بقلم: د. عدنان ملحم
طفلة صغيرة ، جسد نحيل، من لحم ودم .شعر ناعم اسود .عقد فضة يحيط بعنقها؛ يحمل اسما عربيا أصيلا .بقايا قطعة جبن تلتصق باسنانها. فستان باللونين الأسود والأبيض . بنطال ابيض شفاف، آخر قطعة ملابس استعارها الأب من ملابس ابنته الكبرى .
وجه ملاك صغير يعانق رمال الشاطئ الملتهبة .عينان شاخصتان بفعل يد الموت الساكن في أعماق البحر .
آخر الصور والكلمات التي التصقت في ذاكرة الضحية.
-" أين نصعد يا أبي قبيل أذان الفجر ؟كيف سيحمل هذا القارب الصغير كل هؤلاء البشر ؟. ألا توجد أمكنة أخرى يمكن أن نجد فيها : العدالة والمدارس والطعام غير وجهتنا ".
-" من سيعتني يا أبي بحاكورتنا؟ . وشجرة الكرمة الخضراء التي تلقي بجديلتها على سطح منزلنا ؟ من سيروي ظمأ الدجاج البلدي في قنه الجميل ؟. من سيرسل اطباق الطعام إلى جارتنا المسنة أم عمر؟ ".
-"لماذا نسيت يا ابتي حقيبتي المدرسية ؟.مريولي البني؟.اقلامي السائلة والجافة ؟ دفاتري الملونة ؟. كراسة الرسم ذات الأوراق الشفافة ؟ ".
-"قالت معلمتي أن البحر غدار، وامواجه عاتية وخادعة. الا يمكن يا أبي العودة ثانية إلى ضيعتنا ؟.".
-"أين انت يا ابتي ؟.أين موسيقى الحب في صوتك الاجش المهيب؟ .أين ربيع يديك،ليرسم الورد على وجنتي الصغيرتين؟ .أين حضنك الكبير ليدثر جسمي المتهالك بفعل التعب والقلق والخوف ؟ . امدد يداك إلي، لا تبتعد ،أرجوك .".
-" يا الله وجه أمي ،يداها تلوحان الي من اجل لصعود إلى السماء. لم ارى وجهها يا أبي منذ أن اخترقت قذيفة لعينة مدفع جدران منزلنا. ونثرت جسدها الطاهر بين حبيبات الأرض ، وعلى أوراق الشجر ".
-" تبا لك يا موت ، فقد لاحقتنا طويلا. ألم تستطع الانتظار قليلا حتى يصل الجميع إلى شاطئ ألامان. ؟ ".
-" السلام على الراحلين المساكين ؛ . عاشوا عمرهم بين بلاد الموت ،و شواطئه القاتلة . ".( ملاحظة مهمة :- القصة من وحي الخيال. وأي تشابه مع أحداثها، هو مجرد صدفة . وذلك بسبب تشابه أسباب هروب و هجرة و موت معظم سكان العالم العربي. وأي هذيان فيها ، هو من جراء الحرارة التي سكنت جسدي بفعل الانفلونزا اللعينة " .
