تابعونا على فيسبوك
تصميم وتطوير: ماسترويب 2017