الرئيسية / مقالات
شكرا فايروس كورونا
تاريخ النشر: الأثنين 23/03/2020 14:23
شكرا فايروس كورونا
شكرا فايروس كورونا

شكرا لك أيها لمفترس الصغير ، شكرا لك لأنك كشفت ما كان مستورا ، كشفت أكذوبة الديموقراطية الغربية ، و كشفت نفاق المتحدثين عن حقوق الإنسان ، و كشفت ملامح الرأسمالية المتوحشة الخادعة للشعوب ، و كشفت وجه الإدارة الأمريكية القبيح ، و أظهرت تفكك هذه المجتمعات ، و كشفت البنيان المتآكل المسمى الإتحاد الأوروبي ، شكرا لأنك لطمت وجه البشرية فأيقظتها من غفلتها ، شكرا لأنك بدلت مفاهيم و أوضحت مفاهيم ، أظهرت أخلاق الصيني ينقذ نفسه بحكمة و إنسانية عالية التقدير ، و لا يقف هنا بل تمتد أياديه لإيطاليا و صربيا و غيرهما ، يرافقه الكوبي و الروسي ، في وقت يتخلى عنهم حلفائهم الأوروبي و الأمريكي !

لقد قتلت و فتكت و دمرت دولا و لم تترك أي صنف من البشرية لم تطاله أنيابك التي لا أعلم أين تخبئها في جسدك المتلاشي حتى الإنتهاء ، لقد أجرمت فينا جميعا ، شرقا و غربا شمالا و جنوبا ، أجرمت في كبيرنا و صغيرنا و ضربت في صميم دولا عظمى و شعوبا ضعيفة ، هزمت المستبد و المظلوم ، يا لقوتك ! لقد فرضت حظر التجوال على العالم و جعلت أسواقا عالمية تتهاوى ، و بورصات تغلق ، و اقتصاديات تنهار ، لقد منعت التواصل بين البشر ، و أغلقت المطارات ، و أغلقت الحدود فأسقطت العولمة ، و لم يعد العالم قرية صغيرة ، فمن أنت؟ أنت مجرم قاسي و لكنك واضح حرقت المسلمات و جعلت العالم يهذي عاجزا .

دعني أشكرك مرة أخرى و بقوة ، لأنك حققت المعجزة و فعلت ما لم نقدر عليه ، لقد وحدتنا نحن شعب فلسطين ، وحدتنا في مواجهتك ، فتلاشت الكراهية و انسجم الشعب مع الحكومة حتى أننا عشقنا منع التجوال الذي طالما نحت من أجسامنا و قوتنا و حريتنا ، نعم توطدت علاقاتنا و شعرنا أننا على مركب واحد فخفق قلبنا لبيت لحم ، و خفنا حتى الموت على غزة و أصبحنا نبات و نصحو نسأل عن بعضنا ، أحببنا أجهزتنا الصحية والأمنية و أحببنا الحكومة فتمترسنا حول التلفاز ننتظر رئيسها لينطقها و يأمر بحبسنا في البيوت ففرحنا ، أي حب و أي انسجام غير مسبوق هذا ؟!

أشكرك ، يا كوفيد التاسع عشر لأنك كشفت زيف دولة الإحتلال و ادعائتها بالتميز الإداري و الصحي و تفوقها و نمردتها و جبروتها ، لقد غاصت فيك و غصت فيها و امتاز الفلسطيني بالحكمة و سرعة القرار و التماسك الكامل ليواجهك ، فعاشت دولة الإحتلال ظروفا من المنع و الحصار فرضتها علينا كثيرا سابقا و لا تزال .

شكرا فقد جردت الرأسمالية و الإحتلال من ملابسهم فوقفوا أمام الجميع عاريين حتى بدون ورقة التوت فبانت سوائاتهما ، و مع ذلك فنحن لا نشعر بالشماتة أبدا ، بل منظورنا الإنساني دائما يقول نأسف لأي خسارة بشرية نتيجة للوباء و الكوارث و إن كان العالم الرأسمالي و الإستعماري يستفيد منهم و يستغلهم .

ستهزمك البشرية أيها الشيطان الوباء ، و سنهزمك نحن و ستعيش البشرية حياة مختلفة بعد أن زرتها ، ستسقط الأقنعة و تظهر الحقائق و تتغير المفاهيم بعد رحيلك ، و سيظهر جليا كذب بعض البشر و خداعهم ، سنصحو من الغفلة لنقول ، شكرا أيها السفاح المجرم الراحل .

سامر عنبتاوي
٢٣-٣-٢٠٢٠
 

 

تابعونا على فيسبوك
تصميم وتطوير: ماسترويب 2017