الرئيسية / الأخبار / فلسطين
آهات ما بعد الألم فلسطينية الهوية...فرعونية النسب بقلم نداء فقها
تاريخ النشر: الأثنين 17/11/2014 20:38
آهات ما بعد الألم  فلسطينية الهوية...فرعونية النسب بقلم نداء فقها
آهات ما بعد الألم فلسطينية الهوية...فرعونية النسب بقلم نداء فقها

 فلاحة من أصل فلسطيني لجذر فرعوني هدها الشقاء والتعب الذي أبى أن يتصاعد ويبدأ منذ دخولها لعرش الزواج القاصر،هي امرأة في التاسعة والثلاثين من العمر، متوسطة الطول، متناسبة الحجم، براقة العينين، حنطية اللون ، ترسم من مشوار حياتها صور من النضال والبطولة، فمن ماضيها الأليم وحاضرها الأبغض أصبحت بعقل رجل واعض، ، فمن هنا تبدأ حكاية طفلة في الخامسة عشر ونصف من العمر حتى التاسعة والثلاثين من هذا اليوم.

 

استقبلت منال حياتها في قرية تدعى فرعون اسم فرعون في اللغة السامية وخاصة اللهجة الكنعانية هو كفار عون (قرية عون),تقع إلى الجنوب من مدينة طولكرم في الشمال الغربي من الضفة الغربية بفلسطين وعلى بعد حوالي 2كم من المدينة.

 

بكلمات من عز وكرامة روت منال أحمد زوجة الأسير بلال حبيب من قرية فرعون(48 عاماً من هذا اليوم) بأن زوجها اعتقل قبل 17 سنة نتيجة التهمة الموكلة إليه بقتل يهودية من أصول عربية بدافع قضية شرف، كانت بداية الحادثة عندما تواجدت برفقة زوجها في مصر اكتشف حينها الزوج بأنها تخونه مع رجل أخر،منذ تلك اللحظة عمل الزوج على مراقبتها ليلاً نهاراً  دون ملل أو استسلام،حتى استبقته الأحداث وأودت به لمعرفة حقيقة زوجته الخائنة، حيث قتل على خلفيتها عشرات المناضلين الأبرياء،  فما كان من الزوج الأ ان يفكر بخطة ليتخلص منها في محاولة لتطهير عائلته وروحه من هذه القذارة.

وتتابع حروفها المؤلمة والموحشة في الوقت ذاته : أن المقتولة ابنة  لكبار الخونة والجواسيس، قبل أنتفاضة الأقصى عام  2000بسنوات قليلة تم العمل على أعداد خطة مشتركة، بلال كان مساهم في تلك الحادثة ولكنه ليس القاتل،  بل كانت مهنته شراء وتدبير السلاح من أحد الأشخاص، وهذا يدل على أن العملية تمت بواسطة ثلاث رجال من نفس العائلة والزوج هو من قام بالقتل.

ومن الجدير ذكره أيضاً أن الأسير بلال كان عامل مساعد في تلك الحادثة لأن المقتولة هي زوجة ابن عمه والذي تربطه به علاقة أخوية.

 

 

عبق الماضي

تغض ذاكرة أم دينا للوراء لتقتبس صوراً من الألم والمعاناة التي تعرضت لها منذ 17سنة إلى يومنا هذا وتتابع في الآونة الأخيرة:أقتحم الأحتلال حياتها رأساً على عقب دون أن تكمل عامها السادس على الزواج، فليلة أعتقال زوجها كان من أصعب الليالي التي مرت بها وأشدها ضراوة ، عند الثالثة فجراً من ليلة الاعتقال،  حاصر الجنود المنزل ثم بدؤوا بضرب الأبواب بعنف ووضعوها مع أطفالها في غرفة واحدة وقاموا بتفتيش المنزل وصادروا الأجهزة وبعض الكتب.

 بكلمات فاقت كل معاني الألم أضافت أم دينا لم يسمحوا لها بتوديعه وتوديع أطفاله فقد أكتفوا بربط يداه خلف ظهره وأغمضوا عينيه وأخذوا يجرونه، لينتهي الوضع بدخوله  لرحلة الظلم والمعاناة التي تنقل فيها من سجن ريمون مروراً بالرملة وقوفاً بسجن نفحة حيت استقر رباطه.

سجن نفحة  يبعد 100 كلم عن مدينة بئر السبع و 200 كلم عن مدينة القدس، من أشد السجون الإسرائيلية قسوة، فقد استحدث هذا السجن خصيصا للقيادات الفلسطينية من المعتقلين في مختلف السجون بغرض عزلهم عن بقية السجون الأخرى،  يضم ما يقارب 700 أسير بين أسواره أمثال :عصابات المخدرات والقتلة والمغتصبين.

وبعودة للماضي التعيس أكملت منال بأنها تعرضت في الفترة الأولية للأعتقال لمكالمات تهديد من زوجها كان يقول فيها أن لم تحضر للتحقيق سوف ينفصل عنها، لكن ذكاء وحنكة أم دينا لم تجعل منها مضغة سهلة للاحتلال وخبثه،  بل عرفت بأن زوجها كان تحت تهديد السلاح حين نطق تلك الأحرف، فتلك الكلمات لم تكن لنية صافية بل كانت بغية التحرش لإجبار الزوج  على البوح بالحقيقة،  انطلاقا من سياسة الاحتلال  في استخدام أفراد الأسرة للضغط على المعتقل، وبالرغم من تصاعد التهديدات استطاعت منال مقاومة الأحتلال  بالتهرب والتنقل من مكان للأخر حتى مرت السنين وانقطعت تلك المكالمات وعادت منال لتعيش حين ترقد.

 

 

محطة الوجع

 

الوضع النفسي لمنال متزعزع منذ ذالك اليوم حتى يومنا هذا،  فمصيبة مثل تلك لم تكن في حسابها، فكيف لأم في الثانية والعشرين أن تربي ثلاثة أطفال؟ وكيف لأم أن تعرف بأن زوجها محكوم مؤبد وتقاوم؟  التعرض لذل والأهانة لم يضعفها بل زادها شجاعة،   فاليأس جرعته وجسدت منه طيفاً من الأمل والأخلاص ليكمل مشوار حياتها أعوام.

سراديب اليأس تعود لعائلة بلال حيث لم تقدم لهم أي مساعدات، نادي الأسير لم يمنحهم أية أموال لان قضية زوجها قضية جنائية وليست أمنية ، وبالنسبة للشؤون فقد توقفت عن أعطائهم بعدما عملت أم دينا كآذنة في مدرسة بنات فرعون الثانوية لتفاقم الأوضاع سوءاً ، حيث تتقاضى مرتب وقيمته 1500 شيقل في الشهر لا يكفي حتى لتغطية  نصف نفقات تعليم بناتها والنصف الأخر تقوم الجامعة بتغطيته.

 

وقوفاً على حافة شريط من شرائط  ذكرياتها الذي ما زال يصدح  أوجاع زوجها أمضى 17 عاماً في السجن، وخلال فترة يكمل عامه الثامن عشر فهي على تدوين لكل يوم بيومه،تتردد أم دينا لزيارة زوجها عن طريق تقديم طلب للصليب الأحمر فخلال شهرين يتم إصدار التصاريح  ما بين القبول والرفض، مدة الزيارة لا تتجاوز في محصلتها 45 دقيقة وفي بعض الأحيان نصف ساعة عبر ألواح زجاجية بحضرة حراس بكلى الجانبين، فكل شيء مراقب حتى الكلام لا يتم ألا عبر الهاتف.

فسحة أمل

والآن يستعد بلال بعد أن خط الشيب رأسه وذقنه بدخوله شاباً ليخرج السجن عجوزاً الحصول على حكم أطلاق سراحه المقرر بعد ثلاث سنوات من هذا العام في محكمة شليش، هذه المحكمة الثانية بعد الأولى وربما تكن الأخيرة والبداية لحياة حرة، فهو يقبع في أحد مراكز التحقيق القاسية في سجون الاحتلال،  يعاند جنود المحتل ويصبر على أذاه، متلذذاً بتلاوة آيات القرآن ، فشهادته في حسن السلوك أصبحت خيط من خيوط حريته المنتظرة.

 

محكمة شليش محاكم ثلث المدة ، فهذا القانون كان خاص بالمعتقلين اليهود والمدنيين، ولكن في إطار إخراج القانون من سياقه وإطاره العنصري،ولإضفاء الجانب القانوني والديمقراطي عليه، سمح بتطبيقه على الأسرى الفلسطينيين الأمنيين، والقانون حسب ما ينص عليه، أن المعتقل إذا أمضى فترة ثلثي مدة حكمه، وكان سلوكه في المعتقل جيد، ولم يرتكب أية مخالفات لها علاقة بخرق القانون أو التعليمات والأوامر المعمول بها في السجن،يتم إطلاق سراحه،مع فرض قيود عليه في الخارج في أغلب الأحيان، فعدد الأسرى السياسيين الذين استفادوا من هذا القانون،لم يزيدوا عن 150 معتقل، والتي تكون التهم المنسوبة لهم وفق المفهوم الإسرائيلي، أقرب الى ما يسمى بالإخلال بالنظام وليس بما يتعلق بالقضايا الجنائية، فالمضحك المبكى هنا إلى أي مدى سنبقى لعبة في أيدي الاحتلال أم أن الاحتلال سيصدق في وعوده لبلال هذه المرة.

تابعونا على فيسبوك
تصميم وتطوير: ماسترويب 2017