نابلس-أصداء-هديل أبوشهاب
هل نحن على أعتاب مرحلة جديدة في الوسط الاعلامي الفلسطيني، نشهد فيه طغيان الإناث على الذكور في ساحة العمل، بعدما أضحت تشكل الجزء الأكبر من الملتحقين بمقاعد الدراسة في كليات الإعلام والصحافة في الجامعات الفلسطينية؟
لا شك أن المتابع للمشهد الإعلامي الفلسطيني اليوم، يجد فيه مساحة واسعة لمشاركة المرأة الإعلامية في كافة المجالات الإذاعية والتلفزيونية والإلكترونية، فنجدها مراسلة تنقل الحدث وتتعرض لنيران الاحتلال؛ ومصورة، ومذيعة، ومقدمة برامج، ومحررة، ومخرجة. وهذا يؤكد على تطور مشاركتها الإعلامية بشكل لافت.
وقال المحاضر والاعلامي خالد الفقيه انه وفي اطار انجاز للخطة الاعلامية الاستراتيجية لتعزيز مشاركة المرأة في الحياة السياسية والاقتصادية لصالح إتحاد لجان المرأة للعمل الاجتماعي من قبل شركة كلاكيت للاتصال والاعلام والتي اشرف على اعدادها الى جانبه كل من عمر نزال وأحمد البرغوثي تبين وبحسب احصاءات الجهاز المركزي للعام 2013 2015-2017 ان طلبة الصحافة في فلسطين أغلبهم من النساء.
وتشير إحصائيات العام 2012 الصادرة عن الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني إلى وجود إمراة واحدة كرئيس تحرير في صحيفة محلية مقابل 9 من رؤساء التحرير رجال، وتعمل هذه المرأة في الضفة الغربية حيث لا يوجد في قطاع غزة إمرأة رئيس تحرير. كما لا تتجاوز نسبة الصحفيات 36% من إجمالي عدد الصحفيين علما بأن التقديرات تشير إلى أن حوالي55% من طلبة الصحافة في فلسطين هم من الفتيات، أي أن هناك تطور تدريجي وإن كان بطيئاً في إنخراط النساء في مهنة المتاعب. نفس الدراسة كانت قد وجدت أن نسبة الحاصلات على شهادة البكالوريوس من الإعلاميات قد بلغت 43% والحاصلات على درجة الماجستير8% والدبلوم العالي 26% والثانوية العامة 10% وما دونها 8%، أي أن دخول النساء لمهنة الإعلام يتطلب مؤهلات عليا (بكالوريوس على الأقل). كما لاحظت الدراسة أن المهام والمواقع التي تسند للإعلاميات في المؤسسة الإعلامية لا تمنحهن القوة على إتخاذ القرار أو التأثير فيه، وهو الأمر الذي تؤكده الإحصاءات الرسمية .
وتابع : من الأسباب التي تؤدي لإنخفاض عدد الصحافيات الممارسات للمهنة إنعدام توفر فرص عمل كافية للإعلاميات في المؤسسات الإعلامية؛ الحكومية والخاصة؛ أو إستغلال الإعلاميات داخل المؤسسة الإعلامية في أعمال غير إعلامية؛ وعدم توفر عقود عمل سواءاً أكانت دائمة أو مؤقتة، إلا في حدود ضيقة للغاية، ما يعرضهن للاستغلال المادي؛ وعدم توفر فرص التدريب والتأهيل بشكل متساوٍ مع الزملاء الإعلاميين؛ أو إنعدام وجود فاعل لنقابة الصحافيين يحمي الحقوق المطلبية للإعلاميات ويدافع عنها في حال تعرضهن للإنتهاك؛ وتدني أجور العمل الإعلامي للإعلاميات في الصحافة المحلية عن أجور الإعلام العربي والغربي؛ ووجود نسبة عالية من العاطلات عن العمل من خريجات كليات الإعلام؛ أو إنعدام توفر نظام التأمين الصحي وإمتيازات المهنة الاقتصادية أسوةً بغيرها من المهن. تكنولوجيا المعلومات: ساهم إستخدام الإنترنت ووسائل الإعلام المجتمعي القائمة على إستخدام تكنولوجيا المعلومات في إنتشارها وفي تحدي قمع الإعلام الرسمي، والرقابة الشديدة على المعلومات.
وفي فلسطين شهد قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات تطورات هامة وتقدم متزايد في السنوات الأخيرة، وإن كان ما زال مكبلاً بشروط الاحتلال الإسرائيلي وسيطرته على آفاق التطور، إلا أن النساء إستفدن بشكل عام بدرجة أكبر من الذكور من ذلك، كما أن زيادة الإمكانيات التي يتيحها النفاذ للإنترنت، وإستخدام الهواتف النقالة، ووسائل الإعلام الاجتماعي أفادهن. وما زالت إمكانيات النساء في الوصول للتكنولوجيا بشكل عام أقل من تلك المتاحة للذكور في دولة فلسطين وتبلغ النسبة 23% للإناث، مقابل 40% للذكور في العام2011، كما تتأثر إمكانيات الوصول حسب الوضع الاقتصادي حيث تقل إمكانيات الوصول في الأماكن الأكثر فقراً وتهميشاً، ولكن معدلات الزيادة للإناث أكثر منها للذكور. ففي إستخدام الهواتف النقالة على سبيل المثال زادت النسبة للإناث بمعدل 39% بين الأعوام 2004 و2011 بينما بلغت نسبة الزيادة 31.4% للذكور.
فهناك عدة اسباب ابرزها الفقيه كاستاذ للإعلام في جامعتي بيت لحم والقدس اهمها التطور في وعي المجتمع وإنفتاحه على مهن كانت غير مرموقة للشباب ومحرمة على الاناث في ظل التطور التقني وتشعب آليات التواصل وتعميم ثقافة أن المرأة تستطيع في ظل مجتمع مدني تقدمي مع دخول المرأة عوالم عديدة ومنها مثلاً القضاء الشرعي والبرلمان والقيادة السياسية والعسكرية السبب الثاني هو الرغبة في واقع مادي افضل مع انتشار الفضائيات وبالتالي التطور في الرواتب بما يشكل قفزة بالمقارنة مع رواتب الاعلام المحلي الثالث هو انتشار كليات ومعاهد الاعلام في المحافظات المختلفة والرابع ان تخصص الاعلام مرن وبالتالي يتيح العمل في فضاءات اخرى غير الاعلام.وفي المقابل الشباب باتوا يبحثون عن آفاق اخرى في التخصصات تستجيب لحاجة السوق عدا عن بقاء بعض الاسر والتجمعات على مسار المحافظة المفرطة ما يمنع الفتيات من السفر للخارج للدراسة وهناك اسباب اخرى اقل اهمية.
.
هل تتحول مهنة الصحافة للإناث فقط؟
وأكد المحاضر في جامعة النجاح الوطنية الدكتور فريد أبو ظهير:" إن من أهم أسباب أزياد إقبال الفتيات على تخصصات الإعلام هو انه يعطي الفتاة طرق واسعة في التعبير عن نفسها والتعبير عن إحساسها بقضايا المجتمع، بالإضافة إلى تغير نظرة المجتمع لدور المرأة في الإعلام بعدما كان يقيد دخول المرأة لمجال الإعلام".
ويفسر أسباب انخفاض نسبة الذكور في الانتساب للكليات الإعلامية قائلا:" الذكور اليوم أصبحوا يتجهون إلى تخصصات تجلب لهم دخل أعلى من الفرص الموجودة في الإعلام خاصة أن الإعلام اليوم يعاني من قلة الفرص المتوفرة".
ويضيف أبو ظهير:" واقع الصحافة اليوم جيد ولا بأس به وان كان بمجله يعاني من إشكاليات كبيرة على مستوى الوطن، ويتابع :"فيما يتعلق بمستقبل الصحافة اعتقد أن هناك مشاكل كبيرة تعيق تطور مجال الإعلام الفلسطيني سواء اجتماعية او سياسية وغيرها".
فيما يقول المحاضر في الجامعة الأمريكية الاستاذ صدقي موسى:" لا يعاني إقبال الإناث على تخصص الإعلام بأنه أصبح أنثوي، فمثلا الإناث يقبلن على تخصصات العلوم والفيزياء والرياضيات أكثر من الذكور، كل ذلك يرجع لمعايير اجتماعية واقتصادية".
ويتابع:" إقبال الإناث على تخصصات الإعلام يرجع للتغير الاجتماعي عند الأسر الفلسطينية وإدراك أهمية التخصص عند الإناث، كما أن هناك العديد من أصحاب المؤسسات الإعلامية يفضلون الإناث على الذكور لاعتبارات متباينة".
الطالب في جامعة النجاح تخصص صحافة مكتوبة والكترونية فراس الوزني يقول:" اخترت تخصص الإعلام وبالتحديد صحافة مكتوبة والكترونية لأنها نمت بي موهبة التصوير والكتابة منذ الصغر، فرأيت إن اختيار تخصص مثل هذا هو الأنسب والذي من خلاله سأحقق به أهدافا لطالما حلمت بها، وكذلك لأنني رأيت أن الإعلام هو صوت الحق المبحوح، ولأنقل معاناة أفرادا وشعبا، وحتى أصبح صحفيا فلسطينيا بامتياز".
ويتابع الوزني:" إن إرتفاع نسبة الإناث في الكليات الإعلامية مقارنة بالذكور الذي يأخذ بالانخفاض لا يعد هاجسا بالنسبة لدي، فالإعلام اليوم لا يفرق بين ذكر وأنثى، ومن أراد الإبداع في الإعلام فالباب مفتوح، ومعظم أهدافنا واضحة، وسيصبح اسمنا لاحقا"صحفي/ة فلسطيني/ة", ومن يعتبر من الذكور أن ارتفاع نسبة الإناث تعتبر إشكالية، وتشكل هاجسا، فهذه مجرد حجج باطلة وواهية، فلماذا لا يحق للفتاة ان تعمل في الميكانيات مثلا؟ ويلوم البعض الفتيات إنهن يدرسن الإعلام.. فلنعطي حقوقا مساوية للمرأة في مجال العمل بعيدا عن الاستهزاء والسخرية أولا، ومن ثم يقف البعض ويقول أن الإناث هم هاجس أمامنا".
ويضيف الوزني:" نسبة البطالة في فليطين مرتفعة جدا وليس فقط في المجال الإعلامي، والإعلام لا يوجد به وظائف مستقبلا، فهو كالهندسة والطب وغيرهما، وسوق العمل الإعلامي بحاجة إلى المزيد من الصحفيين والصحفيات، لان الصحافة هي الرقيب على الحكومة والشعب، وهي التي توثق الإحداث، وطبيعة العمل بشكل عام صعبة، ولا تقتصر على الإعلام، وكل شخص متوقع بعد تخرجه أن يجلس أياما وشهورا وسنين عديدة بدون عمل يلاءم دراسته على مدار سنوات، ولكن الله يخبئ له خيرا، والذكور بطبيعة الأمر أصبحوا يدرسون أي تخصص تقريبا لتكون شهادتهم الجامعية كفيزا للزواج، وليس أكثر".
فيما ترى الطالبة إكرام عودة إن ازدياد نسبة الإناث بشكل كبير يعطي مؤشرا على التطور عند المرأة والمجتمع الذي كان يرى قديما إن المرأة لا تصلح لمثل هذه التخصصات، وتضيف:" لم أكن أطمح لدراسة العلاقات العامة، فقد كان لدي رغبة في الانضمام لقسم الإذاعة والتلفزيون، ولكن لم القي أي تشجيع من قبل احد حسب أقوال البعض مجاله محدود وصعب للغاية".
ويبقى الباب مفتوحا لمحطة جديدة من محطات إقتحام الفتاة الفلسطينية لميدان من ميادين العمل، كان سابقا محصورا ومسيطرا عليه من الذكور، ليصبح وجودها، وجودا استراتيجيا، عليه تبعات ومهام لا يستهان بها.
