جنين/ من حسن برهم
قطعٌ في النخاع الشوكي يقطع مسيرة حياته, دموعٌ تُحاطُ بها العينين حسرة على أبنائه الخمسة, يقعد في مسكنه كالطفل الصغير في بداية عمره عاجزٌ عن الحركة, ظلمٌ يقف في وجه المظلوم يسلب منه الحق تلو الآخر, صورةٌ رسمتها الحياة في جوفه دون أن تخبره أنها النهاية.
موفق برهم (أبو محمود) رجل أربعيني من سيريس قضاء جنين, صورة ارتسمت بمزيج من الفقر والعناء,فهو أب لخمسة أطفال, سقط من بناية قيد الانشاء مما أدت الى أصابته بشلل نصفي سببه قطع النخاع الشوكي
يقول أبو محمود " نقلت على أثرها الى مستشفى جنين الحكومي لليلة واحدة فقط, بسبب اصابتي الخطرة تم نقلي الى مستشفى رفيديا الحكومي في مدينة نابلس لمدة تجاوزت الثمانية أيام, وعلى أثرها خضتُ في غيبوبة لايامٍ عدة.
في ليلة عيد الاضحى من عام 2014 انتقل الى مستشفى بيت جالا الحكومي لاجراء عملية زرع بلاتين في العمود الفقري ومكث ثلاثون يوماً, فيما بعد أجريت عملية أخرى بعد فترة وجيزة تكلفتها ما يقارب 37 ألف شيقل.
صورة المعاناة ارتسمت في ان كلتا العمليتين بائو بالفشل, وعلى اثرهم نقل الى البيت لمدة 20 يوماً مكثهم في الحزن والالم على نفسة وعلى اولاده لعدم قدرته على سد حاجات اطفاله الاساسية من مأكل ومشرب وعلم.
في صباح اليوم الواحد والعشرين تم نقله الى مركر تأهيل خليل ابو ريا في مدينة رام الله لمدة ستة أشهر لعمل المساجات ولتعلم كيفية الاعتماد على النفس دون الحاجة الى مساعدة الآخرين, وتم عقد دورة أخرى لمجموعة من الشبان العاجزين عن الحركة لكن شرطها من لديه نسبة كبيرة في العجز ان لا يتلقاها ويذهب ويرقد في بيته وعلى أثرها تم نقله الى البيت بسبب نسبة العجر الكبيرة الموجودة لديه.

لجأ للعديد من الموسسات الحكومية في جنين منها الشؤون الاجتماعية ورفضت أن تقدم أي مساعده له الى يومنا هذا, وأيضا لجأ لجمعية الزكاة ساعدته في البداية حيث كانت في كل سنة من شهر رمضان ترسل له ولعائلتة خمسون ديناراً,ألا انها بعد فترة وجيزه رفضت المساعده, وفي نهاية المطاف لجأ لجمعية أصدقاء المريض وطلبت منه التوجه للهلال الاحمر ولم يقدم لهم أي مساعدة بعد المتابعة والعناء, فلم يبقى له وللعائلة أي جهة لتقديم الدعم أكان صحياً أم إقتصادياً أم معنوياً.
وأشار برهم ان جمعية الشبان المسيحية في جنين زارت بيته وعملت على ترميمه بشكلٍ يخدمه كشحص عاجز, فأصلحوا مدخل البيت بحيث يدخل الكرسي المتحرك بسهولة وعملوا على توسعة الحمام فكان ضيقاً ويعيق دخوله اليه لقضاء الحاجة وقدموا الدعم المعنوي والنفسي له ولعائلته الفقيرة.
يكمل برهم," الدكتور عماد عارضة مسؤول في جمعية الشبان المسحية ما زال الى هذا اليوم يزورنا في البيت ويتفقد احوالنا, وأقترح علينا بعض المشاريع الصغيرة حتى يضيف اسم العائلة ضمن الاشخاص الذين يحتاجون مشاريع ويرفع الطلب لقسم المشاريع في الجمعية للمساعده.

وحول إصابات العمل أوضح عبد الله كلاب نائب مدير عام الادارة العامة للتفتيش وحماية العمل في الضفة الغربية أن إصابات العمل في تزايد مستمر نتيجة نقص الوعي المهني لدى العمال وأصحاب العمل حيث بلغت منذ عام 2006 إلى 2011 إلى ما يقارب "611 " إصابة، ومنذ يناير الماضي وحتى نهاية أبريل 2012 سجلت "74 "إصابة ، مشيراً بأن 37% من مجمل هذه الحوادث قد تركزت في قطاع الإنشاءات.
وحول أسباب وقوع إصابات العمل بين كلاب أن المشكلة الرئيسية تكمن في عدم إتباع إجراءات السلامة والصحة المهنية المتعلقة بظروف العمل في الكثير من المنشآت الاقتصادية ، نتيجة نقص الوعي المهني في إجراءات السلامة لدى الكثير من العمال ، وعدم تعاون أصحاب العمل في توفير أدوات الوقاية والسلامة للعمال، وعدم التزام العمال باستخدام أدوات الوقاية الشخصية حال توفرها ، عدم تنظيم العمل في قطاع البناء والتشييد والارتفاع الملحوظ الذي شهدته في حركة الاعمار مع بداية عام 2016.
قدم الصحفي علي السمودي منسق حملة الأمل( وهي حملة من المساعدات يقدمها متبرعون للمحتاجين)كرسي كهربائي متحرك له اضافةالى بعض الادوية الصحية الخاصة التي يحتاجها باستمرار, ويضيفان بعض الادوية يشتريها على حسابه الخاص بالرغم من قلة حيلته لان وزارة الصحه في مدينة جنين لم تعترف به.
هكذا كانت تفاصيل الصورة، ولا زالت مستمرة وتتجدد ألوانها بطلعة شمس كل يوم، مختلطة بالقدم والحداثة، والتاريخ يكرر نفسه فيها كل يوم, فما كان في الأمس البعيد يتكرر كل يوم، ولا يوجد فيه فرق سوى الأداه والأشخاص الذين ينفذون دون تغيير في المتجمع أو حلٌ يذكر.
وهكذا ينتهي الحديث ولا تنتهي الصورة من التجدد، ولا حتى القصة تتوقف, ويستمر الكابوس الحقيقي مناديا كافة السبل والوسائل في تلك الصورة ومعنونا اسمه بالبنط العريض على تلك القصة المتجددة.