الرئيسية / الأخبار / فلسطين
زكريا الأقرع والطريق إلى غزة ! بقلم:عبد القادر عقل
تاريخ النشر: الخميس 14/08/2014 06:50
زكريا الأقرع والطريق إلى غزة ! بقلم:عبد القادر عقل
زكريا الأقرع والطريق إلى غزة ! بقلم:عبد القادر عقل

 قبل عدةِ شهورٍ كان زكريا كأي شاب فلسطيني يعيشه حياته، نسائم الأحلام والطموحات تهب داخله، فهو كغيره لم يخرج من أحشاء والدته ممتشقا لبندقية، تارة بين أصدقائه وتارة أخرى في زيارات للمدن الفلسطينية المحتلة، وتارة بين أحضان أهله في كنف عائلته، لكن منذ بدء العدوان الإسرائيلي على غزة الشهر الماضي، لم يعد زكريا كغيره، فهو أصر أن يكون "زكريا الإنسان" قبل أن يكون "زكريا الشهيد" !.

 

بُعد المسافات الجُغرافية بين غزة والضفة وكل تلك الحدود البائسة التي نراها، كانت بمثابة خارطة وطنٍ واحدة في كيان زكريا، نحن بكينا مثله، تأثرنا ! شهقنا ! دعونا، كلما ألقى لنا التلفاز إلينا بمشاهد مجازر غزة وشهدائها الذين حاز الأطفال منهم على 30% من إجمالي عدد الشهداء، لكن زكريا لم يكتف بالشهيق والبكاء والتأثر، بل إرتأى لنفسه طريقته الخاصة، طريقة خاله يعقوب أو "راسم" وغيره من الشهداء الراحلين، الذين إنطلقوا إلى السماء يسابقون الريح على ظهور جيادهم الأصيلة.

 

بصحبة الليل المُدلهم، ترجل وبدأ،، طلقة.. إثنتان.. ثلاثة.. وربما أكثر، نحن لا نعلم تحديدا كم عددها، تلك التي أطلقها زكريا في معمعة الحرب على غزة، فجندل فيها جنديا إسرائيليا بجراح خطيرة قبل أسابيع من مطاردته قرب بلدته قبلان جنوب شرق نابلس، وذلك حسب إتهام الإحتلال له بالوقوف خلف العملية.

 

زكريا أوصل رسالته بعد مجازر غزّة وشقّت رسالة رصاصه طريقها إلى غزة، أيضا الإحتلال لم يكن رده طويلا فأوصل رسالته عبر إقتحام منزله، ليصبح زكريا مطلوبا، وتلاحقه القوات الاسرائيلية بشكل شبه يومي في بلدته قبلان، وطائرات الاستطلاع تجوب الأجواء، وزكريا لا يأبه، تعرض لمحاولتي إغتيال وإعتقال حسب ما أفاد به عبر صفحته الشخصية في موقع التواصل الإجتماعي، حيث قال عندما فشلت المحاولة الثانية : "محاولة الاغتيال او الاعتقال قد بائت بالفشل، والحمد لله" ووصف حالته بأنه "يشعر بالتحدي".

 

زكريا فعلاً كان يشعر بالتحدي، فلو لم يكن كذلك لإنسحب من محاولة الإغتيال الثالثة قبل عدة أيام وكان بمقدوره فعل ذلك، لكنه خط لنفسه ولأهله وصيته المكتوبة، وودع من إستطاع وداعه، وترك للبقية أزيز رصاصه الذي أرسل رسالة الوداع والتحدي الذي كان يشعر به، أرسلها لمدة تزيد عن خمسة ساعات متواصلة.

 

شهود عيان من بلدة قبلان أكدّوا أن الشهيد كان مُقبلا على الإشتباك المسلح، رغم أنه كان بإستطاعته الإفلات من الحصار في بداية الأمر، وإذا كان كُليب في الماضي لم يكن يلتفت ولا يأبه لأقل من أربعين فارس، فلتشهد قبلان بل فلسطين كلها أن زكريا الأقرع لم يلتفت ولم يأبه بخمسمئة جندي يحاصرونه، يبدو أنه كان عاقداً النية وكاتبا الوصية، وساحبا أقسام السلاح، وعازما على ملاقاة خاله الذي سبقه بجوار رب السماء.

 

فقبل نحو 30 عاماً إرتقى خال زكريا الشهيد يعقوب سمور شهيدا، ويعقوب أو "راسم" كما يطلق عليه مقاتلو الثورة الفلسطينية، قائد من قائد معركة قلعة شقيف في لبنان، والتي مني فيها جيش الإحتلال آنذاك بخسائر فادحة، ويقول مقاتلون سابقون ومنهم د. شاهر عفونة أن الشهيد يعقوب "راسم" إستطاع صد خمسة هجومات إسرائيلية عن القلعة عام 1982م.

 

لم تكن شقيقة "راسم" أو يعقوب قد حملت بزكريا بعد، فقد ولد بعد إستشهاد خاله بـ 8 سنوات، لكن كما هو متعارف عليه في المثل الشعبي: "ثلثين الولد لخاله"، فما بالكم بمن يكون خاله يعقوب سمور "راسم" ؟!، بكل تأكيد لن يترك غزة وحيدة، وصرخات الثكالى والأبرياء ستدق في وجدانه ناقوس الإنسانية الغائبة عن العالم السافل أجمع.

تابعونا على فيسبوك
تصميم وتطوير: ماسترويب 2017