الرئيسية / الأخبار / فلسطين
عوني الظاهر حامي التراث الفلسطيني
تاريخ النشر: الخميس 28/09/2017 08:47
عوني الظاهر حامي التراث الفلسطيني
عوني الظاهر حامي التراث الفلسطيني

عوني الظاهر حامي التراث الفلسطيني
نابلس/من غادة عادل اشتيه
حينما تقترب من بيت الأستاذ المتقاعد عوني الظاهر يستهويك ما تراه من فوضى فيها تقصيرا من صاحب المنزل ربما, لكنك كلما اقتربت أكثر تسربت إليك رائحة تراث عريق, تجذبك رغما عنك لتتجول بين القطع المتراكمة هنا وهناك.
منذ 40 عاما, يهوى الخمسيني "الظاهر" جمع الأدوات القديمة بكافة أنواعها وأشكالها ويحتفظ بها في منزله القائم في قرية ياصيد شمال نابلس, إنه التربوي عوني الظاهر الذي ولد في قرية ياصيد وقضى فيها معظم حياته, وتعلم في مدرسة عصيرة الشمالية الثانوية, لينتقل بعدها إلى الجامعة الأردنية الهاشمية لدراسة الكيمياء, وعين معلماً في قرية بيت امرين, وخطوة على خطوة نال دبلوم التأهيل التربوي في جامعة النجاح الوطنية, وعمل رئيساً لقسم التقنيات التربوية في نابلس.
لامع العينين مرفوع القامة بكل فخر يتحدث الظاهر: "فكرة مشروعي تقوم على جمع أدوات ووثائق استخدمت في فلسطين خلال مئة عام ", ففي بيته الآن مخزن كامل للأشياء التي استخدمت في فلسطين موجودة في حقائب وصناديق وألبومات, بحيث كل منها يحوي التسلسل الزمني لتطور الأشياء ما بين الماضي والحاضر".
ويستغل الظاهر كل فرصة لشراء كل ما هو أثري, حتى يضيفها إلى مجموعته التي تجاوزت القرن, فهو يحاول جاهداً الحفاظ على التراث الفلسطيني ما بين أزمنة متلاحقة, خوفاً عليها من الاندثار, حيث يحوي بيته أدوات معدنية ونحاسية وملابس تراثية وتوابيت تحمل وثائق تعليمية.
ووفقا للظاهر: "في بيتي وثائق عن التعليم والأوضاع الاجتماعية في فلسطين, ففي فترة من الفترات وجدت في مدينة نابلس وثائق للمعلمين الذين تقاعدوا من مئة سنة حتى جمعت من 500 إلى 600 وثيقة، ولدي ألبومات من الصور ترسم تاريخ فلسطين، وبعض العادات والتقاليد المتلاحقة والمتغيرة من وقت إلى آخر", جمع كل وثائقه ومخطوطاته في صندوق طويل يدعى "التابوت الفرعوني", طوله ثلاثة أمتار، وعرضه وارتفاعه أربعون سنتيمترا، لتستقر به وثائق وصور تؤرخ تاريخا طويلا بما فيه من مجريات وأحداث متعاقبة, إلى جانب عشرات الألبومات وعقود الزواج وشهادات الميلاد وحجج الأراضي, ووثائق مكتوبة بخط اليد وقلم الرصاص الكوبي والطابعات القديمة.
ويشير الظاهر إلى أن كل الوثائق ستبقى في التوابيت تنتظر من ينتشلها من الغرق, وينثرها على الشاطئ الفلسطيني ليؤرخها لمائة عام, فهو يتيح الفرصة لجميع الناس والمؤسسات بالاطلاع عليها.

ويعود الفضل للأستاذ الظاهر بإنقاذ مئات الوثائق القديمة عام 2002 من التلف، والتي يعود بعضها إلى عام 1921،حيث رممها وأرشفها وأعاد لها الحياة، بالرغم من الحصار الذي كان يطوق نابلس لكنه اجتاز الحواجز وحرص على المبيت في مقر المديرية لينجز مهمته على مدار شهر كامل.
ويقول الظاهر عن إحدى الوثائق التي وجدها تلك الفترة: "من بين الوثائق التي وجدتها مخطوطات قديمة خلال الاحتلال البريطاني أو الحكم الأردني أو الاحتلال الإسرائيلي ،ووثائق أخرى تظهر فيها مدرسة بلدة سلفيت عام 1947، إذ كانت مدرسة وحيدة وتتكون من صفين, ووثيقة أخرى تتحدث عن رفض تربية نابلس طلب أحد المعلمين بتحديد سنه وفقا لشهادة أخيه, وكثير من الوثائق المتنوعة التي تحمل قصصا مختلفة".
ويبين عوني أنه يملك في بيته مكتبة تضم بين رفوفها المغبرة بألوان الماضي قرابة ألف كتاب وكتيب وقصة ومجلد وموسوعة متنوعة ، وقارئ اسطوانات لازال يعمل، ومعه عشرات الاسطوانات السوداء محفورا عليها أغان قديمة وقراءات للقرآن بصوت عبد الباسط عبد الصمد, وفي أرشيفه المئات من الأشرطة الصوتية فيها القرآن الكريم لعدة قراء.

ويناشد الظاهر خلال زيارة لموقع أصداء المؤسسات الفلسطينية والوزارة لتبني أفكاره ومقتنياته، وتحقيق حلمه ببناء متحف تراثي على مستوى فلسطين والعالم العربي, حتى يستطيع أن يخرج هذا التراث للعالم ليكون نموذجا لمتحف تربوي تراثي يؤرخ لأكثر من 100 عام، وهو يبحث عن التشجيع والدعم المناسبين من إحدى المؤسسات, فهو يثق بأهالي بلدته والقرى المجاورة أنهم سيقفون بجانب طموحه للحفاظ على تاريخ بلدهم وتراثهم من الإندثار.
يستغل الظاهر كل الفرص لشراء كل ماهو اثري وبأي ثمن يطلبونه لكنه في بعض الأحيان لا يقدر على شراء بعض المقتنيات التي غالية الثمن, فهو يحاول أن يلفت المؤسسات والحكومة لمثل هذى الأمور, فبطموحه وتتطلعاته لعوني والدعم المادي من المؤسسات سنحافظ على تاريخنا الطويل من السرقات, فهو من سيثبت وجودنا من قديم الزمان على هذى الأرض.
وخلال حديث مع مدير دائرة حماية التراث في وزارة السياحة محمود البيراوي من عصيرة الشمالية يقول: "هناك نقاش داخل الوزارة يدور حول هذا المكان, فنحن نخطط لزيارته بأقرب وقت ممكن".
وينوه البيراوي: "يجب أن ينقل الموقع لمكان عام من أجل أن يستوعب هذا العدد من المقتنيات والوثائق التاريخية والأدوات القديمة", فهم يسعون لإيجاد حل جذري لما يحدث, لعرضها بالشكل المطلوب منه لتوثيق التاريخ الفلسطيني من جانب, وواجب وطني للحفاظ على تاريخ الشعب الفلسطيني من التنكيل والسرقة.
ورغم محاولات الاحتلال المستمرة لطمس التراث الفلسطيني, ونسب أغلب عاداتهم وتراثهم لدولة الإحتلال, إلا أن أمثال عوني الظاهر ما زالوا متمسكين بتراثهم القديم, يحاولون بكل قواهم توثيق التراث منتظرين من ينتشلها من البيوت الصغيرة لمتاحف عظيمة تستحقها.

 

 

.


 

تابعونا على فيسبوك
تصميم وتطوير: ماسترويب 2017