الرئيسية / ثقافة وأدب
المفكّر سلامة كيلة: "يجب استثمار انتصار غزّة لزيادة قدراتنا القتالية في المواجهات القادمة"
تاريخ النشر: الثلاثاء 02/09/2014 21:26
المفكّر سلامة كيلة: "يجب استثمار انتصار غزّة لزيادة قدراتنا القتالية في المواجهات القادمة"
المفكّر سلامة كيلة: "يجب استثمار انتصار غزّة لزيادة قدراتنا القتالية في المواجهات القادمة"

 أحمد العلي

يعود المفكّر والكاتب الفلسطيني سلامة كيلة في التاريخ إلى الوراء قائلاً: "أنّ إدخال منظمة التحرير في اتفاق أوسلو خدم الصهيونية، وأظهر أنّ هذه الحركات (منظمة التحرير)، التي قاتلت إسرائيل فيما مضى هي الآن صديقة لها، واستفادت من الانفتاح العالمي على صورتها الإيجابية التي نسجتها، فأوغلت في الاستيطان"، مشيراً إلى أنّ تلك الاتفاقية أدخلت السلطة الفلسطينية في إطار محاولات ضبط الشعب في الضفّة الغربية وقطاع غزّة، وفي الوقت ذاته محاولاتها بشكل مستمر للتخلّص من عبء غزّة، وذلك ما حدث فعلاً عقب انتصار حماس في الانتخابات وانفصال الضفّة عن القطاع، الذي حاولت "إسرائيل" جاهدة في الإبقاء على حالة الانقسام تلك وتعزيزها.

ويضيف المفكّر سلامة كيلة أنّ تأثّر حركة حماس بانعزالها داخل القطاع، ومماطلة إسرائيل في تلبية طلبات السلطة في الضفة عن طريق المفاوضات أغضب ذلك الرئيس أبو مازن أيضاً، وبالتالي تهيّأت الظروف لإطلاق بوادر المصالحة التي بدأت تتبلور بنجاح، ما دفع بالاحتلال الإسرائيلي إلى شنّ العدوان الأخير لضرب كل التفاهمات وتقارب وجهات النظر التي لمسناها بين قيادتي الضفة وغزّة.

أمّا حول المواجهة العسكرية على الأرض، فيرى سلامة كيلة أنّ المقاومة قاتلت ببسالة وأوقعت خسائر كبيرة بالجيش الإسرائيلي، وهذا يؤكّد ما تملكه حماس وغيرها من قوّة عسكرية كبيرة، مؤكّداً على ضرورة عدم إقناع أنفسنا بالانتصار، وألّا نضخّم ما حصدناه من نتائج إيجابية لأنّ ذلك قد يجعلنا نتراخى، بل الواجب أن نزيد من قدراتنا وإمكانياتنا من أجل الجولات الأخرى.

ويشدّد كيلة على أنّ منطق المفاوضات مع "إسرائيل" انتهى فهي لا تقبل بالحلول أبداً، ويضيف أنّ مشكلة الدولة الصهيونية أنّها تعتبر الفلسطينيين دخلاء على أرضها وتحاول البحث عن حلول للتخلّص منهم، لذلك نطرح السؤال لماذا نفاوض ؟!، المفاوضات أكّدت فشلها، وأصبحت دول العالم تؤمن بأنّ وجود دولة إسرائيل خطأ، وحقيقة أنّ وجودها فقط لأهداف وأطماع وامتيازات في المنطقة، خاصّة بعد أن شعرت شعوب تلك الدول باستغلالها من إسرائيل حيث كانت تتعاطف معها وتدعمها سابقاً.

كما يؤمن كيلة بصعوبة مواجهة إسرائيل بشكل منفرد، لذلك يرى أن ما يجب أن نفكر فيه هو كيف يمكن إعادة بناء الصراع العربي- الإسرائيلي، بدلاً من الفلسطيني- الإسرائيلي، لفتح الأفق وتغيير معادلة الصراع، وخصوصاً أنّ الثورات العربية لن تتوقّف قبل أن تحقّق أهدافها في التحرر، ويعزو ذلك إلى عدم وجود بديل حقيقي وقوي على أرض الواقع، وأنّ قدرات الشعب الفلسطيني وحدها هي محدودة وأصلاً الكل يتآمر على إضعافه، وبالتالي لا يستطيع بشكل منفرد حتى إقامة دولة على حدود الضفّة وقطاع غزّة.

من جهة أخرى وحول الوضع السوري الذي كان كيلة حاضراً فيه من خلال العديد من المقالات والكتابات وتوّجها بكتاب تحت عنوان: (الثورة السورية ثورة حقيقية- منظور ماركسي للثورة السورية)، فيؤكّد سلامة كيلة أنّ الثورة السورية هي ثورة حقيقية وليست مؤامرة، وكل العنف الذي جرى فيها يجعلها تأخذ شكلاً نمطياً للثورات الكبيرة، وهو جانب أساسي في الموضوع، بمعنى أن كل ما يُقال في التشكيك بالثورة لا يرى واقعها بشكل رئيسي، لهذا قرر أن يُسمّي الكتاب ثورة حقيقية ردّاً على المشككين.

أما كونها من منظور ماركسي فيعزو الكاتب كيلة ذلك، إلى أنّ الكتاب يتناول بالنقد الشديد مختلف تيارات اليسار العربي والعالمي الذي دافع عن النظام ضد الشعب، هذا اليسار كان بحاجة إلى تفكيك المنطق الذي يحكمه باعتباره ليس يسارياً، لأن اليسار دائماً مع الشعوب مهما كان طابع السلطة، ولأن اليسار لا يقبل هذا العنف والقتل الذي يمارسه النظام السوري يومياً.

يقول الكاتب كيلة في مقدّمة كتابه الصادر عن دار نون للنشر في الإمارات العربية المتحدة: "هذا العنف الوحشي وتلك البطولة الشعبية هما ما يفرضان أن تكون الثورة ثورة حقيقية، فهي مغمّسة بالدم، ومكلّلة بالدمار، وهو الأمر الذي يجعلها ثرية إلى حد أن تصبح منبعاً للتنظير..."، يعلّق على هذه العبارة قائلاً: "كل هذه البطولة والتداخل المتعدد والبحث الواقعي، في تكوين الوضع السوري لفهم ما يجري، وبالتالي المتابعة المستمرّة لما نلمسه من تعقيدات في الصراع، كل ذلك يحتاج إلى المزيد من التنظير والشرح المفصّل بشكل عميق، ويطرح حول ذلك مثالاً أنّ الثورة السورية مرّت بمرحلة أولى كانت بسيطة رغم عنف النظام، ثم إلى المظاهرات السلمية ثم الحالة الجديدة التي أظهرت تسلّط النظام وبساطة الشباب الثائرين، والتدخّلات الخارجية لإفشال الثورة.

ويضيف سلامة كيلة أنّ الكتاب يتابع أحداث سوريا حتى نهاية عام 2012 في التحليل، وبالتالي طرح وأشار لبعض المشكلات، مثل فصل لماذا تأخر انتصار الثورة ؟، وحاول قراءة بعض التعقيدات التي تعرّضت لها الثورة على عكس الثورات الأخرى، لذلك لم تحرز انتصاراً سريعاً مثل (مصر وتونس)، أو تدخّل خارجي كما حدث في (ليبيا).

ويرى الكاتب فلسطيني كيلة أنّ النظام السوري تعرّض للضعف، ومجمل أركان الجيش لم تعد قادرة على الدفاع، وبالتالي أصبحت الثورة تواجه منافسين إقليميين مثل إيران وحزب الله وغيرهما، حيث كانت إيران متابعة وتلعب دور بارز في ذلك، وكان لخلق جبهة النصرة ومن بعدها داعش دور جديد في إدخال الثورة الحقيقية في متاهة جديدة والتخريب عليها، وكان لدول الجوار دوراً في خلق قوى أصولية امتلكت سلاحاً أفضل وأموالاً أكثر، كانت مجالاً لجذب الكثير من الشبّان، وازدادت التشعّبات بشكل أكبر وأصبح هناك حاجة إلى قراءات جديدة أمام هذه المتغيّرات الحديثة.

وينتظر سلامة كيلة ابن مدينة بير زيت إصدار عدّة كتب أخرى عبر دار نون للنشر، أسوةٌ بكتابي ثورة حقيقية والعلمانية، أما جديده مع دار نون يتمثّل بكتاب الهوية والقومية، والحداثة، ومشاريع نشر أخرى

المزيد من الصور
المفكّر سلامة كيلة: "يجب استثمار انتصار غزّة لزيادة قدراتنا القتالية في المواجهات القادمة"
المفكّر سلامة كيلة: "يجب استثمار انتصار غزّة لزيادة قدراتنا القتالية في المواجهات القادمة"
تابعونا على فيسبوك
تصميم وتطوير: ماسترويب 2017