الرئيسية / ثقافة وأدب
بين عالمين وثلاثة بقلم امل عوده
تاريخ النشر: الخميس 27/10/2016 08:01
بين عالمين وثلاثة بقلم امل عوده
بين عالمين وثلاثة بقلم امل عوده

 نحنُ في فلسطين إذن ، بعد ألف ذلٍ وحاجز تفتيش يحول بيني وبين قريتنا الصغيرة التابعة لقضاء نابلس (قصرة)[1]،ما مررنا به على الجسر أتعبنا ..أزمة خانقة وفتيات إسرائيليات يُملين علينا أوامر وتوجيهات للدخول والخروج..المزعج أكثر أن تحاول إحداهن ملاطفة مارية(أختي الصغيرة) بابتسامة خبيثة ؛ ظناً منها أنها ستكسب ودّنا ولو للحظات، أكثرها خدشاً للذاكرة حين تطلب هذه الحقيرة تصريحك للدخول،حين طلبت ذلك مني كنتُ شبه مندهشة من قبل مجنّدة إسرائيلية تتبادل الحديث مع قريناتها ، موقفةً الدور الطويل الذي يحوي أكثر من خمسين فلسطينياً تقريباً،نبهتني بقولها(هي أنتِ ) ..

بألم ابتلعناه أكثر من 67 سنة سلّمتها إياه، أجتاز الجسر بغصةٍ مضنية،،
-كيف يتحول شكل الوطن إلى حواجز أمنية غير شرعية ، وأشخاص سلبوا حقك منه كلياً بلا إنسانية ؟ أتذكر الجملة التي لا أعرف من كتبها وأرددها في سري: (لمثل هذا يذوب القلب من كمدِ) في الباص الذي يقلّنا إلى استراحة أريحا حدث مشهد حبٍ فاتن ،الرجل الذي خلف مقعدي مباشرة يتحدث بحدّة واقتضاب عن شوقهِ لزوجته،يقول لصديقه -الذي يشاطره الكرسي ولايعرف عنه شيئاً -تفاصيل حميمية جميلة بإحساسٍ فائض من الحب ،والشوق ، والوله ،يقول لهُ بنبرة شاعرية :لأ ولما تزعل بتصير تكلي متحكيش معي !
يالله لو تعرف كديش مشتاكلها ،، ألتفت إليه بضحكةٍ خفيفة قائلةً: الله يخليكم لبعض حجنا، هذا المشهد الضمني يُخرجُ وطناً بأكمله إلى نبع الحب الذي لاينضب،(فتحت  شهيني للحب بشكل أحوجَ من ذي قبل، حاجتي لك بلغت أوجَها حين رأت عيناي قبسَ الشوق في بؤرة عيني هذا الرجل ،تمنيت لو أن كفّكَ يحوط ذراعيَ ويذهب معي إلى الوطن، أو أن دفء صوك يعيذُني من ألم الإحتلال حين تراه ماثلاً أمامك بكل ثقة في قلب المدن)
-بابتسامة عريضة وقلبٍ حمل معه وطناً دافئاً كغسقٍ مثير سلّمت على أقربائي في الضفة،
وحضنٌ طويلٌ لشقيقة الروح أسيل ذات العينين الخضراويين، أطرق باب الجنة اليوم ويُفتح لي على مصراعيه مُجدداً،يقتلني سؤالٌ يظلُ عالقاً :ماذا قدّمت للوطن سوى عمّي الذي عذّب  سنين، وحين خرج باغتوه برصاصةٍ في الصدر استشهد على إثرها ،،وبعضاً  الهتافات غير المجدية، والشعارات التي لا تغني ولا تُسمن من جوع ؟ !
 
تابعونا على فيسبوك
تصميم وتطوير: ماسترويب 2017