الرئيسية / الأخبار / فلسطين
"صراحة" تثير ضجةً في العالم الافتراضي
تاريخ النشر: الأحد 19/02/2017 19:43
 "صراحة" تثير ضجةً في العالم الافتراضي
"صراحة" تثير ضجةً في العالم الافتراضي

  

تقرير: هبة خولي 

يقول إميل سيوران "ما من صداقة تحتمل مقدارًا مبالغًا فيه من الصراحة"، فماذا لو كانت الصراحة عبر موقعٍ إلكتروني تصارح فيه الصديق والغريب، دون معرفة هويتك!

تتصفح وسائل التواصل الاجتماعي، بين منشور وآخر ستجد رابط موقع الصراحة يتغلغل تلك الوسائل، مرفقًا بعبارات "صارحوني"، "اجعل رسالتك بناءة"، "الصراحة راحة"، وغيرها الكثير، الأمر الذي يثير فيك الفضول لكي تعرف ما هو هذا الموقع الذي قد لاقى رواجًا كبيرًا في الأيام القليلة المنصرمة، والذي أثار ضجةً اجتماعية بين مؤيدٍ ومعارض في ليلةٍ وضحاها.

 

 

"من أمن العقوبة أساء الأدب"

تلك العبارة التي كتبتها مخرجة الأفلام آلاء حمدان عبر منشور نشرته على صفحتها "الفيسبوك"، مشيرةً إلى أن هذا الموقع من أسوأ الطرق التي تستطيع أن تسأل الناس عن رأيهم، وتضيف حمدان "لا أمتلك بجعبتي نصيحةً لوسيلةٍ أخرى، ولكن لا تفسح المجال لأيٍّ كان أن يبدي رأيه بهذه السهولة دون عواقب تحمّل مسؤوليّة كلامه والذي يجب أن يكون مرفقاً بالتّواريخ والأدلّة والتّفاصيل كاملة حتّى يتم أخذ التّعليق بعين الاعتبار، هل تتوقّع حقّاً أن تكون جميع الرّدود منطقية ومحايدة وعقلانية ومتوازنة؟".

 وتؤكد بحكم عملها كمخرجة أن كل ما يحصل "خلف الكواليس" يختلف عما يرونه الناس أمامهم، وما يصل للبعض يختلف عما يرونه منهم في الواقع، "تذكر، الناس في الظلام ليست ذاتها في النّور" بهذا اختتمت حمدان حديثها.

    

 


م

 

اما الصحفي سعيد قديح فقد كتب على صفحته "الفيسبوك" أنه لم يستسغ موقع "صراحة"، قائلًا: " فكرة أن يكون بينك وبين الذي يكتب وسيط، وهوية مخفيّة، وعدم القدرة حتى على الرد، تستطيعون مصارحتي عبر الرسائل، أعرفك وتعرفني وأجد قدرة على الرد متى شئت، وأنتَ أيضًا!".

 

 

أسلوبٌ جديدٌ للنقد

ورغم كثرة المعارضين لهذا الموقع إلا أنه قد نال إعجاب الكثيرين، ورحبوا بفكرته كونها جديدةً لانتقاد الآخرين، وإيصال رسائل مختلفة لهم قد يعجز الشخص أن يوصلها بصورةٍ علنية.

ففي ذلك الصدد، تقول إيمان فقها: إن هناك نوعية من البشر لا تستطيع انتقاد الطرف الآخر خوفًا من ردة فعله، فمن خلال ذلك الموقع يمكن للشخص الانتقاد بأسلوبٍ جميلٍ وهادف يحسّن من الشخص الآخر، وتؤيد فكرة الموقع؛ لأن من خلاله قد يلفت الآخرون النظر لشيء لم يره الشخص في نفسه، ولم تكن لديهم الجرأة الكافية للانتقاد.

وتشير فقها إلى أنها ضد الموقع من جانبٍ آخر؛ لما يستخدمه البعض للتمادي على الأشخاص والانتقاد بدافع الحقد والغيرة، ودون أسلوبٍ صحيحٍ لاستخدامه.

"الموقع كان له فائدة موازية لسلبية، فيمكننا أن نُعلِم الشخص بشيءٍ يُزعجنا به، فيأخذ حذره بعدما علم بأن هناك من ينزعج من ذلك الشيء"، هذا ما قالته بيسان خاروف، وتتابع أن السلبية في الموقع كون الناس يبالغون في استخدامه بدافع الكره والغيرة، واللعب بأعصاب الأشخاص الذين يكرهونهم.

وتنوّه خاروف في حديثها للذين قالوا أنهم غير مهتمين بإنشاء حسابٍ على موقع "صراحة"، أن كلامهم ليس صحيحًا، من منطلق أن الإنسان يعيش في مجتمع يفرح للمدح ويحزن من الذم.

فكرة الموقع بسيطة وجديدة عربيًا، وقد عُمل بها منذ وقتٍ طويل خارج الوطن العربي، فلمّا استخدم مؤسس الموقع كلمة عربية لوصف الموقع، وجعل واجهة المستخدم عربية وبسيطة إلى أقصى الحدود، وأن بساطة الموقع كونه يحتوي على خاصية واحدة فقط هو أكبر أسباب انتشاره من ناحية سهولة الاستخدام، هذا ما أفاده المختص بمواقع التواصل الاجتماعي صالح دوابشة.

ويبين دوابشة "من ناحية سيكولوجية فإن البشر دائمًا لديهم رغبة عارمة في معرفة رأي الآخرين فيهم، وفي نفس الوقت الكثير منا لا يعطي رأيه بالآخرين لأسبابٍ كثيرة، فهذا الموقع مكّن للجميع إبداء آرائهم بصراحة في الآخرين"، ويتابع من ناحية تجربة مستخدم فإن مقدرة أي شخص على الإجابة دون الحاجة للتسجيل هو العامل الأساس لتفاعل الناس، فمن جهة هو لا يحتاج إلى جهد ومن جهة أخرى هو يعزز الفكرة بأن اسم من يصارح لا يظهر للشخص الآخر.

وعن استمرارية إقبال الناس على الموقع، يوضح دوابشة "إذا بقي الموقع على ما يحتوي عليه الآن فقط وهو الرسائل بالشكل الحالي فإنه لن يدوم طويلًا"، مشيرًا إلى أن صاحب الموقع إذا فكر بذكاء واستثمر هذا العدد الكبير من المستخدمين فإنه من الممكن أن يصل لمراحل أكبر بكثير من الحالي وسيصبح الموقع دائم الاستخدام.

 ويؤكد أن الموقع من الممكن تطويره، فهناك الكثير من الخيارات التي يمكن إدراجها، مثل أن يطلب المرسل بأن يظهر اسمه، وأن يكون الشخص المُرسل إليه قادرًا على إظهار الأسئلة والرسائل، وأن يتمكن من تسجيل فيديوهات تجيب على الأسئلة، وغيرها الكثير من الإبداع الذي يمكن أن يضاف للموقع الحالي على حد تعبيره.

 

سلاحٌ ذو حدين

تعددت الآراء واختلفت وجهات النظر، لكن يبقى السؤال كيف سيؤثر ذلك الموقع على العلاقات الاجتماعية؟

يجيب المرشد التربوي في جامعة فلسطين التقنية خضوري الأستاذ هشام شناعة "التطور العلمي هو سلاحٌ ذو حدين، فإن تم استخدامه للتعبير الهادف حتى يتعرف الطرف الآخر على شخصيته فهذا أمر جيّد، وإذا ما تم الخروج عن الحدود اللائقة والمقبولة من خلال الشتائم والنقد الشخصي اللاذع هنا يمكن أن يؤثر على النسيج الاجتماعي ويكون وسيلةً هدّامة".

 ويوضح شناعة أنه يمكن تطوير هذه التقنية من خلال برمجيات الذكاء الصناعي، بحيث يرفض البرنامج نقل الكلمات التي تخدش الحياء وغير المقبولة، عن طريق تزويد البرنامج بها، بحيث تقلل من الاستخدام السيء له، منوهًا "لا يمكن أن ندير ظهورنا لهذا الموقع الذي انتشر بشكلٍ واسع، فنتوقع الاستخدامات السلبية له كباقي التطورات العليمة والتكنولوجية"، ويشير شناعة إلى من يرغب في التعرف على وجهات نظر الآخرين، فعليه أن يتسع صدره، وأن يتوقع رسائل "مارقة"، وأن يأخذ الملاحظات على محمل الجد من تهديدات أو شتائم، وأن يأخذ العبر حتى يصوّب مساره، ويستطيع تخفيف حدة توجهات الآخرين له.

ما هو موقع صراحة؟

من الجدير ذكره، أن "صراحة" هو موقعٌ إلكتروني، يشبه موقع "الآسك" الأمريكي الذي يتيح السؤال والجواب وبمعرفة المستخدم، أما "صراحة" فهو يتيح ترك رسالة دون الإجابة، ودون معرفة هوية المستخدم، ويرجع أصل الموقع إلى مؤسسه الشاب السعودي زين العابدين توفيق، الذي تخرج من الجامعة ودخل في مجال الأعمال ووجد أن هنالك "حاجة حقيقية أن يسمع الرئيس للمرؤوس والمدير للموظف، وموقع صراحة أتى من حاجة، وكان عنده حلم أن يتحدث الجميع بما يريد ويوصل رسالته، ومن هنا أتت فكرة صراحة، وأفصح زين العابدين ل "راديو تشات" عن أن حلمه في البداية اقتصر على أن يصل عدد الرسائل عبر الموقع إلى   1000رسالة فقط وأنه أصيب بصدمة عندما تجاوزت ال 10 مليون رسالة دون احتساب المحذوفة منها.

 

 

 

 

تابعونا على فيسبوك
تصميم وتطوير: ماسترويب 2017