الرئيسية / الأخبار / فلسطين
إسرائيل تزرع بأموالنا.. 96 مليون شيقل تخصمها بالمقاصة سنويا بدل تكرار مياهنا العادمة
تاريخ النشر: السبت 13/09/2014 06:22
إسرائيل تزرع بأموالنا.. 96 مليون شيقل تخصمها بالمقاصة سنويا بدل تكرار مياهنا العادمة
إسرائيل تزرع بأموالنا.. 96 مليون شيقل تخصمها بالمقاصة سنويا بدل تكرار مياهنا العادمة

 تحقيق: بشار دراغمة - اشراف ومتابعة منتصر حمدان 

نابلس– الحياة الجديدة– "الميه جنب أراضينا ولكنها عطشانة"، هكذا يخلص مزارعون ومواطنون حالة انتظارهم ايصال كميات المياه المعالجة في محطة تنقية المياه العادمة الحديثة لأراضيهم في قرية دير شرف غرب نابلس واستخدامها بإعادة تشجير اراضيهم، في الوقت الذي يتم فيه هدر كميات كبيرة من المياه المعالجة في الواد الذي جمعت منه قبل معالجتها.
ويقول المزارع جهاد العطاري وهو صاحب ارض تصل مساحتها ما بين 20 الى 30 دونمًا في تلك المنطقة: "نحن ننتظر والمياه تهدر دون اية فائدة"، مشيرا الى ان السبب في عدم استغلال كميات المياه المعالجة يعود لخلافات بين جهات رسمية مسؤولة حول ملكية هذه المياه المكررة ومحاولات بيعها للمزارعين.
ويؤكد المواطن ابراهيم الفقيه الذي يملك 15 دونمًا استعداده للاستثمار في تلك المنطقة بما في ذلك انشاء شركة متخصصة في الزراعة، مشيرا الى انتظاره بدء الجهات المانحة في توفير شبكات ايصال المياه لاراضيها لبدء الزراعة.
ولدى تحليل المعلومات والاطلاع على الارقام والوثائق الرسمية للمشروع، يتضح أن الكارثة تتعدى السيطرة على مخرجات محطة التنقية من المياه المعالجة او هدر الفرص المتاحة لاستثمار هذه المياه في استصلاح الاراضي الزراعية، لتصل الى تكبيد الخزينة العامة للسلطة الوطنية ما قيمته 8 ملايين شيقل شهريًّا تحسمها اسرائيل من أموال المقاصة بدل معالجتها مياهنا من الصرف الصحي على مستوى محافظات الضفة، علمًا أنها تستخدم ما تتم معالجته من مياه المجاري لري الاراضي الزراعية التي تسيطر عليها، علمًا أن المزارعين الفلسطينيين يلجأون لاستخدام المياه المخصصة للشرب في ري مزروعاتهم ما يعني ان الخسائر الفلسطينية تكون مركبة ومضاعفة.
ويساهم الاستثمار الفلسطيني للمياه المعالجة المستخرجة من محطة تنقية نابلس لوحدها في توفير ما قيمتة 7.5 مليون شيقل سنويًّا تذهب للجانب الاسرائيلي بخصومات المقاصة، في المقابل فإن استغلال هذه المياه المعالجة يؤدي الى اصلاح 5 آلاف دونم من اراضي المواطنين في تلك المنطقة.
وتوجد في الضفة اربع محطات للتنقية هي محطات (البيرة، جنين، اريحا، اضافة الى محطة نابلس الحديثة)، لكن الاخيرة تنتج المياه المعالجة ويتم هدرها بالواد لتعود مياه ملوثة من جديد أو تذهب لخدمة الجانب الاسرائيلي.
ويكشف وزير الزراعة الأسبق وليد عساف، عن اشكالية كبيرة في موضوع استغلال المياه العادمة فلسطينيا في ظل عدم وجود قانون يشكل اطارًا مرجعيًّا واضحًا لطبيعة الجهة المسؤولة عن ادارة هذه المياه، موضحًا ان هناك خلافات نشأت ما بين بلدية نابلس وسلطة المياه ووزارتي الحكم المحلي والزراعة حول طبيعة المرجعية القانونية التي تتولى ادارة المياه المعالجة، ما ادى الى تعطيل البدء بالمشروع وافادة المزارعين خاصة ان بلدية نابلس ترى في نفسها صاحبة المسؤولية ومن حقها ان تبيع المياه للمزارعين فيما ترى سلطة المياه في نفسها صاحبة المرجعية لهذا الملف.
ويقول عساف: "نحن نتحدث عن دفع ملايين الشواقل للجانب الاسرائيلي الذي يستفيد من هذه المياه في حين انه يستخدمها في ري مزارعه بعد تكرارها".
ويضيف: "هذا الامر لا بد من حسمه فلسطينيًّا بتشكيل لجنة رباعية فلسطينية للاتفاق على المرجعية الواضحة والمباشرة الفورية بتنفيذ هذه المشاريع خاصة ان المزارعين جاهزون والأراضي جاهزة والمياه متوفرة".
محطة عملاقة في غرب نابلس
داخل محطة التنقية العملاقة غرب نابلس، تدخل المياه العادمة سوداء اللون، وتبدأ رحلة معالجة علمية دقيقة وتكاد بعدها تنصع بياضًا. وموظفون يتابعون كل كبيرة وصغيرة، والمكان نظيف ومرتب، وأزهار تزين المكان وروائح زكية، لا تشعرك أنك في محطة معالجة مياه صرف صحي.
خارج المكان يظهر أمامك مشهد المياه المعالجة التي تقذف إلى الوادي القريب وهي تتلوث مباشرة مع مياه أخرى قادمة من قرى دير شرف وبيت ايبا وبيت وزن ومنشآت أقيمت في الجزء الغربي من نابلس ولم يتم ربطها بالمحطة بسبب عدم التزام أصحابها بوضع محطات تنقية داخلية في منشآتهم، و يتهربون من دفع نفقات إضافية عن تلك التي يدفعها سكان المنازل وهي نصف شيقل عن كل متر مكعب مياه يتم استهلاكه، بينما تطالبهم البلدية بدفع مبالغ وفقًا لآلية حسابية محددة تعتمد على نسبة المخلفات العضوية في مياه الصرف الصحي. وقد يترتب على صاحب محل لذبح اللحوم مبلغ 1500 شهريًّا وفقا لعدد ما يقوم بذبحه، وكل هذه الخلافات تبتلع الملايين والجهود. لينطبق هنا المثل القائل "كأنك يا أبو زيد ما غزيت". 
محطة التنقية التي أقيمت على مساحة 100 دونم بتمويل واشراف ألماني مباشر بتكلفة بلغت 32 مليون يورو، تعمل يوميًّا على تكرير نحو عشرة آلاف متر مكعب من المياه العادمة، لتحويلها إلى مياه صالحة للاستخدام الزراعي. الشق الأول من العملية يتم، لكن الشق الثاني، وهو الأهم، لا اثر له. فأين المشكلة؟ ولماذا لا يتم استثمار هذه المياه؟ ولماذا تتطوع منشآت صناعية في تدمير بيئة المدينة؟ ولماذا لا تبادر الوزارات المختصة إلى شراء تلك المياه من البلدية وتنظيم توزيعها على المزارعين وفقا لآليات محددة؟
ومن الواضح ان عشرات المنشآت الصناعية تعطل مشروعًا ضخمًا عبر التذرع بعدم مقدرتها على ربط نفسها بالمحطة التي من المفترض ان تخدم 100 ألف نسمة في نابلس، ويتبين كذلك أن مشاريع استغلال المياه المعالجة ما زالت حبرًا على ورق في ظل اعتماد كلي على تبرع غربي لمثل هذه المشاريع، ودون أن ترصد الحكومة دولارًا واحدًا من موازنتها لاستثمار هذه المياه، والمشهد الأسوأ هو أن الاحتلال يستغل تلك المياه ومعالجتها مجددًا ويروي بها مزروعاته
البلدية نفذت.. فأين البقية؟
مدير المحطة المهندس يوسف أبو جفال يقول: "بلدية نابلس بنت مشروعًا استراتيجيًّا ربما يكون الأكبر على مستوى الوطن، والدور على البقية لاستثمار المياه، ونريد حلاًّ لعدد كبير من المنشآت ما زالت مياها العادمة تمر بالوادي القريب وتلوث البيئة".
تقذف المحطة مياهها المعالجة إلى الوادي، بواقع عشرة آلاف متر مكعب يوميًّا وكلها تذهب هدرًا بدلاً من استغلالها في أراض زراعية تواجه دائمًا تهديديدًا احتلاليًّا بالمصادرة، بينما كان الأمل لدى افتتاح المشروع في تموز من عام 2013، ري 50 ألف كيلومتر مربع بهذه المياه، إلا أن الحلم لم يكتمل بعد، لعدم استثمار تلك المياه.
رحلة البحث في تفاصيل الموضوع لم تكن سهلة، طرقنا أبواب وزارتي الحكم المحلي والزراعة وسلطة البيئة ومهندسين مختصين، وجمعيات حماية المستهلك، وكل من له علاقة بالموضوع.
لم تكن الإجابة شافية عن سؤال محوري.. "لماذا لا يتم استغلال المياه المعالجة في الزراعة؟ ولماذا لا تتم معالجة قضية المنشآت غير المربوطة حتى الآن بمحطة التنقية؟ ولماذا بقيت عدة قرى تضخ مياهها العادمة في الوادي الذي تضخ فيه المياه المعالجة؟
المحامي غسان الشكعة رئيس بلدية نابلس وهي الجهة التي نفذت المشروع بتمويل من بنك التنمية الألماني يؤكد أن الهدف من المشروع تحقق بنسبة عالية جدًّا، وهو تخليص نابلس من المياه العادمة ومعالجتها، مشيرًا إلى أن الميزانية التي رصدت للمشروع كانت لإقامة المحطة وتشغيلها، أما استثمار المياه المعالجة فهو موضوع آخر ويحتاج إلى مشاريع أخرى.
ويحمل الشكعة عتبًا على كثير من المنشآت في المدينة وخارجها لعدم التزامها بالتعليمات، مشيرًا إلى أن البلدية أبدت تعاونًا وطرحت حلولاً على أصحاب المنشآت الصناعية التي قد تضر مياهها العادمة بالمحطة ومن تلك الحلول إقامة محطات تنقية مبدئية وصغيرة داخل كل منشأة، أو ربط عدد من المنشآت مع بعضها البعض بمحطات صغيرة، قبل تحويل المياه إلى محطة التنقية الغربية.
التخلص من مكرهة صحية
المهندس سليمان أبو غوش مدير محطة التنقية يعتبر أن إقامة المحطة هدفت بالدرجة الاولى لتخليص نابلس من مكرهة صحية عمرها مئات السنين، وتطوير الواقع البيئي في منطقة وادي الزوما، الممتدة من شارع تونس في نابلس حتى بيت ليد قرب طولكرم، ويقول: "ضمن الاتفاقية الموقعة مع الجانب الألماني تم ربط مجاري مدينة نابلس بمحطة التنقية ويستفيد منها 100 ألف نسمة، وحاليًّا عشرة آلاف متر مكعب من المياه العادمة تصل إلى المحطة وتتم معالجتها بأعلى المواصفات بموجب متطلبات سلطة جودة البيئة وسلطة المياه الفلسطينية".
قرى.. ومنشآت تشوه البيئة
جولة في قرى دير شرف وبيت ايبا وبيت وزن والمناطق المحيطة تكشف أن الواقع البيئي ما زال ملوثًا، بفعل مياه الصرف الصحي الناتجة عن المنشآت الصناعية غير المربوطة بالمحطة من جانب، ومياه الصرف الناتجة من تلك القرى من جانب آخر.
وبينما تطالب بلدية نابلس هذه القرى بحل المشاكل الداخلية التي تحول دون ربطها بمحطة التنقية، تؤكد المجالس القروية أنها لا تملك ميزانيات لتنفيذ خطوط ناقلة موازية جديدة تصل إلى الخط الرئيسي.
ويؤكد عمر قبالة رئيس مجلس قروي بيت ايبا أنه توجه بمناشدات إلى الحكومة ومختلف الوزارات ومنها الحكم المحلي لتمويل خط ناقل يؤدي لربط مجاري القرية بالخط الرئيسي لمحطة التنقية، وتبلغ كلفته نحو نصف مليون دولار، إلا أنه لم يتلق أي إجابة.
ويعزو المهندس سليمان أبو غوش عدم ربط تلك القرى بمحطة التنقية الى غياب التمويل اللازم معربًا عن أمله بتوفره في تشرين الثاني المقبل لإقامة خطوط موازية لربط هذه القرى بالمحطة وتنظيف الوادي من المجاري بالكامل.
وحول المشكلة القائمة في قرية دير شرف قال أبو غوش إن خمسة محلات لبيع اللحوم في القرية هي السبب في عدم ربطها، لأن تلك المحلات مربوطة مع شبكات الصرف الصحي للقرية، وتنتج مخلفات عضوية عالية جدًّا ستؤثر على عمل المحطة وتصبح المياه المعالجة غير صالحة للزراعة بحكم ارتفاع نسبة المخلفات العضوية في مياه تلك المحال، كما أن عمل مثل هذه النوعية من المياه من شأنه التأثير على عمل المحطة وجودة الآلات الموجودة فيها.
موضحًا أن حل مشكلة دير شرف يكمن في إقامة محلات بيع اللحوم مسلخًا خاصًا لذبح المواشي، أو دفع التكاليف المالية المترتبة عليهم وفقًا لقانون "ربط المساكن والمنشآت".
ونوه أبو غوش إلى أن ذبح المواشي في دير شرف داخل المحلات يعني أن كل محل يترتب عليه دفع 1500 شيقل شهريًّا مقابل ربطه، ويقاس الأمر بعدد المواشي التي يتم ذبحها وتذهب مخلفاتها إلى مياه الصرف الصحي.
ويضيف: "نص قانون يقول إن المصانع والمنشآت التجارية تدفع مقابل معالجة المياه الخارجة من المنشآت حسب كمية المياه المستهلكة، واذا زاد الحمل العضوي عن حد معين عليهم دفع نسبة إضافية عن تلك الزيادة وفقا لإحصائيات محددة".
وأشار أبو غوش إلى أن الاعتماد الأساسي في التقييم يكون على نسبة "المحتوى الأوكسجيني البيولوجي" وحسب الإحصائيات العلمية العالمية والتي اعتمدتها البلدية فإنه في الوضع الطبيعي تكون النسبة وفقًا لجدول عالمي (500 (BOD ، لكن ربما يكون (3000 BOD ) في محلات ذبح المواشي.
"وهذا يعني أن كميات الملوثات العضوية كبيرة جدا وحتى تتم معالجتها سيتم صرف طاقة كهربائية عالية جدا". حسب أبو غوش.
ووفقًا لحسابات المشرفين الألمان فإن كل محل يذبح المواشي يترتب عليه شهريًّا 1500 شيقل لكن أصحاب تلك المحال يرفضون الفكرة نهائيًّا.
ويقول عمير حسون، صاحب ملحمة وادي الشعير في دير شرف إن مطالبتهم بدفع مبالغ مالية مقابل ذبح المواشي في محلاتهم يفوق طاقتهم".
وبين حسون أن بلدية نابلس اقترحت عليهم حلولاً عدة منها وضع خزانات في الأرض لتجميع مياه الصرف ومخلفات الذبح، إلا أنه يرفض الفكرة.
وحول إلزامه بتنفيذ قانون ربط المساكن والمنشآت ودفع نفقات الصرف حسب عدد المواشي التي يذبحها يوميًّا قال "لن أصرح بالعدد الذي أذبحه".
ويرى حسون أن الحل بالنسبة له ولزملائه العاملين في هذه المهنة، إقامة مسلخ خاص بهم في دير شرف، يتقاسمون نفقات نقل مخلفاته.
التزام غير مضمون
في شارع بدران، داخل البلدة القديمة في مدينة نابلس، يواجه راغب العالول، مدير مصنع العالول للطحينة والحلاوة المشكلة نفسها في تصريف المياه.
وفي الوقت الذي يؤكد فيه المهندس سليمان أبو غوش، أن كميات الأملاح الناتجة من مثل هذه المصانع مرتفعة جدًّا، يشدد راغب العالول على التزامه بتصريف المياه على نفقته الخاصة.
وتبدو طريقة تصريف المياه في مصنع العالول للطحينة بدائية جدًّا، بحيث يتم تجميع المياه في خزان بسعة 5 أمتار مكعبة، وعند امتلائه يتم نقل محتوياته بواسطة سيارة نضح خاصة.
وينوه العالول إلى أنه يدفع نحو عشرة آلاف شيقل سنويًّا أجرة نقل، وفي الوقت نفسه وقع تعهدًا للبلدية بعدم تسريب أي مياه مالحة إلى شبكات الصرف الصحي العامة. وحول إمكانية تركيب محطة تنقية داخلية، قال العالول: إن البلدية طرحت مثل هذه الأمر، لكنه تنفيذه صعب بسبب كلفته المرتفعة والتي ربما تصل إلى 30 ألف دولار.
ويكشف م. سليمان أبو غوش رصد مليون يورو لمعالجة مسبقة داخل المصانع نفسها بتمويل من بنك التنمية الألماني، داعيًا أصحاب تلك المنشآت للالتزام بما يترتب عليهم من مستحقات مالية وغيرها.
سلطة البيئة: مياه المصانع مدمرة
ويؤكد المهندس أمجد الخراز مدير سلطة جودة البيئة في نابلس إنه تم تشغيل محطة التنقية تدريجيًّا ابتداء من 9/7/2013، واقتصر العمل في محطة المعالجة على المياه العادمة الناتجة عن الاستخدام الآدمي فقط، ولم يتم ربط أي قطاع صناعي أو غذائي مع محطة المعالجة، لأن المحطة مصممة أصلاً لمعالجة المياه العادمة البلدية فقط.
ويضيف: "دخول المياه العادمة الصناعية للمحطة سيعمل على تدميرها لأنها تحتاج طرق معالجة تختلف عن تلك المتبعة في معالجة المياه العادمة البلدية تبعًا لنوع الصناعة وطبيعة المواد المستخدمة والمخلفات الناتجة"
حماية المستهلك: لم نوقع
ويرفض إياد عنبتاوي رئيس جمعية حماية المستهلك في نابلس، تحميل المواطن العادي رسوم معالجة المياه، فيما يدعو المنشآت الصناعية والتجارية للدفع مقابل تلك الخدمة وفق كميات المخلفات الناتجة عن كل منشأة.
ويكشف عنبتاوي أن جمعية حماية المستهلك رفضت التوقيع على ورقة تؤيد جباية رسوم نصف شيقل عن كل متر مكعب مياه يتم استهلاكه خلال اجتماع عقد في بلدية نابلس، رغم أن عديد المؤسسات وافقت على المقترح، ثم سحب الاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين توقيعه.
مياه مهدورة.. وأراض عطشى
وإضافة لعدم حل مشكلة التلوث البيئي حتى الآن بصورة كاملة، تبرز مشكلة عدم استغلال المياه المعالجة، في وقت تمر فيه المياه من أراض بأمس الحاجة إليها إلا أنه لا يوجد حتى الآن مشاريع حقيقية وفعالة لاستثمار تلك المياه.
م. سليمان أبو غوش يؤكد أن البلدية دفعت ثمن الأرض المقامة عليها المحطة، وملتزمة برواتب 18 موظفًا يعملون على متابعة المشروع وتشغيله وإدارته. ويضيف: "أكثر من جهة مانحة -ومنها (USAID) - وعدت باستثمار المياه المعالجة لري 7000 كيلومتر مربع، كما قدم الألمان وعودًا مماثلة".
وبحسب أبو غوش فإنه خلال الفترة القريبة سيتم تنفيذ مشروع تجريبي لري مساحة 50 كيلومترًا مربعًا، ومشروع آخر لري 500 كيلو متر مربع، وسيتم طرح العطاءات بعد تجهيز الدراسات الخاصة بهذا الشأن.
ويشير إلى أن المياه العادمة تتم معالجتها وفقًا لمواصفات سلطة المياه الفلسطينية، إلا أنها تحتاج معالجة إضافية لتتناسب مع مواصفات وزارة الزراعة لاستخدامها في ري المزروعات.
بكتيريا ميتة تتحول إلى أسمدة
ويكشف أبو غوش عن قضية أخرى قد تتحول إلى مصدر دخل بدلاً من أن تكون عبئًا ماليًّا، وتتعلق بالبكتيريا الميتة الناتجة عن عمليات المعالجة في محطة التنقية والتي تسمى بـ "الحمأة"، موضحًا أن هذه البكتيريا يتم نقلها من نابلس ودفنها في مكب "زهرة الفنجان" في جنين بتكلفة كبيرة، وفي الوقت نفسه يمكن استثمار هذه البكتيريا في الزراعة وتحويلها إلى أسمدة .
وينوه ابو غوش إلى كلفة المعالجة المرتفعة للمياه العادمة، فتصل قيمة فاتورة الكهرباء وحدها إلى 100 ألف شيقل شهريًّا، تتم تغطية جزء منها عبر رسوم تم فرضها على المواطنين مقابل كل متر مكعب من المياه يتم استهلاكه، إلا أن نسبة التحصيل المنخفضة تضيف عبئًا ماليًّا على البلدية.
الزراعة: يمكن استخدام المياه
مسؤول قسم المياه في مديرية زراعة نابلس المهندس إياد البيطار يؤكد أنه يمكن استثمار المياه المعالجة حاليًّا في أنواع محددة من المزروعات وبالتحديد الفواكه بسبب ارتفاعها عن الأرض، بتقنية التنقيط وليس رشاشات المياه، بينما يمنع استخدامها نهائيًّا في ري الخضار، كونها مياها معالجة إلى الدرجة الثانية، واستخدامها في ري الخضار يحتاج إلى معالجة من الدرجة الثالثة.
خلافات حول الأسعار
ويكشف البيطار عن مشروع كان من المفترض أن يتم تنفيذه في شباط الماضي، لزراعة 340 دونمًا واستثمار المياه المعالجة، إلا أن المشروع لم ير النور حتى الآن بسبب خلافات حول أسعار المياه ما بين البلدية بصفتها صاحبة الحق في المياه، وما بين الممول وهو مؤسسة (USIAD)، مشيرًا إلى أن الأمر يمكن تجاوزه قريبًا.
ويكشف البيطار عن مشكلة أخرى قد تواجه استثمار المياه وتتعلق بنقل المياه من المحطة إلى الجهة المقابلة من الشارع حيث سيحتاج الأمر إلى موافقة إسرائيلية لحفر الشارع ومد الخطوط اللازمة".
وينوه الى وجود مشاريع جاهزة لدى وزارة الزراعة وقد يبدأ تنفيذها قريبًا ومنها إقامة خزانات لري أراضي قرى دير شرف وسبسيطة ورامين قرب طولكرم. بحيث سيتم تجميع المياه في تلك الخزانات، منوهًا إلى أن المياه المعالجة حاليًّا تكفي لزراعة 3000 كيلومتر مربع، ويقول: "إذا كان سعر المياه مناسبًا ستكون الزراعة مجدية ماليًّا، علمًا أن 90% من مزروعات الاحتلال تروى بالمياه المعالجة بما فيها الخضار التي تروى بمياه تمت معالجتها حتى الدرجة الثالثة ويتم التعامل مع هذه المياه بالكلور أو الأشعة فوق البنفسجية، لتصبح صالحة لري الخضراوات".
"البيئة": يوجد مشاريع
ويكشف مدير سلطة جودة البيئة في نابلس أمجد الخراز عن خطة إعادة استخدام للمياه العادمة المعالجة في المحطة "وتتم الآن دراسة عدة مشاريع مقترحة تجريبية بهذا الخصوص ومنها مشروع من (USAID ) باسم "اعادة استخدام المياه العادمة المعالجة في ري المزروعات في نابلس وجنين" ضمن مشروع Compete من خلال مؤسستي المركز الفلسطيني للبحوث والتنمية الزراعية والشرق الأدنى. ومشروع من KfW داخل حدود محطة المعالجة على مساحة 30 دونمًا. ومشروع ريادي لإعادة استعمال المياه المعالجة في المنطقة الغربية من KfW.
الحكم المحلي: لم تصلنا طلبات مشاريع
ويؤكد طارق علاونة مدير دائرة المشاريع في وزارة الحكم المحلي في نابلس أن الوزارة لم تصلها أي طلبات مشاريع لاستثمار المياه المعالجة من أي هيئة محلية، موضحًا أن دور "الحكم المحلي" إشرافي علوي من خلال الحصول على تمويل للمشاريع من الدول المانحة وتوزيعها على الهيئات المحلية حسب احتياج كل هيئة وبما يضمن مبدأ العدالة بين مختلف الهيئات.
فيما يؤكد زاهي حسونة، رئيس قسم الرسم في الحكم المحلي "نحن أقل جهة متابعة لمشروع محطة التنقية، لا دور لنا في الموضوع، في إشارة إلى أن المشروع حصلت عليه البلدية مباشرة من ألمانيا، وليس عبر "الحكم المحلي" وبالتالي لم تكن الوزارة طرفًا في المشروع.
أرقام صادمة ودعوة للتحرك
وما بين مصانع ومنشآت ترفض حتى الآن معالجة قضية عدم ربطها في محطة التنقية ومواصلتها تلويث البيئة، وعدم استغلال المياه المعالجة في الزراعة، يبدو الواقع مؤلمًا ويتطلب تحركًا عاجلا لاستثمار مياه تذهب هدرًا، وبحسابات متواضعة يتبين أن 4 ملايين متر مكعب من المياه المعالجة ذهبت هدرًا دون أي استغلال.
وتعتمد اسرائيل على 80% من المياه المعالجة لديها في ري زراعتها، في حين ان الاردن تعتمد ايضا على معالجة 80% من المياه العادمة في رأي الزراعة وفق معايير واسس علمية واضحة.

تابعونا على فيسبوك
تصميم وتطوير: ماسترويب 2017