الرئيسية / مقالات
اساليب التعليم التقليدية في المدارس الفلسطينية:بناءٌ وتعمير أم هدمٌ وتدمير؟
تاريخ النشر: الأثنين 22/09/2014 17:51
اساليب التعليم التقليدية في المدارس الفلسطينية:بناءٌ وتعمير أم هدمٌ وتدمير؟
اساليب التعليم التقليدية في المدارس الفلسطينية:بناءٌ وتعمير أم هدمٌ وتدمير؟

 بقلم:

يحيى عقل عبد الله عقل

 

قد يتهيأ للقارئ من الوهلة الأولى وبعد قراءة عنوان المقال بأنني سأتحدث عن أهمية التكنولوجيا في التعليم ونبد المكتبات والكتب واعتبارها مصادر رجعية تقليدية أو انني أتبنى قرار وزارة التربية والتعليم الذي يفيد بعدم معاقبة الطالب جسديا (أي ضربه) في حال تجاوز الحدود او قام بعمل مشين ولكن هدا ليس صحيحا!

فأنا اؤمن بأهمية الكتاب وانه ان فقدت قيمة الكتاب فقدت قيمة التعليم فالكتاب هو مصدر ومرجعية صالحة لكل زمان ومكان يلجأ لها الطالب والمعلم متى شاؤوا كما انبذ الاستخدام المبالغ فيه للتكنولوجيا بحجة التعليم. بالإضافة الى انني مع معاقبة الطالب وضربه في حال اخطأ التصرف وذلك طبعا بعد تقدير الموقف وتقدير نوعية العقاب وعدم المبالغة في ضرب الطالب او التسبب له بإعاقة او تشوه معين فعلى الطالب ان يجد رادعا له في المدرسة لكي يتخلى عن اعمال الشغب ويلتفت  لما فيه مصلحة وخير له كما ان رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام يقول "علموهم على سبع واضربوهم على عشر" فلا مانع من ضرب الطالب ان اقتضى الامر من وجهة نظري المتواضعة لتوجيه الابناء والطلاب لما هو افضل لهم وليس بقصد التعذيب.

لكنني اريد تسليط الضوء على بعض الاساليب التقليدية المستخدمة في المدارس التي جعلت من الطالب الة بلهاء تستقبل المعلومة بكل رجعية وسطحية وتخلق جيلا متخلفا غير قادر على الانتاج وأول هده الاساليب التي اود التحدث عنها هو اسلوب "التلقين" وما يسمى بالانجليزية "spoon-feeding" وأبدا بتعريف ما اعنيه بأسلوب التلقين فالتلقين هو تلقي الطالب للمعلومة من معلم المادة والاحتفاظ بها داخل الدماغ دون العمل على غربلتها سواء بالتحقق من مدى صحتها او تطويرها او حتى فهمها وإنما تبقى مخزونا خاما. ويؤسفني ان اقول بان المسئول الاول والأخير  فيما يتعلق بهذا الشأن هو المعلم وأتعجب عندما أرى ان هدا الاسلوب المدمر لايزال يستخدم مع الأسف في معظم مدارسنا الفلسطينية بشكل عام.

والأمر المثير للسخرية حقا ان وزارة التربية والتعليم تستغرب وتستنكر علامات ونتائج الطلاب وخصوصا في مرحلة التوجيهي في امتحانات الوزارة! فبعد تلقين الطالب ما يفعله ويقوله ويحفظه لمدة سبعة عشر عاما من الصف الاول وحتى الصف الثاني عشر لماذا برأيكم لا يستطيع الطالب ان يجيب على سؤال في اللغة العربية على سبيل المثال يقول: ما رأيك وتحليلك الشخصي لقصيدة عنترة بن شداد؟

حضرة المعلم،هل سبق لك وان سمعت رأي الطالب؟ هل سبق لك وطلبت من الطالب ان يقدم تحليله للقصيدة او على الاقل ما يعتقده؟ هل سبق لك وان تناقشت مع الطالب؟ وبالمناسبة هل تعرف اسم الطالب؟!

قد يتحمل الطالب جزءا صغيرا من المسؤولية ألا وهو مراجعة المعلومة وتدقيقها والتأكد منهم ولكن بما أن المعلم هو قدوة الطالب ومرجعيته الاساسية فتقع على عاتقه اكبر مسؤولية.

الاسلوب التقليدي الاخر الذي اود الحديث عنه هو اسلوب "الحفظ وعدم التطبيق" ففي معظم المواد الدراسية يعتمد الطالب على حفظ المعلومات وعدم التفكير بها او تطبيقها ولذلك نلاحظ بأن الطلاب تنسى كل ما تعلمته بعد تقديم الامتحانات وانتهاء العام الدراسي لتبدأ من الصفر عامها الدراسي الجديد و ذلك لاعتماد المعلمين والطلاب اسلوب التحفيظ والحفظ بعيدا عن التطبيق العملي.  فمتى كانت الرياضيات بالحفظ؟ ومتى كان موضوع التعبير بالبصم؟ ومتى كانت العلوم بالحفظ؟حتى المواضيع الأدبية فكثير من اولياء الامور والطلاب والمدرسين يعتقدون بان الحل الانسب للتعامل مع المواد التدريسية الانسانية الادبية كاللغة العربية والانجليزية والجغرافيا هو الحفظ! قد يكون الحفظ جانبا مهما ولكنه ليس اهم من التطبيق. فما حاجة حفظ كل اسماء دول العالم دون معرفة مواقعها على الخريطة؟ وما حاجة الطالب لحفظ قاموس اللغة الانجليزية او معاجم اللغة العربية كمعجم الوسيط ولا يستطيع ان يعبَر أو ان يستخدم الكلمات التي حفظها في صفه او حتى في حياته؟ وكيف تحفظ تواريخا دون ان تعرف الى ماذا تشير؟

في أحد الأيام عندما كنت في الصف العاشر في حصة التكنولوجيا وبعد مرور ثلاثة اشهر من التعليم النظري لكيفية استخدام الحاسوب وتطبيقاته و ذلك لعدم توفر جهاز حاسوب واحد في مدرسة يصل عدد طلابها الى 800 طالب في داك الوقت إلا في غرفة المدير. وبعد ان تبرع احد المشكورين بجهاز حاسوب للمدرسة قمنا بزيارة المختبر لتطبيق ما تعلمناه مند بداية الفصل الدراسي فعندما اتى دور زيد (اسم غير حقيقي) ليطبق ما تعلمه وجدناه يلتفت اسفل مكتب الحاسوب وكأنه يبحث عن شيء معين، فسألته المعلمة: مادا تفعل يا زيد؟ فأجابها: لقد قرأت جملة في الكتاب ترددت على مسمعي كثيرا حتى حفظتها ألا وهي "اضغط على الفأرة" وأنا ابحث عن الفأرة ولا اجدها ولا حتى أرى ذيلها! كان زيد يبحث عن فأر حقيقي! ولا زلت اسمع تمتمات الطلاب وهم ذاهبون الى المدرسة صباحا لتأدية امتحان التكنولوجيا ويقولون للبحث اضغط زر الادخال وللطباعة اضغط الاشارة! فمادا ينفع حفظ هده الخطوات من غير تطبيقها؟!

وأخيرا وليس آخرا من الضروري ان نذكر بأن المعلم ليس المسئول الوحيد عن ما ذكرته مسبقا حيث تقع على عاتق الطالب مسؤولية كبيرة ايضا  فالطالب الحريص يحب عليه البحث عن المصادر والمعلومات وان لا يكون المعلم المرجعية الوحيدة له اضافة الى ضرورة متابعة الأهل واستخدام التكنولوجيا ضمن حدود معينة وعدم الاعتماد على الانترنت في ايجاد الاجوبة وحفظ الحلول بدون المحاولة حتى. كما تقع مسؤولية كبيرة ايضا على عاتق وزارة التربية والتعليم نتيجة لتقصيرها في دعم المختبرات والمكتبات والمصادر العلمية والتقنية وعدم مد المعلم بالآليات الحديثة التي تدعم المسيرة التعليمة وكما ذكرت مسبقا بأن المعلم تقع على عاتقه مسؤولية ايضا في انتقاء الافضل للطلاب بأسلوب جيد لتوصيل المعلومة عوضا عن التلقين والتحفيظ والإكراه ومد الطلاب بالمعلومات الخاطئة احيانا.

قد يسأل القارئ نفسه: ومن انت حتى تحكم؟ وهل لديك الخبرة العملية الكافية في التدريس وهل انت متخصص في هدا المجال؟

ارد وبكل بساطة قد املك خبرة متواضعة في مجال التدريس حيث عملت كمعلم لغة انجليزية في مدرسة ابتدائية خاصة لمدة قصيرة ثم اصبحت معيدا في الجامعة العربية الأمريكية ولم تتجاوز فترة تدريسي بشكل عام السنة والنصف ولكن عزيزي القارئ ان لم تقرأ ما كتبت لأنني لا امتلك الخبرة الكافية بنظرك فأرجوك ان تقرأ لأنني كنت قبل فترة ليست بطويلة طالب يتم تلقينه! وقد يكون ابنك او ابنتك او اخيك او اختك الان في مدرسة ما يتم قمعهم بالأساليب المدمرة.

لم انتقد بهدف السخرية او الحط من قيمة شخص او جهة معينة مع حفظ الالقاب والمسميات وإنما من المي الشديد الذي ينبع من القلب ومن شاب فلسطيني يأمل أن يرى بلاده تعم بالعلماء والمثقفين والأدباء والشعراء والمهندسين والأطباء وليس الببغاوات!  فاعذروا فظاظتي في الكلام وكلي امل بكم معلمين وطلاب ووزارة تعليم.

 

تابعونا على فيسبوك
تصميم وتطوير: ماسترويب 2017