الرئيسية / مقالات
اعدام وتصفية لشجر الزيتون
تاريخ النشر: الأثنين 11/11/2019 09:21
اعدام وتصفية لشجر الزيتون
اعدام وتصفية لشجر الزيتون

د. خالد معالي

بكاء زيت واشجار الزيتون، وبشكل غير مسبوق هذه المرة، كان من نصيب موسم الزيتون الحالي في مختلف مناطق الضفة الغربية على يد المستوطنين.

محزن ما آل إليه حال الموسم الحالي، على يد الاستيطان الذي ينقض على أشجار الزيتون ويعدمها بالجملة كما جرى في بلدة الساوية وياسوف وبورين وقريوت وغيرها من قرى وبلدات الضفة الغربية .

كل عام في موسم الزيتون تتسبب اعتداءات المستوطنين بتبدل الحال من فرحة وبهجة الى حزن ووجع وألم، وبنقصان في كميات الزيت، ويفقدنا بركتها الطيبة كما كانت في السابق، فحقول الزيتون تجرف ليتم بناء وحدات استيطانية جديدة لمئات المستوطنات والبؤر الاستيطانية في الضفة الغربية وعلى مدار الساعة دون حسيب او رقيب.

حالة يرثى لها ومتعبة، فالاستيطان له تأثير بالغ الخطورة على مجمل ما يحتويه المجتمع الفلسطيني من ثقافة، وتاريخ، وفكر، وعادات، وتقاليد، وشواهد أثرية وتاريخية تدل على عمق الحضارات وتنوعها على ارض فلسطين.

المستوطنون يسرقون تراثنا وصاروا يشاركون الفلسطينيين في زيت زيتونهم، ويدعون في الغرب أن الزيت هو زيتهم، وزيتهم مقدس كونه من الأرض المقدسة، حتى ان مستوطنين قاموا بزراعة غراس واشجار زيتون داخل مستوطناتهم.

سرطان الاستيطان يتمدد وينتشر في الجسد الفلسطيني بسرعة وقوة هذا الموسم، فالمستوطنون لا يتوانون ولا يترددون عن المجاهرة ببلطجاتهم وزعرناتهم، وتوسعة مستوطناتهم عبر تجريف ونهب المزيد من الأراضي، وجيش الاحتلال يحميهم ويعتقل كل فلسطيني يعترض على سرقة أرضه، وباسم القانون.

سيظل زيت الزيتون يبكينا ويدعونا للتخلص من الاستيطان والاحتلال لتعود لنا بركته وبهجته، ولكن في هذه المرحلة الصعبة يبدو ان البكاء سيتواصل.

من خلال الاطلاع على أدبيات الحركة الصهيونية يرى بان موضوع العزل والجدار والاستيطان، ومفهوم الاغيار هو من صميم الثقافة الصهيونية؛ ولذلك سيبقى الاستيطان يلتهم ويلتهم في الضفة الغربية دون حسيب أو رقيب.

 

بالنسبة للمستوطنين سيبقى مواصلة الاستيطان بنظرهم مريح وغير مكلف؛ ما دام لا يوجد رد عليه او ثمن مقابله.

ما العمل وما الذي يحصل، فألان المستوطنون لم يعودوا يشكلوا شوكة في حلق الدولة الفلسطينية التي كان من المفترض إقامتها، بل إنهم أقاموا دولتهم في قلب الضفة الغربية، والمستهدف بالاقتلاع كشجرة زيتونه التي يرويها بدمه وعرقه صار هو الفلسطيني وليس المستوطن المستجلب من الخارج.

نتاج لشجرة الزيتون المباركة، هو الزيت، وهو عنوان البركة والصمود والثبات عبر مئات السنين، لأجيال فلسطينية عديدة، عمرت الأرض وتشبثت بها، فكيف يجيء مستوطن مستجلب من الخارج ويزعم أن هذه الأرض له، أليس ذلك قمة الظلم والاستخفاف بالعرب والمسلمين وباحرار العالم جميعا؟!

حتى تعود البركة لزيت الزيتون كما كان سابقا، لا بد من البحث عن مصادر القوة وتعزيزها وهي كثيرة لا تنضب، لحماية بركة الزيت وتحرير الأرض، ولا يصح الشعور بالضعف، فالطاقات كثيرة وخلاقة، وهي ولا تنضب، لكنها وحاجة لجمعها وتوجيهها الوجهة الصحيحة، وهذا منوط بربان السفينة ان اجاد توجيهها الوجهة الصحيحة.

 

تابعونا على فيسبوك
تصميم وتطوير: ماسترويب 2017