الرئيسية / الأخبار / فلسطين
يعبد عاصمة الفحم النباتي: صراع من اجل مواجهة الاندثار
تاريخ النشر: الأثنين 02/10/2017 21:31
يعبد عاصمة الفحم النباتي: صراع من اجل مواجهة الاندثار
يعبد عاصمة الفحم النباتي: صراع من اجل مواجهة الاندثار

كتبت شيماء عطا-اصداء
تعد بلدة يعبد من البلدات الفلسطينية المشهورة في شمال الضفة الغربية، لاحتضانها المفاحم والدخان العربي، ودورها في النضال الوطني منذ مطلع القرن السابق.
تقع البلدة على بعد 18 كم إلى الجنوب الغربي من جنين يصلها طريق يتفرع عن الطريق الرئيسي نابلس جنين فيها مجلس بلدي محلي يتبع محافظة جنين وتتبع لبلدية يعبد سبع قرى وأكبرها قرية عانين . يحدها من الشمال خطوط الهدنة عام 1948م، ومن الشرق قرية كفيرت ومن الجنوب فحمة وكفر راعي ومن الغرب زبدهوبرطعة. وتتربع على ربوة متوسطة الارتفاع عن سطح البحر 360م، وتبلغ المساحة العمرانية للقرية 2300 دونم، وتبلغ مساحة أراضيها حوالي 37800 دونم .
يُعاني أهالى الحي الغربي من البلدة من الانبعاثات الناجمة عن المفاحم والتي تعمل ليل نهار على تلويث الهواء ما يُسبّب مشاكل صحية حادّة ومزمنة كثيرة للمواطنين من كافة الفئات العمرية أهمّها: معاناة أغلبية أطفال الحي من أمراض الجهاز التنفسي بشكل عام بالإضافة الى ذلك فإن معظم الوفيات في الحي أصبحت بسبب السرطان.
ورغم سلبيات تك المفاحم الا انها من زاوية اخرى تعد من الايجابيات فهي تعد مصدر دخل للكثير من الشباب والعائلات في مدينة يعبد ’حيث أنخرط الكثير من الشبان والعاملين .
المفاحم موجودة في المكان منذ عشرات السنين ولكن آثارها ازدادت في السنوات العشر الأخيرة بسبب ازديادها عدداً وإنتاجاً، كما انها تركزت بالقرب من المناطق السكنية بعد منع جيش الاحتلال للإنتاج في المناطق البعيدة عن البلدة والتي تحد المستوطنات والطرق المؤدية اليها (حومش، دوتان، والطرق الواصلة الى مستوطنات ريحان وشكيت وحينانيت وميعامي وداخل الخط الاخضر).


وقدر رئيس بلدية يعبد سامر ابو بكر أن مساحة الارض المقامة عليها المفاحم ب 100 دونم على الاقل وعدد المفاحم غير ثابت (متفاوت) حسب الموسم ولكن لا يقل عن 100 مفحمه في ان واحد. وهي مهنة قديمة في البلدة
كانت مهنة المفاحم تمارس في الاماكن النائية في الغابه وأطراف القرية البعيدة ولكن بعد توسع القرية وإغلاق الحدود والطرق الاستيطانية ألمحيطة انحصرت وتجمعت في مساحة محددة في غرب البلدة وأصبحت المفاحم مشكلة صحية وبيئية حقيقية منذ الثمانينات ولكنها تفاقمت بعد التسعينيات عندما زادت اعدادها بشكل كبير بسبب زيادة عدد المستثمرين في المفاحم بعد حرب الخليج الاولى اذ ان هناك مستثمرين في المفاحم من خارج البلدة ومن اهل البلدة ويسكنون خارج البلاد.
ووفقا لاهالي البلدة فان التوسع في عدد المفاحم يعود الى : زيادة المبالغ المستثمرة والتجارة مربحة ومنع الانتاج بالقرب من الشوارع التي يستخدمها الجيش الاسرائيلي والمستوطنين. مما ادى الى ترحيل كل المفاحم الى منطقة غرب البلدة (شارع زبدة). ومتداد العمران واقترابه من المفاحم وذلك لان الامتداد الطبيعي للبلدة هو باتجاه الغرب لان هذه المنطقة تصنفA كما ان اسعار الاراضي فيها اقل من الاسعار في الجهة الشرقية، اذ ان الحارة الشرقية نظيفة من المفاحم ويسكنها بعض المستثمرين ذووي النفوذ. اما الجهات الاخرى من البلده فتصنف C ولا يسمح البناء في بعضها وأسعار الاراضي عالية في البعض الاخر.

وتقول السيدة( ام محمد)وهي من سكان الحي الغربي الموجود فيه المفاحم "هناك العديد من المشاكل التي تواجهنا من وجود المفاحم بالقرب من المنزل, واهم هذه المشاكل هي المشاكل الصحية فوجود المفاحم ورائحتها الخانقة يؤثر على قدرتنا على تنفس الهواء النقي وبالتالي الاصابة بالعديد من امراض الجهاز التنفسي، أن أثنان من أبنائي يعانون من أمراض بالجهاز التنفسي، .... أبنتي سارة 12 عام ’وأبني فراس 21 عاما. وأزداد الوضعي الصحي سوا لهم بسبب الفاحم فهم ,, فهم يضطرون الى اخذ كمية مضاعفة من الادوية نظرا لغياب البيئة الصحية والنقية، ومن المفروض ان يتحسن الوضع الصحي لهم بالتقليل من المفاحم ونقل اماكنهمالى اماكن بعيدة عن المنازل ,.
وتتابع ان وجود المفاحم يؤثر بشكل كبير على مجرى حياتنا اليومية,, فانا كربة منزل اضطر لمسح المنزل اكثر من مرة في اليوم الواحد ,, كما ان الملابس التي اقوم بنشرها خارجا تتعبق برائحة المفاحم فاغسلها مرة اخرى ,, وأردفت قائلة بصوت يعلوه شيء من الانزعاج ,, حتى اننا في كثير من الايام لا نستطيع النوم ليلا من شدة الرائحة الخانقة.

وتشكل "المفاحم" كما يقول كامل ابو شملة التي تنتشر بالمئات على امتداد الشارع الرئيس لبلدة يعبد، مصدر دخل رئيسياً ووحيداً لمئات العائلات التي تعتاش من هذا النوع من العمل الذي لا يقتصر العمل فيه على غير المتعلمين من المواطنين، وإنما يمتد ليشمل المئات من طلبة وخريجي الجامعات وحملة الشهادات العليا ممن عجزوا عن الحصول على فرص عمل سواء ضمن تخصصاتهم أو غيرها.
وأكد، أن تهديدات الاحتلال بإزالة هذه "المفاحم" من على وجه الأرض، لن يمس فقط العاملين في صناعة الفحم النباتي وعائلاتهم، وإنما سيطال العديد من قطاعات الحياة، بما فيها المقاهي والمطاعم التي تعتمد على الفحم النباتي في كثير من أشكال عملها، عدا عن نتائج هذا القرار الكارثية بالنسبة لآلاف العمال ممن يجهلون العمل في أية مهنة أخرى باستثناء تصنيع الفحم النباتي.
وقال أبو شملة إن صناعة الفحم النباتي تمر بثلاث مراحل؛ أولها تجميع كميات الحطب وتقطيعها لأحجام مختلفة، ومن ثم يتم نقلها إلى المفحمة، حيث يصار إلى ترتيبها بطريقة هندسية على شكل الهرم، يوضع عليه سلم من الحطب المقطع يستخدمه العاملون للتسلق إلى رأس الهرم.
وتابع، بعد ذلك، يتم وضع كمية من القش والتراب فوق الهرم، ومن ثم يلقي أحد العمال بداخله جمرة من نار لغرض الاشتعال، وبعدها يغلق فوهة الهرم بشكل محكم وتوضع فوقها كمية من التراب، في وضع يستمر لنحو 18 يوماً يستخرج العاملون بعد انتهائها الفحم النباتي.
وأكد، أن أصحاب منشآت تصنيع الفحم النباتي، يواجهون الكثير من الصعوبات أبرزها صعوبة تسويق الكميات التي ينتجونها في الأسواق الإسرائيلية التي تعتبر المستهلك الرئيس لهذه المنتجات، عدا عن ارتفاع رسوم عمليات النقل التي أصبحت تقتصر على الشاحنات الإسرائيلية، بعد إقامة الجدار، وما تتعرض له من عمليات اقتحام وتهديدات بإزالتها من على وجه الأرض.
ووفقا لما أكده أبو شملة، فإن تكلفة إحضار كميات الحطب اللازمة لعمل المفاحم، ارتفعت خلال السنوات الأخيرة بشكل خيالي، في وقت واجه فيه هذا النوع من الإنتاج، الكثير من الصعوبات على مدار عقود من الزمن، ولكن نجح الأهالي في التغلب عليها، حرصا منهم على الحفاظ على هذا النوع من الصناعة العريقة.

 

 

 

 

 

 

 

تابعونا على فيسبوك
تصميم وتطوير: ماسترويب 2017