نابلس: من أماني شحادة

في رقعة خضراء بين سفوح بلدات شمال غرب نابلس تتربع مجموعة متلاصقة من الغرف القديمة، كانت مخصصة لحارس القطار الذي يصل إسطنبول بالحجاز، وما يزال معلمها حاضرا يتعرض للأطماع بالتهويد والإستيلاء عليها من قبل الإحتلال الإسرائيلي.

محطات عديدة كانت تلك الغرف شاهدة عليها، وكانت مرارا شاهدا على معارك مرت ونشأت بها ناهيك عن محاولة لسرقتها، وتهويد عروبيتها، إلا أنها ما تزال شامخة، وتعبر عن هوية الأرض الكنعانية في هذه الأرض.

 وتشهد منطقة المسعودية، كما يرصد خالد تميم أحد العاملين بدائرة  الآثار والسياحة بنابلس إعتداءات متكررة من قبل جيش الإحتلال، والمستوطنين منذ سنوات، لكنها تكثفت في الأونة الأخيرة، بعد بروز أطماع واضحة للسيطرة على المكان.

وأمام أطماع الإحتلال وللمحافظة على الموقع، تم تشيكل لجنة لإعمار المسعودية مكونة من وزارة الحكم المحلي، وزارة الزراعة، سلطة البيئة، وزارة السياحة والآثار، وزارة النقل والمواصلات، محافظة نابلس، بلدية نابلس، بلدية سبسطية ومجلس قروي برقة، حيث أن المهام الرئيسية للجنة هي الدفاع عن المنطقة وحمايتها من مخططات الإحتلال التوسعية.

 وتعد المنطقة مقصدا للزوار الفلسطينيين والسياحة الداخلية،  وبنفس الوقت مطمعا للمستوطنين ، الذين يقتحمون المنطقة بين الفترة والأخرى، بهدف إعاثة الخراب في المكان، ولإثبات وجودهم في المنطقة، وذلك تحت حراسة جيش الإحتلال الإسرائيلي.

   وبضيف "نحن منذ 5 سنوات، بدأنا بتركيز كبير على منطقة المسعودية، وتنشيط الزيارة السياحية، وبالأخص زيارة المقامات، وبالتعاون مع مجلس برقة  ولجنة إعمار  المسعودية التي تتكون من عدة مؤسسات في المحافظة، التي أخدت على عاتقها عملية لإعمار وترميم  وصيانة المسعودية ، وبمساعدة مؤسسة الرؤيا العالمية، التي حاولت أن تبني  دورات مياه فيها،  ومنذ العام 2013  بدأت ردة الفعل  الإسرائيلي بمحاولة  لمنع إكمال المشروع.

  ويضيف تميم حاول المستوطنون ثلاث مرات أن يستوطنوا المنطقة، إلا أن مجموعات من المقاومة الشعبية، من أهالي منطقة سبسطية  وبرقة وبزاريا  وبيت إمرين وقفت جميعها  أمام  محولة استيطان المنطقة، وبالفترة الأخيرة  تم هدم الحمامات، وبعدها توالت ردود الفعل  من خلال القاء حجارة ومحاولة تخريب بالمنطقة.   

وبين أن قوات الإحتلال تتوافد للمسعودية بشكل دائم، وتشمل إجراءاتهم مسح المنطقة هندسيا بشكل كامل، مما يظهر أن هناك أطماع متزايدة موجهة اليها.

  والمسعودية مقسمة إلى ثلاثة مناطق ( ا، ب، ج)  وبعد  إخلاء مستوطنة حومش  شرعت وزارة الإثار بإجراءات للمحافظة على المسعودية،  وتنظم رحلات سنوية مع إقامة الاحتفال السنوي  لإبقاء التواصل مع المنطقة  والتضامن مع القرى المجاورة لها. خاصة بعد الأطماع التي تهدد أراضي سبسطية على وجه التحديد.

ووفقا لضرار ابو عمر  مدير  لجان الإغاثة الزراعية بنابلس فإن الاغاثة وبالتنسيق مع دائرة السياحة والأثار بنابلس، تعمل جاهدة على حماية أراضي المسعودية من خلال تشجير الأراضي الزراعية هناك، ورعايتها  لمهرجان الربيع السنوي الذي سيقام بشهر نيسان لهذا العام  على أراضي المسعودية، وسيتم قبله تشجير الأرض، منوها إلى "أنه قبل أيام قليلة قمنا بتشجير الأرض  ب70 شجرة  على مساحة نحو 40 دونما."...

من جهته  أشار السيد جهاد صلاح رئيس مجلس قروي برقة إلى أن تاريخ منطقة المسعودية  التي تبعد 2كم مترا عن بلدة برقة من الجهة الغربية،  يعود إلى عام 1914م، حيث تبرعت عائلة آل مسعود بقطعة أرض تبلغ مساحتها 38 دونماً إلى شركة الحجاز للسكك الحديدية، وذلك لإقامة محطة للسكك الحديدية هناك، وباتت المنطقة محطة رئيسية للسكك الحديدية الحجازية التي تربط ما بين مدينة حيفا والأردن ومن ثم بلاد الحجاز ( السعودية اليوم). وعشية حرب عام 1967م، تحولت المنطقة إلى ثكنة عسكرية لجيش الاحتلال لفترة دامت 5 سنوات الذي فكفك بدوره السكك الحديدية بغية إخفاء معالم المنطقة، فبقيت المحطة القديمة ثابتة راسخة تشهد على تاريخ المنطقة، حيث يرفض الإحتلال أي عملية ترميم للمنطقة.

وتصدر سلطات الإحتلال، قرارات متكررة قرارًا بهدم متنزه "المسعودية" المقام على أراضي قرية برقة غرب مدينة نابلس. بغد توجبه إنذارًا يقضي بوقف البناء القائم داخل المتنزه، والذي يضم وحدة صحية ومبنى للأطفال، منوها إلى جدية الاحتلال بهدم المتنزه وإزالة المنشآت التي بداخله.