الرئيسية / مقالات
حوار مع نفسي
تاريخ النشر: الأحد 16/02/2020 06:42
حوار مع نفسي
حوار مع نفسي

حين توقفت الكلمات في الحلوق ، و اجتررنا المفردات و الكلمات و لم نجد ما يقال ، و حين فقدنا لغة الحوار بيننا ، و حين لم نعي و لم نصدق و لم نفهم ما يقال ، و حين أصبح التناقض هو القاعدة و الإنسجام هو الشاذ ، و حين صرخنا فكتمنا الصوت في صدورنا خوفا من الإرتداد ، حين ذلك كله وجدت أن لا مفر من أن أحاور نفسي و حتى في هذا الوضع قد أختلف معها ، فهذا زمن الإختلاف ،،،

أنا : ما العمر ؟
نفسي : ستون عاما
أنا : ما الجنسية ؟
نفسي : دعني أفكر ،،
أنا : تفكري في ماذا ألا تعرفي جنسيتك ؟
نفسي : و الله كنت أعرفها جيدا و لكن تاهت مني و تهت منها ،،
أنا : ما هذا الهذيان منذ متى لا تعرفي الجنسية ؟
نفسي : منذ انفصمت عني و أنت أنا فأصيب كلانا بالإنفصام ،،
أنا : أنت أنا و أنا أنت و انفصمنا فلم يعد أحدنا يعرف الآخر معقول ؟
نفسي : لا تتذاكى علي فهل تعرف جنسيتك حتى أعرفها ؟
أنا : أعرفها فأنا عربي فلسطيني .
نفسي : متأكد؟
أنا :هل جننت ، متأكد من ماذا ؟ ألا أعرف من أكون ؟؟
نفسي : و الله إنك تخدع نفسك إن كنت على يقين مما تقول فأجبني ،،
أنا : على ماذا أجيبك ؟
نفسي : ما معنى أن تكون عربيا فلسطينيا ؟
أنا : لا تعقدي الأمور علي فلا أجد الجواب .
نفسي : دعك من هذا السؤال أسألك من أنت منذ العام ١٩٩٣ ؟
أنا : أنا أنا كما كنت و كما سأكون ،،
نفسي : يعني هل أنت مناضل ؟ هل أنت فدائي ؟ هل أنت محرر ؟ هل أنت تملك أمرك ؟ هل أنت منسجم معي أي مع نفسك ؟ هل أنت استمرار لعام ٣٦ و عام ٦٥ و عام ٧٦ و عام ٨٢ و عام ٨٧ و عام ٢٠٠٠ ؟ أم أصبحت لا تعرف من الأعوام سوى ٩٣ ؟
أنا : توهتيني ،،، أنا تهت ،،
نفسي : لكني و بصفتي نفسك لم أته ،،
أنا : نوريني ،، أنيري لي الطريق ،،
نفسي : الشمس ساطعة و الطريق واضح و ليست مشكلتي أنك لا تراها !!
أنا : و ما ذنبي أنا ؟ فأنا لم أختر الدرب ،،
نفسي : و لكنك سرت فيه ،،
أنا : مرغما ،،
نفسي : و أين إرادتك ؟
أنا : سلبت ،،
نفسي : ذنبك و مشكلتك ،،
أنا : و أين كنت طيلة هذه الفترة ؟أنت المسؤولة ،،
نفسي : كنت داخلك ،،
أنا : لم أشعر بك ،،
نفسي : مشكلتك أيضا فأنا موجودة طيلة الوقت و لم أغادر ، ربما أنت لم ترد أن تشعر بي ،،
أنا : و الله كنت أحاول ،،
نفسي : لم تكن جادا ،،
أنا : أتدرين ، هذا ليس حالي فقط ، هو حال شعبي ،،
نفسي : هو مثلك ،،
أنا : يا ألهي ، و ما العمل ؟
نفسي : الحل بسيط ،،
أنا : إلحقيني به ماهو و لا أسأل عن حالي فقط بل أصبحت أخاف على شعبي ،،
نفسي : ببساطة عودوا إلى أنفسكم و أعيدوا أنفسكم إليكم ،،
أنا : و كيف يكون ذلك ؟
نفسي : أعيدوا تحديد هويتكم ، عرّفوا أنفسكم من جديد ، إبدأوا تعريف المرحلة ، تخلصوا من أحمال المرحلة السابقة ، إنسجموا مع أنفسكم ، حددوا وجهتكم و وحدوها ، أخرجوا من تناقضكم ، حددوا عدوكم و سبل مواجهته ، عززوا أنصاركم و أعيدوا بناء تحالفاتكم ، أصدقوا مع أنفسكم و لا تخدعوها بل صارحوها ، اعترفوا بأخطائكم و أصلحوها ، ابنوا و لا تهدموا ، عززوا نقاط القوة و حاربوا نقاط الضعف ، لا تتوهوا في تعريف أنفسكم ، هويتكم ، جنسيتكم ، أهدافكم ، رؤيتكم ، توجهاتكم ، لا تتناقضوا مع أنفسكم ، ألا ترى أنك تجادلني و أنا نفسك و أنا منك و أنت مني ؟ أخرجوا جميعا من هذه الدائرة ، ثم عد و حاورني بنقاء فكر و نوايا حقيقية ،،
أنا : لقد تعبتِ و أتعبتني ، هل أنا كما وصفتني ؟ و هل نحن بكل هذا السوء و التوهان ؟ ألا نعرف حقيقتنا ؟ ألا نعي مصلحتنا ؟ أضاعت بوصلتنا ؟ أفقدنا أنفسنا ؟
نفسي : نعم أنتم كل هذا ، تقولون لا و تفعلون نعم ، تفقدوا أصدقائكم و تتقربون من أعدائكم ، ترفعون الشعارات و لا تلتزمون بها ، تقررون القرارات و لا تنفذونها ، تعرّفون الأشياء و لا تعملون بها ، تبكون على الأطلال و لا تنفذون إلى المستقبل ، تحاورون الأعداء و تتوسلون السلام معهم و لا تحاورون بعضكم ، تتقاتلون على كرسي برجل واحدة رأسه مدبب ، تلعبون مع بعض لعبة الفأر و القطة ، أنتم كذابون ، أنتم دجالون ،،
أنا : لقد اصبتني بالصداع و أكاد أفقد توازني ، با أكاد يغمى علي ، دليني على الطريق ،،
نفسي : تعال و احضني بصدق و انتماء و عنفوان لأنصهر فيك و تنصهر في ، و ادعوا أبناء شعبك لفعل ذلك مع أنفسهم ، فستجون الطريق أمامكم ممهد مليء بالأشجار المثمرة و ستدركون النصر لا الهزيمة ،،،
أنا : ليس أمامي و لا أمام شعبي إلا أن نفعل و سنظل نحاول و نحاول رغم كافة الموانع ، فلا قوة في العالم تمنعني من احتضان نفسي و شعبي كذلك ،، شكرا نفسي فقد أنرت طريقي و يبقى العمل و يجب أن نعمل أو نعيش بدون أنفسنا ، و سنعمل و نعمل ،،،

سامر عنبتاوي
 

 

تابعونا على فيسبوك
تصميم وتطوير: ماسترويب 2017