وعلى حب وعشق أزلي لم يغادر قلوب أصحاب المحلات هناك يوماً، ما تزال أسواق خان التجار تشهد انتعاشاً، رغم الإقبال الكبير على الأسواق خارج حدوده، حيث الأسواق الحديثة والمجمعات التجارية، ورغم ذلك متمسكون بمحالهم المتواضعة ذات الأقواس الدائرية.
ويقول أسامة الشنتير والذي يمتلك محلاً لبيع الأحذية في الخان، إنّ كل شيء هنا في خان التجار مختلف عن الخارج، فالأسعار أرخص وإيجارات المحلات أقل من المحلات الموجودة على الدوار وشارع سفيان والأماكن الأخرى، مشيرا إلى أنّ الناس يقبلون على الشراء من هنا ولكن بنسبة أقل من الشراء من المحلات غير الموجودة بالخان.
وبينما يقف بين ما يبيعه من هدايا وتحف وميداليات، وقد بدا على تقاطيع وجهه عمراً قضاه بين أسوار الخان في محله، يرى الحاج أبو احمد أنّ الأوضاع السياسية والإقتصادية قد أثرت على البيع داخل الخان وخارجه بشكل عام، ويضيف "مواسم الصيف والربيع وقدوم السياح هي الفترة التي أبيع بها بشكل أكبر وينتعش السوق أيضاً على حد قوله".
ومن إحدى محلات العطارين، وبدكانه الصغير الذي لا يتجاوز طوله الثلاثة أمتار وعرضه المتر ونصف، التقينا الحاج أبو نادر والذي يبيع فيه منذ أكثر من عشرين عاماً، وقد ورثه عن والده وجدّه كابراً عن كابر، وتحدث إلينا عن حيوية سوق الخان خاصةً في مواسم رمضان وشعبان، والجو المختلف الذي يشهده الخان في تلك الأيام، وأشاد بدور السياح وعرب الثمانيه وأربعون بانتعاشه.
ويشتكي صديق عرفات الذي يبيع ملابساً للأطفال، من قلة الإقبال على الشراء من داخل الخان والبلدة القديمة، ويرجع سبب ذلك إلى صعوبة دخول السيارات إلى داخل الخان، وأنّ الناس يشترون من الأماكن التي تكون على طريقهم كالدوار وشارع سفيان، وقليل منهم من يدخل للخان لأنهم بطبيعة الحال يحتاجون لوقت ومسافة أكثر.
ويلفت عرفات النظر إلى أهمية عرب الداخل الذي يقدمون أيام السبت والأحد، ودورهم الفعّال في انتعاش خان التجار والبلدة العتيقة، وازدياد البيع والإقبال على الشراء فهم يعتبرون القدوم إلى نابلس هو التجول والشراء من محلات الخان، على العكس من سكان نابلس وقراها بحسب قوله.
وأما بهاء الشخشير والذي لاحظنا إقبال الناس على الشراء من محله الخاص بالبهارات والتمور والمخللات، فيؤكد وجود منافسة غير شريفة في السوق، بسبب كثرة المحلات التي فتحت خارج الخان، إضافة لمن يبيعون على العربايات فهم يستطيعون بيع نفس السلعة بسعر أقل، لأنهم لا يدفعون إيجارات وضرائب كحال أصحاب المحلات.
ويضيف "لا يوجد من يهتم بالبلدة القديمة بشكل كبير، كما لا يوجد تخطيط مستقبلي واضح لتشجيع السكان على القدوم للخان والبلدة القديمة"، مشيرا إلى أهمية وجود مركز قوة يستقطب الناس للقدوم لخان التجار، كوجود مجمع أو مركز لدفع فواتير الكهرباء، ويأمل الشخشير أن تعود الحياة للخان مزدهرة كما كانت.
وأشار عمر هاشم نائب رئيس غرفة تجارة وصناعة نابلس الى أنّ خان التجار يقع ضمن اهتمامات الغرفة واهتمامات مؤسسات نابلس المختلفة من أجل الترويج لها وتفعيل الحركة الاقتصادية فيها، وأكَد بأنّ الحركة التجارية تنشط في تلك المنطقة بالمواسم والأعياد حيث تتميز بأسعار رخيصة وسلع متنوعة، بالرغم من وجود العديد من المحال والمجمعات التجارية خارج البلدة القديمة.
ويقترح أن يقوم التجار في منطقة الخان بعمل تنزيلات حقيقية موسمية ومعلن عنها من أجل توافد مزيد من المستهلكين، حيث أن البيع الكثير بأرباح قليلة يؤدي الى تحقيق مبيعات كبيرة.
ويذكر هاشم أنه تم تنفيذ عدة مشاريع لإصلاح وترميم وإنارة الخان من قبل بلدية نابلس بالتعاون مع غرفة تجارة نابلس واللجنة الأهلية لمحافظة نابلس قبل عدة أعوام من باب الترويج لها، إضافة إلى استقطاب الأهل في أراضي الثمانية وأربعون منذ العام 2009 للتسوق في نابلس عموماً وفي خان التجار خصوصاً.
وتنفي الغرفة التجارية وجود إهمال من قبل المؤسسات المعنية، وتؤكد وجود تجاوزات من قبل بعض أصحاب البسطات داخل الخان ومن الباعة المتجولين، مما يؤثر على المكان، ودعت التجار للمحافظة عليه والإلتزام بأصول عرض البضائع أمام محالهم، لاستقطاب الزبائن والمتسوقين.
وتثني الغرفة التجارية على بعض الأفكار التي طرحها بعض التجار للنهوض بالخان كوجود نقطة قوة تستقطب المواطنين إليه، مؤكدة أنها بحاجة الى دراسة مع عدة جهات يمكن أن تتعاون في تنفيذها لتكون أداة من أدوات وصول أكبر عدد من المواطنين الى داخل خان التجار والبلدة القديمة بشكل عام.
