الرئيسية / الأخبار / فلسطين
الأصيل ...ضياع بين القانون والمعرفة كتبت فداء داود
تاريخ النشر: الأثنين 01/09/2014 22:32
الأصيل ...ضياع بين القانون والمعرفة كتبت  فداء داود
الأصيل ...ضياع بين القانون والمعرفة كتبت فداء داود

 تصطدم حواسك بروائح غير معتادة وأدوات زجاجية بأشكالٍ متنوعة عندما تقرر الدخول الى تلك الأماكن, مزيجٌ من الروائح الطيبة والكريهة وخليطٌ من المحاليل الممزوجة مع السكر مضافاَ إليها بعضاً من النكهات الطبيعية المختلفة علها تضفي مذاقاً مستساغاً, توضع في عبوات متفاوتة الأحجام والألوان وتطبع بملصقات مختلفة العناوين والمكونات، وعلى الجانب الآخر هناك حياةٌ أخرى يختلط فيها  الماء والهواء بانسجامٍ مع التربة، لينبثق عن هذا الانسجام اعشاب ونباتات بألوان مختلفة جعل في كل منها دواء وشفاء من كل داء وما بين هذا وذاك يقف الانسان  في حيرة يقلب يتفكر ويتأمل أهو الأصيل ام الحديث.

الطب الأصيل أو الطب البديل علمٌ قائمٌ بذاته منذ أوجد الله الخليقة، انتشر في كافة بقاع الأرض، بدءاُ من الفراعنة وصولاُ إلى الشرق الاسيوي والهند، ثم كبر وترعرع في بلاد العرب والمسلمين، ليصبح مجموعة من المهن التي تعتمد التشخيص الدقيق والفحص الشامل مراعية الحالة النفسية والعقلية والجسدية، مطبقة المبادئ العلاجية لكل منها.

مع بداية الثورة الصناعية ظهر ما يسمى بالطب الحديث، وأخذ يتبلور أوائل القرن التاسع عشر  بشكلٍ واضح مع الاكتشافات العلمية، خاصة في علم الأمراض  والجراثيم، ثم تطور بإنشاء كليات للطب في دول أوروبا الغربية  بشكل أساسي، ومع اكتشاف بعض أنواع الطعومات الخاصة بمرض الجدري والسل، والعديد من الامراض الأخرى حقق الطب الحديث نجاحا هائلاً، ليتحول من الطب بجزئيته إلى مفهوم الصحة الواسع، مهتماً بقضايا مثل مياه الشرب والصرف الصحي، وقضايا كبار السن، والأمومة والطفولة، عدا عن التطعيمات واللقاحات التي استهدفت الأمراض المستوطنة مثل الكوليرا والبلهارسيا وحبة أريحا.

 محسن النادي الاختصاصي في العلاج الطبيعي والطب البديل منذ 15 عاما  يحدثنا عن أقسام  الطب البديل فيقول "يقسم الطب البديل لأربعة اقسام طبيعية، وهي علاجات يغلب فيها التحكم العقلي على الجسدي مثل: اليوجا والتنويم الايحائي، والعلاج الكهرومغناطيسي بكافة أنواعه ثم العلاج البديل المنهجي مثل: الطب الصيني والحجامة، والكي والمساج والابر الصينية، والايروبيدا الهندية والطب الطبيعي والطب البيئي والتجانسي, ثم أخيرا العلاج اليدوي مثل تعديل المفاصل والعلاج الطبيعي، والمساج بأنواعه المختلفة، كل هذه تندرج تحت مسمى الطب البديل المنهجي.

إن لفظة الطب البديل واسعة جداً، وغير مخصصة لعلمٍ معين والكثير من اختصاصين العلاج الطبيعي يحتجون على هذا الاسم، ويفضلون أن يدعى بالطب الأصيل وليس البديل، لأنه الأصل وما جاء بعده تعدى عليه.

عوامل ومتغيرات

عوامل عديدة منها تغيير النمط الغذائي والضغط النفسي الذي نعيشه، بالإضافة إلى عجز الطب الحديث عن علاج العديد من الأمراض، كل ذلك أدى إلى البحث عن نمط حياة جديد يطيل أمد الحياة، ويحل كثيراً من المشاكل ولعل الطب البديل كان أحد هذه الحلول.

 الدكتور محمد العبوشي مدير مركز الاغاثة الطبية في مدينة قلقيلية، ويعمل منذ 32 عاما في مهنة الطب العام يقول "إن الامراض المزمنة كالسرطانات والحوادث والايدز وغيرها والكثير من الأمراض تأخذ اولوية مطلقة، ومشكلتنا تكمن في وقوعنا بين منطقين منطق أمراض العصر الموجودة في الدول المتقدمة صناعيا، والآخر هو وجود بعض الأمراض السارية والمعدية، التي تسبب مشاكل أساسية ويكمل "لقد بدأ العالم يسعى لطلب ادوية الطب البديل على الرغم من وجود مشكلات نعاني منها منذ قترة زمنية طويلة، وهي احتكار الشركات المصنعة للأدوية، وحق المستهلك في معرفة المكونات الحقيقية للأدوية المخلوطة أو المصنعة مما يؤدي لصعوبة في الوصل للعلاج المناسب.

الدكتورة سهر استيتيه عملت في شركة لتصنيع وتحليل للمستحضرات الدوائية   في  مدينة نابلس تقول "كنت أشرف على جميع الخلطات الدوائية المصنعة، وأشرف على النشرة الدوائية وأصممها باللغتين العربية والانجليزية، تعاملنا مع المستحضرات كان بمنتهى الامانة فلا نترك تركيبة أو خلطة دون تدوين، وذلك وفقا للمواصفات والقواعد الاساسية المقررة من وزارة الصحة، وترد الكتورة استيتية على حق المستهلك في المعرفة بمحتويات للبديل فتقول "لكل شعب ثقافة مختلفة ويميل لتصديق ما وجد عليه اباءه وأجداده، فأنت لاتستطيع أن تقول لشخص يعيش في فلسطين أن علاجك سيكون باليوجا، كذلك لاتستطيع أن تنصح شخصا يعيش في الصين بأن يتناول شراب المريمية لعلاج آلام بطنه, هذا بالنسبة للعامة أما المثقفين في امريكا وأوروبا فميلهم للعلاج بالبديل اصبح واضحا وجليا من خلال  اقناع الأطباء مرضاهم بجدوى العلاج بالإبر الصينية، وهي أمور تنحصر في التوعية والتجريب ليس اكثر.

أدوية ثمينة ومنتشرة!

فيما يرى العبوشي معضلتان أساسيتان لمنع اعادة انتشار البديل، يقول محسن النادي "حوالي 30% من سكان العالم يتجهون للعلاج بالطب الحديث، وباقي سكان الكرة الارضية يتجهون للبديل، ومجتمعات مثل الصين والهند كانت عصية على الذوبان في المجتمعات الأخرى، فالبديل بالنسبة لهم أصالة وتاريخ، أما في مجتمعات أخرى فقد فرض الطب الحديث بسبب الجهل وبالقوة.

ويدعي الطب البديل قلة تكلفته وسرعة الوصول اليه، إلا ان الدكتور العبوشي يستنكر هذه الادعاءات فيقول "لن تحصل على أصناف الطب البديل إلا ضمن مراسلات وطلبات خاصة إلى الشركات المصنعة عبر المواقع الإلكترونية، فلا زال الطب البديل حكرا للصفوة ولأبناء الطبقات العليا في المجتمعات الغربية، ويضرب مثالا على ذلك الدواء الخاص بمرضى السكري يباع في "كوبات حوليم " باسرائيل ب450 شيكلا، مما يصعب على المريض شراء الدواء بهذا الثمن المكلف، وأن الأدوية التي تباع بثمن زهيد وصلت لعملية تجاوز الاحتكار من قبل.

ولا نغفل التقاء البديل مع الحديث في نقطة رمادية فكل منهم يعتمد على الآخر ولو بجزئية بسيطة على الرغم من اعترافات للطب الحديث بالآثار الجانبية  السلبية المترتبة على استخدام أدويته، الأمر الذي لن تجده عند استعمال أدوية الطب البديل حيث تؤثر المواد المصنعة على جهازين أساسيين مثل الكلى والكبد، ويظهر ذلك الانسجام في أدوية فعالة مثل المسكنات(الاسبرين )   .

 دكتورالاعلام أمين ابو وردة يتكلم عن نفسه بصفته حالة تماثلت للشفاء بالطب البديل في مركز العلاج الطبيعي فيقول "في العام 2013 شعرت بألم يلازمني في الكتف الأيمن منعني من استخدامها في الكتابة، أجريت فحوصات طبية عند العديد من الاطباء وتم تصويري بالأشعة، لتظهر الصورة تكلس بحجم كبير، وأوضح الأطباء أن هذا التكلس خطر، وقد يؤدي لإضعاف اليد تلقيت مهدئات لمدة شهرين ولم أشعر بتحسن, حيث كان الألم مرهقاً جداً توجهت الى مركزحيث قام العلاج الطبيعي لإجراء جلسات تدليك ومساج وأكملت العلاج بالإبر الصينية، بمعدل وخلال شهر واحد زال الالم كليا.

سوء استخدام أم عدم معرفة

العديد ممن يمارسون الطب البديل لا يعتمدون على أسس علمية ومدروسة هنا تكمن المشكلة فلا تعارض بين البديل والحديث هذا ما يقوله الدكتور محمد صويلح الذي يعمل في مديرية الصحة العامة في مدينة قلقيلية، ويمارس الطب العام منذ 6 سنوات  "معظم الأدوية التي نستخدمها مبنية على بدائل طبيعية موجودة في الطبيعة، حيث تعمل شركات الأدوية المختلفة على استخلاص المواد الطبيعية من مناطق مختلفة لتوفر للمستهلك سرعة في الحصول على منتج مدروس وتوفر عليه عناء البحث عنها, وعن إمكانية العودة إلى البديل يضيف "الرجوع الى البديل يجنبنا الكثير من استخدامات الأدوية التي تحتوي على المواد الكيماوية خاصة مع انتشار الامراض المزمنة  في الاونة الاخيرة بشكل كبير، مقارنة بأعداد السكان التي تقف عاجزة عن إيجاد العلاج المناسب دون الاصابة بأعراض جانبية.

بشائر ومشاكل

تباشير جديدة تمني بانحراف جديد عن مسار الطب الحديث والتوجه للبديل ففي أوروبا يلاقي الطب البديل شهرة متزايدة من قبل ممارسي الطب الحديث وتعقد الاتفاقيات لإنشاء مستشفىيات تقوم على المعالجة بطريقة الأعشاب فيما تحظر الأنظمة والقوانين في الدول العربية والعديد من الدول الأخرى السماح للبديل بأن يأخذ موقعا يوازي مسمى الطب الحديث ويعطيه صفة الطبيب، إن أكثر الشرائح المجتمعية استخداما للطب البديل في العديد من الدول ومنها الدول العربية هم المتعلمين وأصحاب الشهادات العليا وفق إحصائيات عديدة, , ويلقي  العبوشي المسؤولية على وزارة الصحة  لتنظيم الطب البديل حيث أصبح  متطلبا مجتمعيا, فهي بذلك تعمل على تنظيم ووضوح هذه المهنة الضائعة وتضع حدودا لرسالتها لتؤخذ الطابع المهني الذي يحيطه الوازع الأخلاقي كي لا يقع المريض تحت رحمة الاستغلال من قبل بعض الاشخاص ذوي النفوس المريضة ممن  يدعون ممارسة الطب البديل.

ويبقى السؤال المحير ماالمعيقات لتحديد هذه المهنة القديمة الحديثة بكل محتوىاتها وما المانع من إقرار أنظمة وقوانين تحدد معها ممارسيها خاصة وأننا نتحدث عن مهنة تختص بتقديم العلاج لأرقى المخلوقات على الارض.؟

 

 

 

 

 

 

 

تابعونا على فيسبوك
تصميم وتطوير: ماسترويب 2017